تعز .. الاستثمار بالدم مميز

  • الاشتراكي نت/ خاص - وسام محمد

الأحد, 28 أيار 2017 01:58
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مرت خمسة أيام حتى أمس الأول الجمعة 26 ايار/ مايو، منذ أن تصاعدت وتيرة المعارك، شرق مدينة تعز، لتخف وتيرتها يوم أمس مع دخول أول يوم من شهر رمضان، وذلك بعد أن تمكنت قوات الجيش من السيطرة على مبنى كلية الطب، ومبنى البنك المركزي وبعض المواقع المحيطة بمعسكر التشريفات والقصر الجمهوري.

 مع قصف عنيف شنته مليشيات الحوثي وصالح على الأحياء السكنية بمختلف أنواع الأسلحة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 17 شخص، وإصابة نحو 75، أغلب القتلى والجرحى من المدنيين.

قتل أيضا ثلاثة مصورين صحفيين دفعة واحدة، وأصيب أثنان آخران أحدهم بترت ساقه. وذلك عندما سقطت عليهم قذيفة أطلقتها المليشيات، أثناء ما كانوا يحاولون التقاط بعض الصور من مكان قريب من مناطق الاشتباك.

عاش سكان مدينة تعز أوقات عصيبة، أعادت توحيدهم من جديد بعد أن كانت مهاترات السياسة قد نجحت في صرف انتباههم عن خطورة المليشيات التي لا تزال تحاصر المدينة من ثلاثة اتجاهات.

دائما ما تلجأ قوات الحوثي وصالح، إلى الرد على تقدم المقاومة والجيش، بقصف الأحياء السكنية، فتكون حصيلة الجرائم المرتكبة بمثابة تذكير جديد بتلك الفكرة التي دعت الناس للقتال قبل أكثر من عامين، والتضحية بوهم السلام.

التوظيف

قبل نحو شهر خرجت قيادات في حزب المخلوع للحديث عما قالوا أنها "مبادرة مجتمعية لإحلال السلام في تعز" لاعتقادهم أن تعز قد أنهكت وحان الوقت لاستثمار هذا الإنهاك بعرض وهم السلام. لكن المبادرة قوبلت بسخرية واسعة، وعكست أي نوع من السياسة الرديئة يتعاطاها رجالات العهد البائد.

 وبعد أن منيت هذه المبادرة بفشل كبير، بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت وحملت صيغة خلط الأوراق، لم يتفاجأ سكان مدينة تعز بالجرائم الوحشية التي ترتكب بحقهم، لكنهم تفاجأوا بامتداد تلك المبادرة عن طريق الوحشية والتوظيف.

وكانت وسائل إعلامية تابعة للانقلابيين قد حاولت اختراق لحظات الصدق التي جمعت تعز من خلال إعادة الحديث عن جدوى المقاومة ومحاولة بتر مشهد تعز عن السياق الوطني والظرف الراهن للبلد.

يرى الباحث السياسي عبدالحفيظ حمدين، أن الحديث عن أخطاء المقاومة وفشل الأحزاب والفصائل في إدارة المدينة وإصلاح الاختلال حق مشروع، حتى وان حمل طابع المناكفة".

ثم يضيف "لكن توظيف جرائم ترتكبها قوات وصالح والحوثي للنيل من أطراف داخلية تقاوم إلى جانب فصائل متعددة، فهذا شيء أكبر من النقد ويتجاوز حدود المناكفة".  

ويؤكد حمدين أن هذه الجرائم، تأتي "في سياق العقاب المتعمد لتعز، أما تلك المبادرات وذلك التوظيف فيأتي ضمن سياق الاستثمار بالدم".

"التطنيش" المتعمد

من تعامل الحكومة الشرعية مع مآسي تعز ومعاناة سكانها، وهو تعامل ذو طابع "تطنيشي"، أصبح من الواضح في نظر مراقبين "أنها تقدم مساهمة مجانية في دعم أجندة المستثمرين بالدم، وهم من يهدفون في الأصل إلى تجريف الشرعية والقضاء على ما تبقى لها من رمزيتها".

أما المعاناة المعيشية التي يواجهها سكان محافظة تعز لا يبدو أنها سوف تنتهي قريبا. فكل الوعود التي أطلقتها الحكومة الشرعية حتى الآن، بتسليم رواتب الموظفين المتوقفة منذ 8 أشهر، لا تزال كما هي حبر على ورق، ومجرد حديث للإعلام.

ويؤكد هؤلاء المراقبون أن الحكومة الشرعية باتت تنتهج سياسة المعايير المزدوجة في تعاملها مع تعز، وكل التصريحات التي تتحدث عن صرف رواتب الموظفين، أصبحت بمثابة تلاعب بمشاعر الجياع من أبناء هذه المحافظة البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين نسمة، أغلبهم يقطنون في مناطق خاضعة للشرعية.

 ثمن الحرية

لمحافظة تعز خصوصيتها التي تثير رغبة الانتقام لدى كل الأطراف. فصالح يحقد عليها لأن الثورة في فبراير من العام 2011 تفجرت من شوارعها، لهذا لا يتوقف عن تحريض قواته وأنصاره ضد تعز كما يظهر في تسجيلات فيديو مسربة أو حتى في خطابات علنية.

 كذلك تحقد عليها جماعة الحوثي التي ظلت تعتقد أثناء استعدادها لشن الحرب على اليمنيين بالتحالف مع صالح، أن تعز ستقدم نفسها للجماعة هدية على طبق السلمية المعروف عنها، لكن ما حدث كان العكس تماما، لهذا فتحت معارك عدة في محيط مدينة تعز وفي أريافها، الأمر الذي خلف أعداد كبيرة من النازحين.

بالنسبة للحكومة الشرعية، فتعز لا يؤتمن جانبها. ومنذ توقف صرف الرواتب قبل 8 أشهر والمظاهرات لا تكاد تتوقف في شوارع المدينة.

وفي حال تم إنهاء إشكالية الرواتب، تعرف الحكومة، أن تعز ستجد سببا آخر لتحافظ على صوتها الرافض والإبقاء على حركة الجماهير فيها مشتعلة.

وهذا لم يعد مصدر خوف للحكومة الشرعية فقط، ولكنه أصبح يدخل ضمن حسابات أطراف سياسية تتواجد داخل مدينة تعز نفسها. ولعل هذا يفسر كيف أن هذه الأطراف لم تبذل جهدا حقيقيا على صعيد استعادة مؤسسات الدولة وتفعيلها، بعد أن كانت هذه المؤسسات قد انهارت تماما في الأشهر الأولى من الحرب ومن سيطرة قوات الحوثي وصالح على أجزاء واسعة من المدينة والتمترس داخل مباني هذه المؤسسات.

الجميع له حساباته المختلفة في تعز، بما في ذلك التحالف العربي الذي تقوده دولتا السعودية والإمارات والذي يفترض أن تدخله في اليمن لا يتعلق بالشئون الداخلية للبلد، لكن في تعز أصبح هذا التدخل يصل إلى مستوى شئون الحارات. وذلك من خلال دعم أطراف في المقاومة والجيش لتكون في مواجهة أطراف أخرى.

الكاتب ايمن نبيل يصف مشهد تعز الحالي بالقول: يجتمع فيها اليوم من الآلام ما يتفرق على اليمن كلها من تجويع وفوضى سلاح ومافيات وحصار وحرب وتقتيل وبطولات واستشراس واستماتة".

ثم يضيف في منشور على صفحته في فيس بوك "لكن، لا تموت الحواضر الكبيرة بسهولة.. رغم كل شيء".

قراءة 1403 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « مارب..مواجهات مع القاعدة في آل شبوان وتقدم ميداني للقوات الحكومية في صرواح تعز..غارات وجبهات مشتعلة تكبد المليشيات خسائر فادحة والأخيرة تنتقم بقصف وقنص المدنيين »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى