التهديد الأعلى للهوية الوطنية

الجمعة, 27 آذار/مارس 2015 20:09
قيم الموضوع
(0 أصوات)

-1-

بلادٌ تندلع تحت الجلد برحيق الكوابيس.. بلادٌ مكتظةٌ بلهفة الرصاص والبارود وغضب القتلى.. بلادٌ مصابةٌ بأرق المقابر وجنون الغرباء على أشجانهم المفقودة.

-2-

مؤلمة هي أخبار حصـد الــرؤوس من الجانبين، فيما تجلب الأسى على وطن يتدمر بيد أبنائه على هذا النحو الفظيع جداً.. إن البدهية التاريخية الأكثر من محسومة تؤكد بأن لا أحد ينتصر في الحروب الأهلية، ويكفي كل هذا الابتهاج الأبله بالخسارات الوطنية يا هؤلاء.

-3-

الحرب أحقر وأفظع وأشنع تجليات البشر على وجه الأرض.. إذا ما تقررت من قبل طرف، لا بد أن تجد الأطراف الأخرى نفسها في خضم استجلاباتها ومصائبها وشرورها التي لا تنتهي.

ثمة معتوهين يفلسفون الحرب كضرورة للأسف ويحرضون عليها، بينما الحرب هي العامل الأساس في تشكيل المستقبل غير السوي.. إنها تقضي على القانون والحب والتعايش وتحول الجميع بإرادتهم أو بغير إرادتهم إلى مجرد وحوش مرعبة.

إما أن تكون قاتلاً أو مقتولاً، ذلك ما تقرره الحرب، إنها الحيز الوحيد للأوغاد لتحقيق المكاسب والمصالح فقط.. إنها الذل والانكسار والهلع للأبرياء. وأما في الحروب الأهلية بالتأكيد لا ينتصر الشعب، يصير الشعب وقوداً لأغراضها الجهنمية ، إنها صدمة الشعب بنفسه، الأداة التي لا تمت إلى العقل بصلة، أمراضها النفسية بلا شفاء و أهوالها تلاحق الجميع، اغتيالات، اعتقالات، اختطافات، كمائن، تفجيرات انتحارية، مجازر، إنها التهديد الأعلى للهوية الوطنية، وبالتالي تصعب أكثر فأكثر عملية السلم والمصالحة، ثم في الحرب تلمع الكوابيس في منامات الشعب فقط، إذ لا مكان للأحلام الوطنية في الحرب أبداً.

-4-

كلما استذكرت الحرب أجدني في حضرة الشهيد جار الله عمر وهو يقول عن حرب 94م المشؤومة التي يُراد إعادتها بثوب آخر كما يبدو واضحاً اليوم للأسف: «هناك من يقول إن الحرب هي التي تعزز الوحدة وإنها الوسيلة الوحيدة للحفاظ عليها وليس بخافٍ مدى ما يترتب على تكريس عقيدة سياسية كهذه من سياسات وقيم وسلوكيات ضارة وغير توحيدية في شتى مناحي الحياة وانعكاسها سلباً على العلاقات والمصالح المتبادلة بين أفراد المجتمع (..) ولا يُنقص من وحدة اليمن شيئاً بل يعززها ذلك النوع من الاعتراف الشجاع بما لحق ببعض المحافظات الجنوبية وأبنائها من أضرار أكثر من غيرها ومعالجتها بروح جماعية وإعادة الاعتبار للطابع السلمي للوحدة، وأن التاريخ سوف يسجل ذلك بوصفه من الأعمال الوطنية الكبرى التي تعيد للوحدة الوطنية مكانتها في نفوس كل أبنائها وإزالة الإحساس بفكرة الغالب والمغلوب بين أبناء الوطن الواحد، ولعل المكابرة في نفي ذلك تندرج في سياسة مغالطة النفس والتملق لغرائز القوة..».

قراءة 1495 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « أكذوبة سقوط الضالع!* الوطنية الملاذ الاخير للأوغاد »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى