يرتب بضاعته بحزن وسط أزمة خانقة مميز

  • الاشتراكي نت / صحيفة الثوري - محمد عبد الإله

الجمعة, 08 كانون1/ديسمبر 2023 19:43
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

في متجر صغيرة بصنعاء، يعود لحُقبة السبعينيات، يرتب أحد التجار الأقمشة التي تتكدّس منذ أشهر على الرفوف بسبب تراجع حركة البيع والشراء وسط تدهور معيشي واقتصادي كبير خلال الأشهر الماضية.

ويقول التاجر 39 عاما متحدثا للثوري في متجره المتهالك "لم يعد لدى المواطن المال ليشتري، ما يجعلنا نعاني حالة كساد".

وتابع تراجعت القدرة الشرائية للمواطن ـ بشكل كبير ـ خلال الأشهر الماضية، متسائلًا بأنه لا يعلم كيف سيتم دفع الإيجار لصاحب المحل نهاية الشهر الجاري.

ويعيش سكان صنعاء تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة في مدينة يقطن فيها أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون شخص معظمهم يعيشون تحت خط الفقر حسب تقديرات الأمم المتحدة.

رسوم وجبايات

في حي الصافية بصنعاء يشكو أحد مالكي الأفران من التسعيرة الجديدة التي فرضها الحوثيون على أصحاب المخابز موضحا أنه تكبد خسائر فادحة خلال الأشهر التسعة الماضية.

وقال صباح كل يوم يأتي فريق من مكتب التجارة في المديرية لغرض الوزن وإن حدث خطأ غير مقصود يتم عمل إشعار غرامته ثلاثين ألف ريال. وبعد مكتب التجارة والصناعة تأتي الصحة والبلدية.

وأرغم الوضع الاقتصادي المتدهور العديد من الأسر على التقشف في ظل أزمة غذاء وشيكة في بلد يعاني (ثلثا سكانه) الـ35 مليونا من الجوع الحاد.

تضخم وانهيار اقتصادي

الخبير الاقتصادي، غمدان دغيش، قال إن اليمن تصنف من ضمن الدول منخفضة الدخل ـ أي أن دخل ـ الفرد فيها منخفض، وبالكاد يغطي الفرد احتياجاته الأساسية. موضحًا أن نسبةً كبيرة من السكان يعشون تحت خط الفقر، وقد أثرت الأوضاع الحالية على هذا المستوى من الدخل المنخفض أصلا من ناحيتين كل منهما تعزز الأخرى. حيث تعيش البلاد حالة ما يعرف بظاهرة الركود التضخمي التي لم تكن متوقعه ما قبل سبعينيات القرن المنصرم حيث سادت فكرة المقايضة بين التشغيل المرتفع والتضخم، بمعنى أن حالة التضخم كانت تترافق مع حالة الانتعاش الاقتصادي وانخفاض مستويات البطالة، ولم يكن من المتوقع حدوث الظاهرتين معا.

وأكد غمدان دغيش، أن البلاد دخلت في حالة من الركود الاقتصادي الحاد (الكساد) والتي تعزى إلى اختلالات كبيرة في كل من سوقي السلع والخدمات وسوق النقود ففي سوق السلع والخدمات على سبيل المثال زادت جوانب التسربات على جوانب الحقن فمجموع الواردات والمدخرات والضرائب ـ التي تشكل مكونات التسرب في الاقتصاد أكبر من مجموع الصادرات والاستثمار والانفاق الحكومي الذي يشكل جوانب الإضافات في الاقتصاد وهذا الاختلال يزيد من حالة الركود الاقتصادي.

وأوضح بأن البلاد تعاني من أزمة سيولة كبيرة تشهدها، ليست ناتجة من انخفاض رصيد العملة كما قد يظن الكثير بل هي ناتجة عن انخفاض في العرض النقدي نفسه، مضيفا: العملة لا تشكل سوى نسبة بسيطة من العرض النقدي الذي تمثل النقود الائتمانية (نقود الودائع) نسبة كبيرة منه وكان حجم كبير من المعاملات الاقتصادية تتم من خلال هذا النوع من النقود، حيث أدت الاختلالات الى سحب العملة من الجهاز المصرفي الذي لديه القدرة على خلق النقود  إلى شركات الصرافة التي ليس لديها القدرة على خلق النقود، ما أدى إلى انخفاض حاد في العرض النقدي والذي بدوره ساهم في تعميق حالة الركود الاقتصادي الذي تعيشه البلد هذا من ناحية. ومن ناحيةً ثانية تتمثل بالتضخم الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية لما تبقى من الدخل مما جعله أكثر انخفاضا، وهناك أسباب عديدة أدت إلى التضخم إلا أن السبب الرئيس لمشكلة التضخم الحاصل تعزى إلى تدهور سعر الصرف مقابل الريال اليمني الذي كان له الأثر الكبير نظرا لاعتماد اليمن على نسبة كبيرة من استهلاكها على الخارج.

وأوعز ذلك إلى تدهور سعر الصرف الذي أدى إلى ضعف أداء السلطات النقدية الناتج من انقسامها وما ترتب عليه من ظهور سعري صرف لعملة واحدة.

وعانى اليمنيين على مدار عقود من حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من حروب وأزمات اقتصادية متلاحقة ناتجة عن سوء الإدارة، من جهة، وما شهدته البلاد من صراعًا مسلحًا على السلطة بين المتمردين الحوثيين، والقوات الحكومية، المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، منذ مايقارب التسع سنوات تسبب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة ومنظمات دولية.

ودفعت هذه الظروف القاسية اليمنيين إلى خيارات متعددة، فباتت شوارع صنعاء تعج بالمتسولين، واستجداء الأخرين، واصبحت الناس بأمس الحاجة للمساعدة، وحاجتهم تفوق قدرتهم.

ركود كامل

قال أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، محمد القحطاني، إن الحكومة لم تقم بأي خطوات لمعالجة التضخم الحاصل في السوق؛ نتيجة لسوء إدارة الاقتصاد الكلي، الذي يعاني من مشكلات حقيقية في المتغيرات الكلية، كالتضخم وسعر الصرف، ونمو إجمالي الناتج المحلي، وبالتالي فإن البطالة تشكل تحديًا كبيراً للدولة وأن الأخيرة لاتقوم بحل لهذه المشكلات.

وعن الحلول أوضح القحطاني، بأن يجب العمل على تطبيق حزمة من الإصلاحات أهمها توحيد سعر صرف الدولار الأمريكي، بحيث يكون هناك سعر واحد، وإلغاء كافة أسعار الصرف المعمول بها حاليا، وتعويم الدولار عند مستوى متوسط، وعدم صرف رواتب موظفي الدولة في الخارج بالدولار؛ والزامهم بالعودة إلى داخل البلاد، وتخفيض عدد السفارات والقنصليات والملحقيات العاملة في السلك الدبلوماسي اليمني ما سيؤدي إلى توفير مبالغ كبيرة للخزينة العامة.

وأضاف يجب على الحكومة إتخاذ خطوات لمواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية للدولة، وإصلاح مصافي عدن والعمل على رفع الطاقة الإنتاجية لمصاف مارب والتسريع بإنشاء مصافي في حضرموت، وإلغاء قرار تحرير المتاجرة بالمشتقات النفطية وتفعيل شركة النفط وفروعها بالمحافظات، بحيث تعود للعمل كما كانت قبل الحرب، ومواجهة تهريب العملات الأجنبية خارج إطار الجهاز المصرفي والحد من فوضى محلات الصرافة والتلاعب بأسعارها.

وفي السياق، قال محمد هايل وهو خريج في الاقتصاد بجامعة تعز، إنه يعيش حالة قلق شديد من تكلفة النقل الذي ينعكس في النهاية على أسعار المنتجات.

وأضاف محمد لم يكن الوضع مأساويًا في السابق كما هو الآن نظرًا للأزمة الاقتصادية وانهيار العملة وسوء إدارة الخدمات تراجعت التجارة الداخلية إلى مادون الـ 25%.

وتابع إن الوضع الاقتصادي في البلاد لم يعد يفرق بين غني وفقير، وأن الطبقة المتوسطة لم تعد موجودة.

وأكد أن سوء الوضع ونقص الحاجيات الأساسية لدى الناس، دفع جزء كبير منهم لشراء السكر والدقيق والأرز باليكلو أو لطلب المساعدة من المنظمات الدولية التي ليس بإمكانها تغطية حاجات مئات الآلاف من الأسر.

مستقبل ضبابي

بالرغم من نجاح الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة وانتهت أوائل تشرين الأوّل/أكتوبر توسّطت فيها الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2022، ـ دون أن يتوصّل أطراف النزاع إلى اتّفاق لتمديدها. لكنّ الوضع ظلّ هادئا نسبيا على الأرض ـ في خفض حدة الصراع المسلح، إلا أن الأزمة الإنسانية ما تزال تطحن أكثر ثلثي اليمنيين الذين يكافحون لتأمين لقمة العيش بعد ثماني سنوات من الحرب المستعرة.

 

قراءة 639 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « حقيقة التطبيع.. من السادات إلى محمد بن سلمان (١-٢) حرمل: الضغط لوقف الحرب هو الخيار الوحيد أمام مصر والأردن لمنع التهجير »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى