لأبو خالد حضوره الكثيف الذي لا يمكن أن يغيب برحيله، رغم مرور ثلاث سنوات من غيابه، إنه حضور بروح المقاومة، وذكرى بنكهة الإصرار التي تميز بهما كصاحب إرادة وعزيمة قل نظيرها.
عرفته وقد رسم هرم الزمن تقاسيمه على ملامح وجهه وأثقل جسمه بعثرات السنين التي أتعبت قلبه الكبير.
التمست عن قرب كيف استطاع أن يقاوم أوجاعه و يعيش بعشره بالمئة من قلبه بكل شموخ واباء وبعزة نفس، ليبقى هذا الجزء من قلبه كبيرًا بحجم ما يحمله من أحلام تشبث بها منذ أن استن الخوض في غمار المعترك الوطني الذي تشرب قيمه في مرحلة مبكرة وهو يصاحب والده وأعمامه.. بداية من مسقط راسه في ملاح رداع، وصولًا إلى السودان حتى أكمل تعليمه الأساسي والإعدادي، ليعود منها مع انبلاج ثورة السادس و العشرين من سبتمبر وليكون من أوائل الملتحقين في صفوف مناضليها، لمواصلة العمل والالتحاق بكلية الشرطة ثم الدفاع عنها وعن ثورة الرابع عشر من اكتوبر.
لقد كان للراحل أدواره المشهودة التي احتفظ بها أقرانه وسجلها بعضهم في سير حياتهم أو بالحديث عنه.
لم تثنه ضرورات الأيام ولا مغرياتها كما لم تسحبه المتغيرات بعيدًا عن وجهته الوطنية أو تعطل من دوره الفاعل أو نشاطه السياسي في الحزب الذي ينتمي إليه أو الدولة بمختلف المواقع و المناصب التي تقلدها و بقي على عهده مجسدًا مواقفه المسؤولة بالإلتزام الأخلاقي بالمبادئ والقيم التي آمن بها وكافح لأجلها.
من اقترب منه في أواخر سنوات حياته وجد فيه الأنفة والاعتزاز بكل ما قدمه خلال مشواره النضالي والشجاعة في سرد ما مضى من الأحداث بما له وما عليه، وكيف كان يحرص بتقييماته المسؤولة لتناول بعض الأخطاء أو التجاوزات لبيان الحقيقة وجعل ذلك مثالاً للإعتبار و تجنب التكرار .
وبكونه قد خبر الحياة وخبرته فقد كانت له بصيرة في قراءة الأحداث برؤية شاملة يضع في سياقها تقديراته للتعامل معها بواقعية مطلقة بطريقة تعكس عمق التجربة وحكمة الخبرة و المعرفة .
رحم الله الاستاذ والمناضل الكبير أحمد علي السلامي وأسكنه فسيح جناته .