وماذا بعد عاصفة الحزم ؟!

الثلاثاء, 31 آذار/مارس 2015 18:45
قيم الموضوع
(0 أصوات)

التبريرات السياسية للعمليات العسكرية التي تقوم بها السعودية، وتسع دول اخرى في اليمن (عاصفة الحزم) هل  قرأت بنضج عقلي، ما الذي يمكن ان يترتب علي فعل مثل هذا، من تدمير للبنية التحتية الهشة في البلاد!؟ كون الضربات الجوية ولاعتبارات كثيرة، لن تكتفي بتدمير البنية العسكرية المسلحة للجيش اليمني، والذي باتت تتحكم بمصائره  الميليشيا ونزعة صالح الانتقامية، اذ ستنتقل بالضرورة الى البنى الاخرى التي سيتمترس فيها (المستهدفون) والتي سينجم عنها بالضرورة ايضاً سقوط ضحايا من المدنيين ـ كما حصل بالقرب من قاعدة الديلمي الجوية فجر الخميس. والأنكي سيكون فيما سيترتب على كل ذلك، من وضع اقتصادي ومعيشي بالغ الخطورة للسكان، في  واحدة من اشد البلدان فقراً في العالم .

 العمليات لن تكون خاطفة وسريعة وحاسمة ،خصوصا اذا ما استطاع الطرف المستهدف (الحوثيين وصالح) امتصاص اكثرها مباغتة ومفاجأة، وتحويلها الى اعمال فوضى شاملة، كما بدأت بوادرها تظهر في مدن الجنوب وعدن تحديدا ،في ظل غياب تام لمؤسسات الدولة. الفراغ الناشئ عن هذا الغياب ستشغره جماعات العنف والفوضى، بلبوسها المختلفة (دينية وجهوية) وستتحكم بمصائر المواطنين العزل، في كل الجغرافيا التي يلفها الفراغ واليأس .

ستتعالى ـ ان طالت هذه العمليات العسكرية ـ الاصوات العدائية التي ستنتجها الحساسيات المناطقية الكامنة، وستوجه الى عمق النسيج الوطني الاكثر هشاشة ،و التي بدأت  للأسف تجد تنفيساتها هي الاخرى في مربعات الحالة الملتبسة هذه.

لا يختلف اثنان في ان المغامرات المجنونة للميليشات،  وفائض القوة التي تسبح خارج وعاء السياسة ،والرخاوة التي اعطبت جسم العملية الانتقالية ورأس السلطة الضعيف،  والحوارات العقيمة، هي التي اوصلتنا مجتمعة الى هذا الحال السديمي  المزري.

اما التعويل على بقاء اليمن معافى ،غير مفكك بعد هذه العمليات الخرقاء، من خلال انتاج معادلة سياسية جديدة على الارض، بواسطة انتاج نظام قوي يراعي مسألة الشراكة في السلطة والثروة، اظنه حلم جميل  نتمناه جميعاً ،لكن الخبرة التاريخية تقول ان (الجارة) على الدوام، تسعى لتفخيخنا بنظام سياسي هش وتابع لها غير ممسك بالقرار السيادي، وان الذي حكم تحركها في هذه العملية،  ليس الحفاظ على  تماسك البلاد عدم انزلاقها الى  الفوضى ودعم الرئيس الشرعي، وانما قطع الطريق على التمدد الايراني في خاصرتها الجنوبية الرخوة، وفي الممرات الاستراتيجية في البجر الاحمر وخليج عدن ،التي اعتبرت في المناورات التي نفذها الحوثيون  بالأسلحة الثقيلة  في حدوده الجنوبية خلال الايام الماضية ومحاولاتهم  الكثيرة السيطرة على باب المندب ، رسالة شديدة الوضوح لها ولأمنها القومي ومصالحها مع شركائها، كما اوضحت في تبريراتها لاحقاً  هي ودول التحالف العشري، في عملياتهم الواسعة ،التي بدأت وبشكل مباغت ومفاجئ منذ منتصف ليل الخميس26 مارس .

قلنا  في اكثر من موضع، مثلما عمل  التحالف (الصالحوثي) على التنفيس على المركز المقدس (العاصمة صنعاء) ،المحاصر سياسياً والمخنوق اقتصادياً بنقل الحرب الى مدن الوسط والجنوب  (تعز ،لحج ،الضالع ،عدن ) خلال الايام القليلة الماضية،  سيعمل ذات التحالف مع هذه العمليات ـ ان طال امدها وبدون حسم واضح ـ  على نقل المعارك الى الخواصر الرخوة في الحدود الجنوبية للسعودية (الأراضي اليمنية المحتلة) مستغلين المزاج الشعبي الكاره للسياسات التدميرية التي مارستها الجارة  بحق هذا الشعب الفقير خلال عقود طويلة، لان (هذا التحالف) ليس لديه ما يخسره  اصلاً فهو من وجهة النظر الدولية جماعة متمردة ومعرقلين للتسوية ،ونقل المعركة الى الاراضي السعودية ستتيح له ـ أي التحالف ـ  تسوية ملعب حديد للمناورة وحتى الابتزاز.

 اخيراً مثل هذا الفعل ان طال، سوف يستدعي قيام تحالف اقليمي جديد، ستتصدره ايران  وحلفائها في المنطقة،  وربما تحول اليمن الى حالة (سورية) جديدة، في اهم منطقة استراتيجية في جنوب الجزيرة العربية ،وقودها ومشغلاتها على الارض مكتملة ،فمن المخزون المهول للأسلحة الى انتشار جماعات العنف والتطرف،  وتحول الميليشيات (في الشمال والجنوب)الى بديل لسلطة الدولة والاهم (والمسكوت عنه)  قوة وصلابة المشغلات الطائفية، التي توجه بعناية لضرب التعايش المذهبي .

لهذه الاسباب مجتمعة، نقول لا للحرب .. نعم للسلام ،الذي مدخله الطبيعي الحوار الوطني، على قاعدة الشراكة الفعلية والحقيقية، التي تصون للجميع شمالاً وجنوباً حقوقهم بما فيه حق تقرير المصير.

نعم  للعمل من اجل تحويل جماعات العنف المسلح، من مليشيات بفائض قوة، تعاضمت بفعل هشاشة الدولة ورخاوتها  وغياب الفعل المدني في المجتمع  وكساح النخب ،الى احزاب سياسية  ببرامج (ارضية ) وقيادات غير مقدسة،  تُعلي من شأن المواطنة، وتبني دولة ممسكة بقرارها السيادي الذي يرتضيه جميع المنتمين اليها. 

قراءة 2116 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « عدن تقاوم !. . . عدن تستغيث! من دمَّر الجيش؟ »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى