العطش أسوأ فصول الحرب

الجمعة, 14 آب/أغسطس 2015 19:04 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

رحلة شاقة جداً، هي رحلة البحث عن المياه في اليمن. وتصبح هذه الرحلة كل يوم أصعب من اليوم الذي سبقه. كانت اليمن مهددة بنضوب المياه من مدنها قبل أعوام، واليوم انتقل البلد من مرحلة البلد المهدد إلى البلد الذي يعيش واقع العطش.

مع هذه الحرب، طفت المشكلة إلى السطح أكثر، فالبحث عن المياه أصبح مهمة صعبة للغاية. الكهرباء والغاز والبترول ومشتقاته لم تعد أولوية عند الإنسان في اليمن، تحولت من مطلب أساس إلى مطلب ثانوي في ظل تدهور الأوضاع كل يوم. الماء لا غنى عنه ومع هذا توفره أصبح أمراً صعباً جداً وإيجاده يحتاج إلى مشقة.

في بداية أزمة المياه في المدينة، بادر بعض المواطنين الذين لديهم الإمكانيات المادية بتوفير شاحنات مياه وتوزيعها في الحارات لتزويد الناس بالمياه. فخرجت النساء والأطفال في طوابير طويلة ومتعبة لأجل تعبئة «الدبّات بالمياه». المرأة تتحمل النصيب الأكبر في معاناة الحرب، وذلك عبر محاولة توفير ما تيسر في ظل البطالة التي طالت الرجل اليمني جراء الحرب وما سبقها من صراعات وأزمات.

في أحد بيوت الجيران، تخرج النساء والأطفال ليقضوا فترات طويلة في الانتظار لتعبئة دبّات المياه، وقد يتكرر هذا المشهد مرتين في اليوم، أو أكثر. في أحسن الأحوال يستأجر الجيران عربات يقودها مجموعة من الشباب أو الأطفال لتحمل الدبّات المعبأة مقابل أجر زهيد. (نقل المياه على العربات وظيفة استحدثت أثناء هذه الحرب كالعديد من الوظائف الأخرى). ما يتم تعبئته يكفي عادة من يومين إلى أربعة أيام، كل بحسب حجم أسرته، وحاجتهم للاستعمال. فهناك نظافة المنازل التي لم تعد يوميه بسبب شح المياه، فضلاً على أن هذا هو فصل الصيف الذي يفترض أن يكون استحمام الفرد فيه كل يومين على أقل تقدير، ولكنه تحول إلى مرة كل أسبوعين أو أكثر. وباستخدام كمية قليلة من المياه. أواني المطبخ والملابس المتسخة تتكدس من يوم لآخر، وهذا بدوره يخلق بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم والحشرات كالذباب والصراصير وغيرها.

اُغرق الناس في هموم كثيرة حتى وصلوا إلى أصعبها ألا وهو «الماء». ماذا بعد ليغرق فيه الناس!، الوضع سيئ في صنعاء فكيف سيكون في مدينة عدن، تعز، الحديدة، ومدن يمنية أخرى؟. بلا شك الوضع كارثي ومضاعف ومؤسف جداً هناك. في المدن أصبح مشهد الطوابير تمتد لعشرات الأمتار لدبّات الماء التي ترافقها النساء والأطفال والرجال في بعض الأحيان. الناس ساخطون جداً على هذه الحرب وعلى الوضع وعلى الأطراف السياسية والدينية التي ذهبت بهم إلى حرب ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل، والتي جعلت من الماء والخدمات الأخرى مطالب صعب نيلها.

غالبية الناس غير قادرين على تحمل التكلفة المرتفعة لمواد العيش بسبب حرب الداخل والخارج التي فرضت على جميع اليمنيين. حرب تبشر بمجاعة قد تطال 20 مليون يمني بحسب إحصائيات ذكرتها جريدة «الجارديان» البريطانية، إضافة إلى إعلان الأمم المتحدة إنذاراً من الدرجة الثالثة في خطورة الوضع الإنساني، والذي يُعد من أقصى الدرجات خطورة.

الوضع سيزداد سوءاً مع استمرار الحرب وصعوبة إيصال المعونات للمنكوبين والمتضررين.

العطش أسوأ فصول الحرب، وهذا هو الفصل الذي يمر به اليوم الملايين من اليمنيين.

قراءة 4726 مرات

من أحدث مراد سبيع

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة