سياسة لا تطفىء الحروب

  • الاشتراكي نت / خالد عبدالهادي

الخميس, 20 تشرين2/نوفمبر 2014 15:50
قيم الموضوع
(0 أصوات)

على إيقاع الاغتيالات وهاجس الحرب التي تدق طبولها في منطقة جديدة, يسير المشهد السياسي الوطني بالوتيرة ذاتها التي تباطأت منذ انتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني قبل نحو عشرة أشهر.

وبدلاً من أن تخترق السياسية الصراع الدموي الذي يستمر محمولاً على جولات متتالية من الاحتراب والعنف الأهلي منذ 13 شهراً, قلب أمراء الحرب المعادلة وباتوا يوظفون السياسة لخدمة مشاريع العنف وشرعنة المكاسب المتحققة بواسطة قوة السلاح.

فعلى الرغم من أن اتفاق السلم والشراكة كان ضرورة ملحة لشراء السلام ووقف الحرب إلا أنه يظل مثالاً ساطعاً على المكاسب السياسية التي تفرضها الحرب لمصلحة المنتصرين, ومع ذلك إلا أن الحرب لم تتوقف بقدر ما تمددت وشملت محافظات لا تشكل رافعة للحسابات التي تتمظهر بها الحرب.

قبل أقل من أسبوعين, تشكلت الحكومة ومع هذه الخطوة في صميم السياسة غير أن المسار السياسي مازال مصمتاً وخفيض الصوت فيما يطغى صوت العنف ويملأ كل الفراغات التي انسحب منها العمل السياسي.

ففي الوقت الذي مازالت المواجهات المسلحة مستمرة بين جماعة الحوثيين وخليط من مقاتلي تنظيم القاعدة ورجال قبائل في رداع, بدأ قرع طبول الحرب في محافظة مارب حيث يحشد الحوثيون والقاعدة استعداداتهما للقتال.

وذكرت تقارير أن أنصار الله الحوثيين يحشدون قواتهم وآلياتهم الحربية على مدى أيام الأسبوع الماضي إلى منطقتي ماس في مديرية مجزر الواقعة بين محافظتي مارب والجوف والمحجزة التابعة لمديرية صرواح.

وسبق لمسلحي الجماعة أن سيطروا على معسكر للجيش في منطقة ماس قبل أيام وحولوه إلى مركز لتدريب مقاتليهم والاستعداد للقتال الذي من المحتمل أن ينشب مع مقاتلي تنظيم القاعدة الذين يتخذون من مارب ملاذاً لهم.

في المقابل, بثت قناة المسيرة التابعة للحوثيين تسجيلاً لقافلة كبيرة من السيارات التي تحمل مسلحين, وعلقت القناة بأن المسلحين ينتمون إلى تنظيم القاعدة ويستعدون للقتال.

لكن القبائل المحلية تقول إنها هي من تستعد لمواجهة الحوثيين وإن كانت تستعرض مقاتليها في منطقة نخلا الواقعة إلى الغرب من عاصمة المحافظة للتعبير عن جاهزيتها للمواجهة.

يكتسب القتال الذي يُخشى اندلاعه في مارب بعداً جديداً بسبب من طبيعة المحافظة النفطية التي تعني سيطرة الحوثيين عليها كما فعلوا في محافظات أخرى التحكم في جزء من معدل الإنتاج النفطي وشركة صافر النفطية كبرى الشركات النفطية في البلاد, فضلاً عن محطة الكهرباء الغازية.

وذكرت مصادر أن زعماء قبائل في مارب , يتواصلون مع رئاسة الجمهورية, هددوا بتدمير بنى الطاقة والنفط في حال حدث تواطؤ رسمي مع الحوثيين للسيطرة على المحافظة.

 ومارب واحدة من أكبر معاقل تنظيم القاعدة وأول منطقة اتخذها التنظيم المصنف على رأس لائحة المنظمات الإرهابية العالمية معقلاً له قبل نحو عقد ونصف, وفيها لقي زعيم التنظيم أبوعلي الحارثي مصرعه عام 2002 بغارة لطائرة أميركية بدون طيار.

ووقع العدد الأكبر من هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار في مارب, مستهدفة أعضاء التنظيم الذي ينشط في أوساط القبائل واستطاع استمالة عدد كبير من رجالها.

في سياق متصل, صرح قائد قوات الأمن الخاصة اللواء محمد منصور الغدراء أن تنظيم القاعدة قتل منذ مطلع العام الحالي 145 منتسباً من قوات الأمن الخاصة وأصابوا 458 آخرين.

ونقل موقع الإعلام الأمني الصادر عن وزارة الداخلية عن الغدراء قوله إن شهداء قوات الأمن الخاصة يتوزعون على المحافظات بواقع 30 في المكلا و26 في صنعاء و23 في شبوة و14 في البيضاء و12 في وادي حضرموت وصحرائها وسقط الباقون في محافظات أخرى.

على الرغم مما يشكله تنظيم القاعدة من خطر وما ينشره من إرهاب في أنحاء البلاد, إلا أن تخلي الدولة عن مهمتها في محاربة الإرهاب وإسنادها إلى جماعة الحوثيين لا يحل المشكلة بقدر ما يزيد من تنامي حدة الاستقطاب على أساس طائفي.

وفي هذا الإطار, وصف الرئيس عبدربه منصور هادي الحوثيين بالشركاء قائلاً إن الشراكة الوطنية مسألة ضرورية وملحة لاستقرار اليمن وأمنه.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) عن هادي خلال ترأسه اجتماعاً استثنائياً لقادة وزارة الدفاع قوله إن أنصار الله هم اليوم شركاء ولا بد من العمل من أجل تطبيع الأوضاع, لكنه مع ذلك تمنى ألا تتوسع الجماعة "لتجنب إراقة الدماء واحتمالات اكتساب الطابع المذهبي".

ووجد جناح الرئيس السابق علي عبدالله صالح في المؤتمر الشعبي العام في حديث هادي دليلاً لاتهامه بالتآمر مع الحوثيين رداً على الاتهام الموجه لصالح بالتحالف مع الجماعة المسلحة.

ونسبت وكالة خبر القريبة من صالح إلى مصدر في المؤتمر قوله إن "الدلائل والتصريحات كلها توضح أنهم (الحوثيون) أسقطوا حاشد والخمري ومحافظة عمران، وبعدها محافظة صنعاء وأمانة العاصمة، وبعض المحافظات بمساعدة وتواطؤ من الرئيس هادي ووزير دفاعه السابق محمد ناصر".

يأتي هذا التصريح في سياق الصراع بين الرئيس عبدربه منصور هادي وسلفه علي صالح ويشير على المدى الذي وصل إليه الصراع بعد أيام قليلة من عقد الأخير اجتماعاً لمواليه من أعضاء اللجنة الدائمة للمؤتمر والإطاحة بهادي من منصب الأمين العام وهو القرار الذي لا يبدو أن الرئيس رضخ له كما يتضح من مذكراته إلى المصارف التي يستثمر فيها المؤتمر أمواله.

بالتوازي مع المشهد المحترب, تتواصل حوادث الاغتيال السياسي مما يزيد الوضع تعقيداً وخطورة.

فقد اغتيل صباح الثلاثاء الأمين المساعد لمكتب التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة تعز صادق منصور الحيدري بتفجير عبوة زرعها مجهولون في سيارته.

الحيدري المولود في منطقة مذيخرة بمحافظة إب كان من ابرز رموز سياسة التقارب والاعتدال ولعب دوراً نافذاً خلال الأسابيع الماضية في تأطير موقف موحد للتعامل مع محاولة أنصار الله الحوثيين الانتشار داخل مدينة تعز.

وأوضح نشطاء يتابعون الواقعة أن مسلحين على متن سيارة استوقفوا منصور الذي كان يقود سيارته في منطقة المسبح وطلبوا إليه الترجل للسلام عليه, وحين ترجل ألصق واحد منهم العبوة بباب سيارته فانفجرت لدى عودته إلى مقعده.

وصرح مدير الشرطة في تعز العميد مطهر الشعيبي بعد ساعات من الواقعة أن الشرطة ضبطت مشتبهاً بهم في اغتيال منصور.

ونقل المركز الإعلامي لمحافظة تعز عن الشعيبي أن الأجهزة الأمنية تحقق مع عدد من المشتبه بهم في الحادثة.

وأضاف: تم تشكيل لجنة للتحقيق بناء على توجيهات قيادة السلطة المحلية بالمحافظة برئاسة وكيل المحافظة أنس النهاري وعضوية نائب مدير عام الشرطة العقيد عبد الحليم الأشول والبحث الجنائي والأمن السياسي والقومي والاستخبارات العسكرية.

قوبل اغتيال القيادي الإصلاحي بتنديد واسع واتفاق على أن الجريمة تهدف إلى نقل العنف الأهلي إلى محافظة تعز.

وعدًت احزاب اللقاء المشترك الواقعة جريمة اغتيال سياسي مكتمل الأركان, قائلة إنه يهدف لتقويض السلم الأهلي في البلاد وإشاعة الرعب والفوضى وخلط الأوراق.

وإذ دعا المشترك شركاء العمل السياسي إلى عدم الانجرار إلى العنف وتفويت الفرصة على تجار الحروب, دعا الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى القيام بواجبها الوطني والدستوري في تعقب الجناة وتقديمهم إلى العدالة وكشف المتورطين في الجريمة.

من جهتها أدانت سفارة الولايات المتحدة الأميركية بصنعاء اغتيال منصور بشدة.

وقال بيان للسفارة تلقت "الثوري" نسخة منه "الاغتيالات السياسية تغرس الخوف وتزيد من حالة عدم الاستقرار كما أنها لا تخدم مصالح اليمن والشعب اليمني, وندعو كل الأطراف إلى نبذ العنف كوسيلة لممارسة النفوذ السياسي والتعبير عن القناعات الأيديولوجية".

وأضاف: لن يحل العنف غير المجدي  التحديات التي يواجهها اليمن ويجب أن يتوقف هذا العنف فوراً ليتسنى لجميع اليمنيين العمل معاً لما فيه مصلحة بلادهم.

وأدان أنصار الله الحادثة, قائلين إنها ضمن سياق منظم لعرقلة العملية السياسية ومحاولة لخلط الأوراق وإغراق البلاد في الفوضى والصراعات.

ورأى مكتب الإصلاح في تعز الحادثة استهدافاً لأمن المحافظة والسلم الاجتماعي.

من ناحيته, قال حزب الرشاد في تعز إن اغتيال منصور يجيء في سياق حالة من الفوضى والاضطراب يسعى إليها بعض القوى.

وقال التنظيم الناصري بتعز إن استهداف "رجل السلم والحوار" صادق منصور هو ضرب للسلم الأهلي ونسف للتوافق الاجتماعي ومحاولة لجر المحافظة إلى العنف من بوابة الاغتيالات السياسية.

 يجيء اغتيال منصور بعد أسبوعين من اغتيال السياسي البارز محمد عبدالملك المتوكل في صنعاء وكلاهما يجمعهما قاسم الاعتدال والانحياز إلى سياسة التقارب.

 

 

 

 

 

 

قراءة 835 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « المنتخب الوطني يكمل مشواره الخليجي بنقطتين الاشتراكي يكرم أروى عبده عثمان »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى