تجنيد الأطفال واشراكهم في الصراعات خطرٌ ينذر بجيل أكثر وحشية

  • الاشتراكي نت / خاص -تقرير / علي صالح الجرادي

الإثنين, 15 أيلول/سبتمبر 2014 18:27
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

في جغرافيا القبيلة المتوحشة؛ مألوفة هي مشاهد القتل والإبادة والتدمير التي تسببها الحروب والنزاعات المسلحة، وحيث لا صوت يعلو فوق أصوات البنادق يصبح الموت بالمجان دونما تمييز بين رجُلٍ أو امرأة صغيراً كان أو كبير، بل تساق الأرواح  الى ساحات القتال مفعمة بشهية القتل واشتمام روائح الدم . لتكمن حينها الخطورة في دخول آلاف الاطفال أتون تلك الحروب والصراعات التي يُجندون فيها قسراً من قبل سلطات قمعية وديكتاتورية  لا تعترف بحقوق الأطفال ولا يهمها دمهم المراق في معارك يدفع الأبرياء فيها وحدهم فاتورة تكلفتها الباهظة .

وعلى الرغم من تفشي ظاهرة مشاركة الاطفال الذين تقل أعمارهم عن 18عاماً في مناطق اشتعال الحروب والتي تتمدد بشكل كبير محليا واقليميا ودوليا خصوصاً في السنوات الماضية، إلا أننا نلمس عجزاً من قبل الجهات  المخولة بحماية هذه الفئة، والتي أكتفت  برفع  التقارير  والإحصائيات ليس إلا. فحسب الإحصائيات التي أصدرتها المفوضية الاوربية والتي تشير الى ان نحو 250ألفاً من الجنود الأطفال، تتراوح أعمارهم بين 11و18عاماً، يشاركون في المعارك التي تندلع في انحاء مختلفة من العالم؛ تأتي اليمن في مقدمة تلك الدول، فقد أشار تقرير دولي تم تقديمه للأمين العام للأمم المتحدة في منتصف 2013، الى أن أطراف الصراع المختلفة" الجيش النظامي، والقبائل المسلحة، وجماعة الحوثيين، وتنظيم القاعدة، وأنصار الشريعة"، تعمل على تجنيد الأطفال في المواجهات المسلحة. وكشف التقرير الدولي عن تفاقم ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن خصوصاً منذ اندلاع حركة الاحتجاجات والأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها البلاد منذ مطلع العام الماضي، حيث تم تجنيد واستخدام الأطفال من قبل الجيش المناصر للثورة الشبابية، فضلاً عن تجنيدهم ضمن الميليشيات القبلية المسلحة. في الوقت الذي  تشير فيه دراسات ٍميدانية  أجرتها منظمات حقوقية الى أن نسبة تجنيد الاطفال  في صفوف الحوثيين تصل الى 50% مقابل 40%لمجندين أطفال يقاتلون في صفوف القبائل والجيش والجماعات الدينية المسلحة.

ومع أن كثيرا من ُصناع النزاعات والحروب هم ضحايا أيضاً، فإن الضحايا الحقيقيين هم مجمل الذين يُساقون الى ساحاتها، والذين تدفع بهم القوى الى النيران وتصب عليهم لعناتها، بما فيهم الأطفال الذين لا يفهمون للنزاعات سبباً ولا يدركون لها مبرراً. وبرغم  من الإجراءات التي تتخذها الجهات المسؤولة مؤخراً لمنع تجنيد الاطفال  وتدابير حماية الطفولة؛ الا أن بروز الجماعات الارهابية  كمحرضٍ قوي لالتحاق الأطفال  في صفوفها واستخدامهم في تنفيذ عمليات إرهابية، مستغلين بذلك قصورهم العقلي وفقر عائلاتهم .

وعلى هذا فإن الاطفال ضحية للعنف والنزاعات المباشرة، حيث يلاقون الموت والإصابات والخوف والدمار بسبب المشاركة في الحروب والنزاعات المسلحة؛ كونهم من الضحايا الاكثر هشاشة والأسرع سقوطاً، حسب ما كشفته إحدى الدراسات الأوربية التي توصلت الى أن التجارب المروعة التي يخوضها الاطفال تُدمر وجودهم الداخلي حين يُسلبون الإحساس بالأمن والثقة بالنفس والاطمئنان الى الحياة برمتها. في الوقت الذي تُشكل الصراعات المسلحة صدمات لحياة المجتمعات، إذ يظهر الاطفال ضحايا لمواقف ليسوا أطرافاً فيها، خصوصا أن السنوات الأخيرة شهدت مصرع المئات من الاطفال، وإصابة أعداد أكبر بإعاقات خطرة ، وفصل أعداد أخرى عن أسرهم بسبب النزاعات المسلحة؛ حسب ما كشفته إحصائية حماية الأطفال بمنظمة اليونيسف في اليمن التي أكدت أنه تم التحقق من قتل وتشويه نحو 290 طفلاً خلال الفترة يوليو 2011م- مارس 2013م منها 79 حالة قتل لأطفال و210 تعرضوا للتشويه وأن نسبة القتل والتشويه بين الأولاد أعلى من الفتيات بسبب أن الأولاد أكثر تحركاً وتجنيداً وأن 90% من ضحايا الألغام من الأولاد ، متوقعة أن تصل نسبة الانتهاكات في صفوف الأطفال المجندين في الحروب الأخيرة التي دارت بين الحوثيين والسلفيين والقبائل المسلحة في عمران والجيش إلى 58% بالإضافة إلى استمرار تجنيد الأطفال من قبل القوات المسلحة والقبائل والحوثيين والقاعدة واستخدامهم في الصراعات والحروب. وهكذا، فإن النزاعات المسلحة تفعل فعلتها في أرواح أجساد الناس كبارا وأطفالا من الذين يجدون أنفسهم في ساحاتها، من دون أن تسلم  منها نفوس الاطفال الذين يتعرضون لخطر الموت.الأمر الذي يجعل من تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة كارثة تهدد صفاء ونقاوة الطفولة في اليمن، ولص خبيث يستغل أوضاع الأسر الاقتصادية ليحول أطفالها إلى وحوش ضارية. حيث يصبح لون الدم أقرب للطفل من علبة الألوان، والكلاشنكوف بدلا عن الألعاب، وساحة التدريب والمعسكرات تحل بدلا عن المدارس وتسرقهم من الحدائق والمتنزهات.

لتغدو ظاهرة تجنيد الأطفال واشراكهم في الصراعات والحروب خطرٌ يؤرق الوضع الاجتماعي الكهل في البلد ، وتنذر بجيل أكثر وحشية وقساوة على مجتمعه ومحيطه.

 

قراءة 1360 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « هادي يقول ان الجميع يتطلع لإنهاء الازمة القائمة مع الحوثيين هيئة مكافحة الفساد ترفع تقريرها الدوري الثاني للرئيس هادي ومجلس النواب »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى