الاشتراكي مع النقد وإعادة البناء بعيداً عن الشخصنة

السبت, 12 نيسان/أبريل 2014 18:53
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

الحزب الاشتراكي اليمني كعنقاء اليمامة يتجدد وينبعث من بين الرماد فقد وجهت له الضربات المتتالية بأشكال متعددة كانت أقواها وأعنفها وأقساها حرب صيف 94م التي أراد مخططوها ومفجروها أن يجتثوه كحزب وفكر ووجود من أرض اليمن لتخلوا لهم خالصة يعبثون بها وبثرواتها ويستعبدون ناسها لكنهم فشلوا وشربوا من كأس الإزاحة والإقصاء التدمير الذي جرعوه للحزب الاشتراكي اليمني وكوارده بقوة الحديد والنار ومصادرة الأموال والمقررات ومحاولة التفريخ والتشظي. 

في كل مرة كان يتصدر الحزب الاشتراكي اليمني عمليات التغيير الجوهري في المجتمع بمضمون اجتماعي وسياسي وثقافي واضح المعالم ينحاز فيه للشعب والدولة الوطنية والهوية الجامعة ويقف في توجهاته ومشروعه بوضوح مع العدالة الاجتماعية والحرية والمواطنة المتساوية ودولة النظام والقانون كانت تقف ضده بشراسة قوى متعددة متناقضة يجمعها مشروعها الخاص المرتكز على اللادولة واللاثورة واللانظام واللاقانون.

لست هنا بحاجة إلى إعادة سرد الوقائع والأحداث فالتأمر ضد خيارات الاشتراكي الوطنية لازمته منذ النشأة فكان التأمر والحصار ثم الحروب والإقصاء ومحاولة التطويع والترويض تأخذ شكل إفراغ مضمون وفعالية توجهات الحزب بأشكال متعددة من داخله ومن خارجه لكنه اثبت أنه حزب عصي على التطويع والترويض والتجيير والاحتواء والتسيير في فلك غير فلكه الذي تختاره وترتضيه هيئاته الحزبية.

في كل مرة تعرض فيها الحزب الاشتراكي  اليمني لترويض واحتواء ومحاولات تفريخ وتشطي وإنقسام وحتى لهجمات وحروب  كانت قيادته وكوادره المجربة تلجأ إلى هيئات الحزب ونظامه الداخلي وديمقراطيته الحزبية التي اشتهر بها فتتكسر كل المحاولات والهجمات مهما كانت عنيفة ومؤلمة ومدمرة كحرب صيف 94م  على صخرة هيئات الحزب ونظامه الداخلي وديمقراطيته الحزبية المشهود لها.

وغالباً ما تشهد التحضيرات لمؤتمرات الحزب والكونفرنسات جدلاً صاخباً قبلها وأثنائها يكاد المتابع من خارج الحزب أن يتكهن بالصدام والتلاشي إن لم يكن الإنقسام والتشطي وفي كل مرة يخرج الحزب الاشتراكي اليمني منتصراً ولو بالحد الأدنى.

وفي مرات عديدة وصل الجدل والصخب ذروته وانحدر نحو هاوية سحيقة كان ذلك يوم أن كان للسلاح مفعوله وللحكم سطوته أما اليوم فقد انحاز الحزب الاشتراكي اليمني نحو التمدن والسلمية والديمقراطية وجدل وصخب الأفكار والرؤى وله تجاربه العلنية المشهود لها.

فقد تميز الحزب الاشتراكي اليمني بممارسة ديمقراطية عبر هيئاته الحزبية جعلت المتابعون يصفونها  بأنها تفوق كل التجارب الحزبية اليمنية بتعبير الكاتب الصحفي سامي غالب ومن باب التذكير فقط  فقد  حسم الاشتراكي اختلاف قيادته وأعضائه في أدق المراحل عبر آليات الديمقراطية في هيئاته ومؤتمراته  ففي 1997م صوتت أغلبية لجنته المركزية ضد المشاركة في الانتخابات فالتزمت الأقلية بالقرار وشاركت في تنفيذه  وعندما ثبت أن ذلك القرار كانت له أثار سلبية عادت هيئات الحزب لاتخاذ قرار المشاركة في انتخابات 1999 بأغلبية.

 والاشتراكي والبلد عموماً اليوم أمام مرحلة تحول كبرى والصراع يشتد حول مضمونها والقوى الرافضة للتغيير بمضمون يخدم غالبية اليمنيين تريد شل فعالية القوى المدنية التي تناضل من اجل تغيير بمضمون اجتماعي وطني مدني ديمقراطي وفي صدارة هذه القوى الحزب الاشتراكي اليمني.

ومن تجارب الاشتراكيون مهما أخذ الجدل يشتد وأرتفع صخب تداول الرؤى والأفكار وبرزت التباينات والاختلافات وجرى ممارسة العلنية في النقاش والنقد  في الأخير تحتكم قيادات وقواعد  الحزب إلى  الهيئات وتتصارع الأقلية لقرارات الأغلبية، فلا قلق مما يتم تداوله وإن جاء من داخل الحزب فهذه طبيعة الاشتراكيون  يتناقشون ويختلفون لكنهم  يتمسكون بالتقاليد الحزبية ووثائق الحزب.

ومما يؤخذ على الاشتراكي أن عملية تجديد القيادة توقفت فيه منذ فترة وهو اليوم بحاجة إلى عملية ديمقراطية نشطه تسمح بوصول الشباب فيه إلى مواقع اتخاذ القرار وبالتالي فإن الإسراع في التحضيرات لعقد المجلس الحزبي الوطني بات ضرورياً وهاماً وهو ما سيفشل إي محاولات أو رهانات  على إرباك الاشتراكي  خوفاً منه كقوة صاعدة تلتف حولها الجماهير أو تحيير موقفه لصالح أفراد هم زائلون بمفهوم العمل الجماعي وقيادة المؤسسات.

وتلتقي وتتفق  أطراف وتحالفات حول نقطة إعاقة الاشتراكي من ممارسة نشاطه تحت وهم  الاستيلاء على مواقع قوته وتواجده بالترهيب والترغيب أو بالضم والإلحاق بمراكز قوى في طور التشكل أو قديمة وكلاهما تمتلك القوة والمال تحت وهم أيضا عدم وجود قوة ومال لدى الاشتراكي بمفهوم أن السلطة قوة ومال وتنسي أو تتناسى أو تحاول أن تتناسى أن ثورة التغيير التي بدأت عملياً بالحراك السلمي الجنوبي 2007 لتنفجراً لتشمل كامل التراب الوطني 2001م  أبطلت مفاعيل القوة بمفهومها القديم وأنشأت قوة  جديدة وسلاح جديد يتمثل بالسلمية التي أسقطت اقوي واعتي العروش  والإمبراطوريات المالية والأمنية والعسكرية وحيدت كل ترسانات السلاح وأنظمة القمع.

والحزب الاشتراكي اليمني اليوم أمام منعطف هام ومفترق طرق مثله مثل الوطن ولا تخفي قيادته أن الحزب أمام مفترق طرق وهناك تحضيرات  لعقد المجلس الحزبي الوطني الذي هو هيئة حزبية أعلى من اللجنة المركزية وأقل من المؤتمر العام يؤمل فيه انه سيجدد القيادة وسيضخ دماء شابة جديدة للجنة المركزية والمكتب السياسي ومؤسسات الحزب المختلفة ، كما سيقف أمام إعادة صياغة توجه الحزب خلال أهم مرحلة سياسية تعيشها البلاد وهي مرحلة تنفيذ مخرجات الحوار وبناء اليمن الجديد واكرر الجديد وليس يمن إعادة إنتاج السلطة القديمة كتوجه سياسي وأساليب عمل .

ويعرف الجميع داخل الحزب وخارجه أن الاشتراكي حزب النقد والنقد الذاتي وحزب الوقفات النقدية التحليلية ودائما تتوخى هيئاته وقيادته وأعضائه أن يكون النقد مفيد يصوب ويقيم بعيدا عن الشخصنة وكل شيء متاح ومباح طرحه في الهيئات الحزبية ونقاشه بصوت عالي واتخاذ قرار فيه، كل ذلك هو صمام أمان الحزب. ومن هنا لابد أن يتجه الاشتراكيون  نحو انعقاد المجلس الوطني الحزبي لمناقشة كل قضاياهم بشفافية ووضوح لتغيير أوضاع الحزب بتصحيح الإختلالات التي لا ينكرها أحد وهي ملموسة للعيان ومن يشعر بالتعب يرتاح وهيئات ومنظمات الحزب ولادة فقط افتحوا النوافذ واقبلوا بثورة تجديد وتغيير بدون زعل وكله تنفيذاً لمخرجات الحوار التي كان لفريق الحزب في الحوار الوطني دوراً هاماً في الوصول إليها وإن تم تنغيص بعضها قبل الختام.

 وأخيراً : ليعلم الجميع أن الاشتراكي حزب الوطن اليمني كله هو حزب مؤسساتي  لا حزب أفراد ومراكز نفوذ ،صحيح للإفراد أهمية بالغة فهم يساهمون في تقدم وتطوير الحزب مثلما يساهمون  أيضا  في إعاقته  وجموده وتجيير مواقفه، لكنهم في الأخير يأتون إليه ويرحلون عنه ويبقى الاشتراكي لأنه حزب الوطن والوطن باقي وحزب الفكر والفكر يتجدد ولا ينتهي ويتلاشى والحديث ذو شجون .

قراءة 1575 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة