المشكلة اليمنية وعبثية الحلول المجزئة

الأربعاء, 16 تشرين2/نوفمبر 2022 00:01 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مضى أكثر من شهر، دون أن تحرز مفاوضات تجديد الهدنة في اليمن، أي تقدم يذكر، في إصرار من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على المضي بمسار الحلول الجزئية التي تكرس استمرار الوضع القائم، بعيدا عن الدفع نحو حوار بناء تشارك فيه كل القوى والمكونات، حول الحل الشامل لكافة مشاكل اليمن.

إن الحل السياسي الشامل، هو وحده الكفيل بإعادة صرف مرتبات الموظفين وفتح المطارات والموانئ والطرق، وضبط الإيرادات بأوعيتها الحقيقية، ولن تفضي الحلول المجزئة إلى تفاقم المشاكل وتناسلها، ففي كل منعطف تبرز جملة من المشاكل تعقد لها جلسات مفاوضات وحوارات وتواصلات دولية وإقليمية ومحلية، وخوض نقاشات عبثية تعيد الأمور في كل مرة إلى نقطة البداية، في ظل وضع إنساني متفاقم وانهيار اقتصادي أثقل كاهل المواطنين.

فلو جرى دفع هذه الجهود، خلال الفترات الماضية، نحو حوار لحل المشكلة اليمنية ككل، لكان قد أنجز الكثير، وهنا أجدها فرصة للدعوة إلى المضي بمسار الحل الشامل والتحلي بروح السلام الذي لا يصنعه إلا الشجعان، وتقديم التنازلات في صالح الشعب الذي انهكته الحرب، والمتطلع إلى بناء الدولة المدنية العادلة، التي تكفل كافة حقوقه.

فلا يعقل، أن لا نجد في هذا البلد الممزق بالحرب والصراعات، وانهيار بناه الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتوسع الانقسامات، من لا يلتفت إلى معاناة المواطنين اليومية. ما نحتاجه اليوم، هو النظر إلى ما حولنا بروح وطنية وبمسؤولية أخلاقية تحتم علينا ذلك، فمالم نكون بمستوى هذه البلاد وتاريخها وشعبها، لن يرحمنا التاريخ. ولعلي هنا أخاطب من يدركون ما يجب عليهم أن يفعلوه تجاه بلدهم وشعبهم، وإلا لن يكونوا أفضل من سابقيهم، الذين عرقلوا مسارات بناء الدولة الوطنية، وراكموا لنا كل هذا الخراب الذي نعيشه اليوم.

إن مشكلتنا الحقيقية، تكمن في إدارة الدولة، التي من المفترض أن تكون بعيدا عن الاستحواذ والهيمنة ومراكز النفوذ وتقاسم السلطة والثروة، التي سادت على مدى عقود؛ كما أن مصلحتنا الحقيقية هي في إدارة هذا البلد بالتوافق والشراكة الحقيقية التي حتما ستقودنا إلى بناء دولتنا الوطنية، والتأسيس لمستقبل مشرق للأجيال القادمة. فهل حان الوقت، لاستبدال الصراع المسلح على السلطة والثروة، بالحوار والشراكة في إدارتهما والتوزيع العادل لهما، في إطار دولة تحتكر القوة، يحدد الشعب طبيعتها وشكلها كونه مالكها الحقيقي، بعيدا عن التدخلات والهيمنة عليه.

لم يعد اليوم متاح أمامنا غير طريق واحد، نحو المستقبل، لنتجاوز كل ما يفرقنا ونركز على بناء وطننا بالاعتماد على مواردنا وقدراتنا أولا ومساعدة الإقليم والعالم من حولنا، فلا يعيق ذلك، سوى الاستمرار في ما يفرقنا ويعمق انقساماتنا الحاصلة؛ حيث لن نستطيع لم لحمتنا الوطنية كلما تأخر الوقت علينا.

ما نريده، بناء دوله، يكون مشروعها اليمن الكبير، وإعادة الاعتبار للشعب، عبر المضي بمصالحة وطنية تحقق العدالة وتجبر الضرر، جراء ما لحقت به من كوارث الماضي والحاضر وإقفال أبواب الصراع إلى الأبد، فلم يعد بمقدورنا المضي إلى مآلات أكثر كارثية، ولنصنع انتصارنا الحقيقي اليوم بإنهاء هذا الصراع المدمر، فالأمر ليس بتلك الصعوبة، ما نحتاجه إرادة سياسية، والعودة إلى مخرجات الحوار الوطني، والتعامل مع القضية الجنوبية بأنها مفتاح الحل الشامل للمشكلة اليمنية ككل، والمضي بمرحلة انتقالية يتوافق الجميع على إدارتها بإشراف أممي ودولي، حتى الوصول إلى تسليم السلطة للشعب، فهو المخول الوحيد بمنحها لمن يرى فيه الثقة للمضي إلى المستقبل المنشود.

فهل يمكننا الآن الذهاب إلى حوار صادق وجاد، مبني على الشعور الناظر للمستقبل، وبمصلحة كل اليمن، لحل القضية الجنوبية، والقضية اليمنية بشكل عام.. نعم للسلام ولا وألف لا للحروب.

*محمد راكان هو عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني.

قراءة 2378 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 16 تشرين2/نوفمبر 2022 00:18

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة