العدالة الانتقالية بين الحصانة، وعدم نقل السلطة في اليمن (1-4)

الأربعاء, 13 نيسان/أبريل 2016 17:48 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

الاهداء : إلى د.يحيى صالح محسن،صديقاً،ورفيقاً

لم تدهشه المناصب،والمواقع، ولم تغره الالقاب ،

لم يسع يوماً لتسول واستجداء مكان في الحزب ولا السلطة

 

كلمة لا بد منها :-

يحاول البعض اليوم القفز على مخرجات الحوار الوطني الشامل وبالتحديد على مخرجات "القضية الجنوبية" في عمقها، وبعدها السياسي الذي طرحته وثيقة "الحلول والضمانات" للقضية الجنوبية، كما تجري من بعد المؤتمر محاولات دؤوبة، ومتسارعة، وقوية، للإلتفاف على مخرجات فريق "قضايا ذات بعد وطني، العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية" بالحديث عن صعوبة تحقيق وتنفيذ مخرجات هذا الفريق، وطرحهم وترويجهم، بدلاً عن قانون وقضية العدالة الانتقالية، لشعار المصالحة الوطنية، والذي لا يتعدى حدود مصالحات سياسية حزبية، بين المكونات السياسية، والعسكرية، التي أنتجت الأزمة السياسية البنيوية، والوطنية الراهنة، من بعد حرب 1994م. وهو خروج صريح وعلني وفاضح على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وفي هذا السياق جرت وما تزال تجري محاولات متسارعة لتسويق شعار المصالحة الوطنية، ضداً على العدالة الانتقالية، والأهم من تجاوز لحقوق أصحاب المظلوميات (الضحايا)، وتحويل العدالة الانتقالية، إلى مجرد مصالحات سياسية، حزبية، بين المكونات السياسية القائمة الأساسية التي أنتجت الأزمة، والمقصد والغاية النهائية الحفاظ على ما هو قائم، وإعادة إنتاجه بنفس القوى السياسية، الاجتماعية، تحت عناوين وتسميات وشعارات جديدة، وهو ما يجري من مؤتمر "بروكسل" إلى "الصين"، إلى "أمريكا"، إلى "ندوات سياسية داخلية لتسويق مصطلح أو شعار المصالحة الوطنية، ضداً على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وهي مقدمة عملية وسياسية، للانقلاب على المستقبل، بالماضي الذي لم يغادرنا، وما يزال حاضراً، ويمتلك كل شروط القوة الفاعلة في الواقع، في صورة المليشيات، وحروبها المذهبية، والطائفية، التي يراد لها أن تضم كل الوطن، أو تعمم على كل جغرافيا، وديمغرافيا، البلاد، للانقلاب على ثورة الشعب، وإرادة الناس في الإصلاح، والتغيير. 

وجاء تحالف ثنائي الحرب الراهنة، ليضيف إلى الأزمة، والموقف من القضية الجنوبية، - بعد أخطر وأعمق، اوصلها إلى عند قطاع معين من أبناء الجنوب حد أن لاخيار سوى الانفصال، وتقرير المصير، والاستقلال والتحرير، حسب تعبير البعض.

 

حول مصطلح، أو مفهوم العدالة الانتقالية :-

إن مصطلح أو مفهوم العدالة الانتقالية، مفهوم، ومصطلح، سياسي، وحقوقي، وقانوني، يمكننا أن نجد حيثيات له في القانون الدولي الإنساني، وفي وثيقة حقوق الانسان، وفي قوانين دولية عدة، كما أن مضمون العدالة الانتقالية في نصوصه العامة حاضراً في قوانين العقوبات، وقانون الجزاءات، وهو مصطلح، ومفهوم، غير مفصول عن البحث والدراسة السوسيولوجية، السياسية، والاقتصادية. قانون مر بمراحل تطور عديدة منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتطور اكثر في السبعينيات منه، وحضر أكثر في المشهد السياسي وفي الكتابات الفكرية والسياسية، وفي واقع الممارسة، بعد انتهاء الحرب الباردة، وتحول إلى حالة بحث، ونقاش، واسعة مع ظاهرة الربيع العربي. التي جرى اجهاض بعضها، وما يزال بعضها الآخر متعثراً، ربيع كان في جوهره حالة شعبية وموضوعية(استبداد تاريخي، وفساد وتوجه جدي نحو التوريث) تضافرت لتعويقه وكبحه عوامل عديدة، ذاتية، وخارجية، ولا يزال قانون العدالة الانتقالية، في حالة سيولة وبحث وتطور حول مضمونه، والأهم حول أشكال وطرائق تنفيذه وتطبيقه في الواقع، على صعيد كل حالة على حدة، فليس هناك من حالة في التطبيق تشبه الأخرى، وتعرف "العدالة الانتقالية" حسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق كوفي أنان، بأنها تشمل "كامل نطاق العمليات، والآليات المرتبطة بالمحاولة التي يبذلها المجتمع لتفهم وتجاوز تركة الماضي الواسعة النطاق بغية مساءلة وإحقاق العدل، وتحقيق المصالحة"( ) أي أن المصالحة تالية ولاحقة لإحقاق العدل، حتى أن بعض الدول العربية حين شكلت حكوماتها بعد الربيع العربي حوت على وزير للعدالة الانتقالية، (تونس، مصر، سوريا)، وهناك من صاغت قوانين على هدى مفهوم العدالة الانتقالية لتصفية الحساب مع الماضي، (التطهير) قانون العزل السياسي(ليبيا) قانون مباشرة الحقوق السياسية والمدنية (مصر)، وتعثر الأمر في الحالة اليمنية بعد أن كان قانون العدالة الانتقالية جاهزاً للبحث والمناقشة، والإقرار، لأسباب الانقسام السياسي حول مضمون مواد القانون، خاصة أن القانون يطال أطراف نافذة في النظام السابق، ماتزال حاضرة ومؤثرة في المشهد السياسي، والحكومي، والأمني. وتتحكم بمفاصل أساسية حاكمة في الدولة العميقة. وما يجري اليوم من حرب ومن خراب عظيم دليل على مانقول وماكنا نؤكده ونطالب بتغييره او حصولة من خلال ضرورة تكريس وتطبيق شرعية التوافق.

وليس هناك مضمون أو تعريف محدد، وواحد متفق عليه، لمفهوم أو قانون العدالة الانتقالية، كما ليس هناك نصوص واحدة ثابتة في كل قانون، فلكل حالة سياسية، اجتماعية، عربية خصوصيتها، وسياقها الذاتي، والموضوعي، والتاريخي، الذي يعبر من خلاله القانون عن نفسه.

"تشير العدالة الانتقالية إلى مجموعة التدابير القضائية، وغير القضائية، التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وذلك بهدف تحقيق العدالة، أثناء المرحلة الانتقالية التي تمر بها دولة من الدول. فمع حدوث التحول السياسي بعد فترة من العنف أو القمع، في مجتمع من المجتمعات، تجد الدولة نفسها أمام إرث ثقيل من انتهاكات حقوق الإنسان، ولذلك تسعى إلى طي صفحة الماضي رغبة منها في تعزيز العدالة، والإنصاف، والمصالحة، حيث تنتهج الدولة مختلف السبل القضائية للتصدي لجرائم حقوق الإنسان (....) وتكللت جهود العدالة الانتقالية بمعاهدة روما لسنة 1998م، بإحداث المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر قمة التطور في نضال البشرية ضد انتهاك كرامة الإنسان وحقوقه"( ) أي أن فشل وعجز القضاء المحلي، أو وقوعه تحت تبعية السلطة التنفيذية، يفتح المجال للضحايا للذهاب إلى القضاء الدولي، والمحكمة الجنائية الدولية، وعلى اليمنيين أن يبحثوا عن صيغ وطنية توافقية للعدالة الانتقالية وليس القفز عليها إلى مصالحات سياسية لا معنى لها. خاصة بعد كل ماحصل ومايزال يجري على الارض. ليس هناك من تضاد أو تناقض، بين قانون العدالة الانتقالية ومفهوم المصالحة الوطنية، أو العدالة التصالحية، إلا عند ما تكون النية مبيتة لتجاوز حقوق، وواقع مظلومية الضحايا، لأن جميع المعاني، والمفاهيم السالفة، هي بنت ووليدة فكر "العقد الاجتماعي" الذي هو فعل تأسيس للمجتمع الحديث، المدني، القائم على المساواة، والمواطنة، والحقوق المتساوية، وبهذا المعنى فإن قانون العدالة الانتقالية في ثنائية تسميته، أو مفردتيه (العدالة) و(الانتقالية)، إنما جاء مستجيباً للإجابة على الأسئلة المؤجلة التي فشلت الدولة الوطنية، في الإجابة عنها، وهي أسئلة، سياسية، واجتماعية، واقتصادية، وقانونية، وحقوقية، ودستورية، واقعية جرى تجاوزها، وتهميشها، في واقع ممارسة الدولة الوطنية الاستقلالية طيلة الستة العقود المنصرمة، ومن هنا ارتباط وتوحد مفهوم قانون العدالة االانتقالية، بمفاهيم، ومعاني، الديمقراطية، وحقوق الإنسان والمواطنة، والمصالحة، والمشاركة السياسية، والشراكة في السلطة والثروة.

إن الشيء الأكيد أن قانون العدالة الانتقالية في اليمن، تحت أي مضمون، ونصوص، هو قانون تستدعيه الحاجة السياسية، والاجتماعية، والوطنية، والتاريخية الراهنة، (والأهم تستدعيه الحاجة والأسس الحقوقية، والقانونية) للعبور من خلاله إلى مرحلة سياسية، ووطنية جديدة، على أنقاض ما مر به الوطن -في هذا المنطقة، أو تلك- والقانون هو قاطرة، للانتقال الديمقراطي السلمي، تهيئ المجتمع، والسلطة، والدولة، للدخول إلى مرحلة سياسية، توافقية، تصالحية، وتشاركية جديدة. تعكس توازن المصالح المجتمعية، وتوازن القوى، وليس إعادة أنتاج توازن القوة العسكرية، والقبلية القديمة. (إعادة انتاج النظام القديم بحلة جديدة)وهنا يبرز الصراع، والاختلاف فيما بين أطراف العملية السياسية والثورية، التي ثارت على النظام القديم، وبقايا النظام السياسي، القديم، الجديد، التى تحاول الانتقال بكلتيها، وبكامل حمولتها، وعتادها الجارح، والمؤلم، إلى المرحلة الجديدة، متجاهلة شرط الثورة، وأهداف التغيير، السياسية، والاجتماعية، والوطنية، التي انتفضت وثأرت عليها، وضدها، ملايين اليمنيين في كل البلاد، شمالاً، وجنوباً، وكل ما يجري من محاولات تقديم قضية المصالحة السياسية، بين المكونات الحزبية والسياسية، على العدالة الانتقالية الواجبة لأصحاب المظلومية (الضحايا) إنما هي محاولة فاشلة للالتفاف على حقوق الضحايا، وحقوق المجتمع، وتحويل القانون إلى مجرد شكل وأسم، لا صلة له بمضمون وقضية العدالة الانتقالية، إجراءات سياسية لا تحل المشكلة بل تراكمها، وتعقدها...، وهي ظاهرة سياسية تاريخية، عن كيف يحاول القديم التشبث بتلابيب الحي، أو الجديد، لينتقل معه بكليته إلى الحياة الجديدة، أو جر البلاد كلها إلى حافة الهاوية، والقبر. ولو بالحرب الأهلية تحت العناوين المختلفة، وبالذرائع التي تشرعن للحرب، حفاظاً ليس على النظام القديم، وإنما للحفاظ على أقبح، وأسوأ ما في النظام القديم، وهنا تكمن مشكلتنا في اليمن مع قانون العدالة الانتقالية، والحصانة، وعدم نقل السلطة، الذي لم يتم في صورته الكاملة، والذي يتجلى في التأويل السياسي الخاص للمبادرة الخليجية، واليتها التنفيذية. "إن العدالة الانتقالية ترتكز، على رؤية للعدالة أعمق وأوسع في أهدافها، ووسائلها، مما هو في الوضع القائم في العدالة التقليدية، ففي حين تركز العدالة التقليدية على مسائل جزئية، ومحدودة، ومنفصلة، تحتم معالجتها في مؤسسة القضاء فحسب، ومفصولة عن أي اعتبارات سياسية، واجتماعية، فإن العدالة الانتقالية نتيجة إلى الشمولية التي يتطلب تحقيقها العمل عبر مؤسسات أخرى رسمية، غير المؤسسات القضائية التقليدية، (لجان الحقيقة والمصالحة) لتحقيق الاعتبارات الأخرى، التي تمثل مقومات العدالة الانتقالية، مثل المصالحة، والعفو. وفي هذا الإطار فإن العدالة الانتقالية يجب أن تصاغ بصورة تجعل كل عنصر فيها يساند العناصر الأخرى، ويساعد في تعويض النقص الذي لا محيد عنه في أي منها"( ) .

ومن هنا أهمية، وموضوعية، وشمولية قانون العدالة الانتقالية، الذي يجمع بين "العدالة" وبين "الانتقالية"، كما يجمع بين، العفو، والمصالحة، ولكن على قاعدة انجاز حقوق الضحايا، والمنكوبين، وتجسيد مظلوميتهم، في حقوق مادية، سياسية، ومعنوية، تبرر العفو والمسامحة، ومن كل ذلك يتجلى في واقع الممارسة مفهوم ومعنى المصالحة الوطنية الشاملة وليس من خلال القفز على مظلومية، وحقوق الضحايا، كما يريدها البعض في اليمن، وفي ماكان يحاوله البعض في قلب مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وفي داخل فريق "العدالة الانتقالية" جرى صراع شديد مع ممثلي مرتكبي الجرائم، ومنتهكي الحقوق، في محاولاتهم الذهاب مباشرة، إلى مسمى المصالحة السياسية، والوطنية، دون عدالة، أي دون اعتبار لحقوق الضحايا، والمنكوبين.  فقد ادرك رموز النظام القديم/ الجديد أن المعركة الحقيقية ستدور في فريقي "العدالة الانتقالية" وبدرجة اساسية، في فريق القضية الجنوبية، ولذلك دفع بأعداد كبيرة من اعضائه إلى فريق العدالة الانتقالية حوالي 16 عضواً، إلى جانب عدد من المحسوبين عليه كحزب موزعين على منظمات المجتمع المدني وعددهم (5)والشباب(1) والمرأة(3) وقائمة الرئيس، (5) وجميعهم يشكلون واحداّ وثلاثين عضواّ من الاعضاء المصوتين لصالح المؤتمر الشعبي العام، ضمن فريق العدالة الانتقالية، بهدف عرقلة اعمال الفريق حيث جرت معارك سياسية سجالية وما تزال حول العديد من القوانين، وخاصة قانون العزل السياسي، الذي لا نتفق من حيث المبدأ مع شكل، أو عنوان، التسمية، له، لأنها تتعارض مع حقوق الانسان، ومع نصوص في القانون الدولي.

فالعدالة الانتقالية في جوهرها هي عملية سياسية اجتماعية، وطنية، وإنسانية، تحاول أن تخفف من أعباء الانتقال من الاستبداد، والتسلطية، والاحتكار للسلطة، والثروة، إلى المرحلة الديمقراطية، وتقليص لزمن الانتقال، وتخفيف للكلفة الاجتماعية الصراعية، وتعميق للمضمون السلمي الديمقراطي التعددي، والتوافقي للانتقال إلى المرحلة الجديدة، وهي عملية سياسية، ووطنية معقدة، ومكلفة، وبحاجة إلى صبر، وتوافق، وقبول بالتنازلات المشتركة بما لا يخل بمصالح وحقوق الضحايا، وبما لا يقود إلى الافلات النهائي من الجزاء، والعقاب، حتى في صورته المعنوية والرمزية، التي تعيد الاعتبار والحقوق المختلفة للضحايا، وليست الحرب الراهنة، سوى محاولة للقفز على كل ذلك، إلى ماهو أبعد وأخطر.

وهنا أو عند هذه النقطة أو القضية المحورية، افتعلت العديد من المشكلات، وبعثت قضايا صراعية من جب التاريخ الشطري، قضايا حروب وصراعات سياسية: (جنوبية/جنوبية) بدرجة أساسية، و(شمالية/ شمالية) و(شمالية/جنوبية)، لتعويق سير عمل، وفعاليات فريق القضية الجنوبية تحديداً، وفريق العدالة الانتقالية، أو فريق لجنة الضمانات بعد ذلك، حيث صارت قضية (طي صفحة الماضي) ورقة سياسية، يومية، لتصفية حساب مع تاريخ كفاح الشعب اليمني، ضد الإمامة الاستبدادية، الكهنوتية، والاستعماري الانجلوسلاطيني، أي تصفية حساب مع (ثورتي 26 سبتمبر1962م، و14 أكتوبر 1963م) وصولاً لتصفية حساب أو نقطة انطلاق لتصفية حساب مع دولة الاستقلال الوطني 30 نوفمبر1967م، التي وحدت ثلاثة وعشرين سلطنة، ومشيخة، وإمارة، وولاية، في دولة يمنية وطنية واحدة، مؤكدة الهوية السياسية والوطنية اليمنية للجنوب، في مواجهة شعارات ما تحت الدولة، وتحت هوية الوطن اليمني الجامع لكل اليمنيين، شمالاً وجنوباً...، (اليمن بمعناه ودلالته الحضارية والثقافية التاريخية) حيث ذهب تحالف حرب 1994م الكارثية إلى محاولة تأصيل بحث القضية الجنوبية بالعودة إلى جذر دولة الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م وكأن الاستقلال الوطني هو من أنتج القضية الجنوبية، وذهب طرفاً آخر إلى أن حل مشاكل الشمال يعود جذرها إلى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، بل أن البعض حاول أن يعود بنا إلى انقلاب 1948م، للأحرار الدستوريين على الإمامة، وكل ذلك للقفز على القضية الجنوبية، وجذرها السياسي المتمثل بحرب 1994م،  التي كان من نتائجها السياسية، والعملية، المباشرة إلغاء شراكة الجنوب السياسية، والوطنية، في السلطة، والثروة، وفي بناء الدولة الجديدة، وفي الاتجاه ذاته كان الهدف تعويق أعمال وفعاليات فريق العدالة الانتقالية، بمشكلات سياسية يومية، وتاريخية لا تنتهي، ووضع التاريخ السياسي، والاجتماعي، الذي كان وانقضى، عقبة أمام إنجاز قانون العدالة الانتقالية، واستبداله بفكرة وقضية المصالحة السياسية بين الاحزاب والمكونات السياسية،  قبل حصول الضحايا المباشرين على حقوقهم، وفقاً لمقتضى العدالة، وقانون العدالة الانتقالية، كمفهوم، ورؤية، عملية ويمنية، إجرائية، وتنفيذية خاصة، لتجاوز الماضي وطي صفحته، بصورة واقعية، وعملية، وعادلة، سياسياً، وحقوقياً، وقانونياً، و(حتى عرفياً)، بما يحقق المعنى الإنساني العام للعدل، والإنصاف، وجبر الضرر.

"يقر القانون الدولي بوضوح بحق الضحايا والناجيين، في معرفة ظروف الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وهوية المسؤول عنها، ولا يزال القانون الدولي في تطور في هذا المجال، من حيث مفهوم حق المجتمع في معرفة الحقيقة، لأن الأنظمة الدكتاتورية المتورطة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تسعى دائماً لطمس الحقائق من خلال إعادة كتابة التاريخ، وإنكار وقائع ارتكاب الانتهاكات، ولهذا فإن البحث عن الحقيقة، يساهم في وضع سجل تاريخي لتلافي هذا النوع من التلاعب، ويمكن لذلك مساعدة الضحايا على طي صفحة الماضي"( )

إن العدالة الانتقالية لاتزال قضية سياسية، وحقوقية، ووطنية، وإنسانية، هامة، وكبيرة، ولا يمكن تجاوزها. –ولا تسقط قضاياها الموضوعية، والذاتية بالتقادم- إذا أردنا الانطلاق نحو المستقبل، فالسير نحو المستقبل، يبدأ ويتأسس من هذه النقطة، والقضية، "مقتضيات العدالة، والإنصاف" مقابل ما تحصل عليه الحاكم من مكاسب وتنازلات، تكاد تكون مجانية، وخرافية، على حساب الحقوق النسبية، والمطلقة للضحايا، العدالة الانتقالية اليوم، حلقة سياسية، وحقوقية، وقانونية، مركزية، للانتقال الديمقراطي السلمي، لكل البلاد (شمالاً، وجنوباً) اليوم، وغدا، وفي المستقبل، فالعدالة الانتقالية، لا تعني انتقاماً (ليبيا) كما لا تعني انتقاماً، واجتثاثاً سياسيّاً، أو طائفياً (العراق) كما لا تعني حصانة مطلقة بدون مقابل، كما يريدها البعض في بلادنا، مع انني شخصيا لست مع تسميه قانون العزل السياسي- كما سبقت الاشارة- ولكن المجتمع كله لا يتفق مع إعطاء حصانة مطلقة بدون مقابل نقل السلطة كاملة، وبدون عدالة وإنصاف للضحايا.

إن طي صفحة الماضي، لا يعني طمسها، أو إنكارها...، طي صفحة الماضي، تعني قدراً من العدالة المطلوبة، والواجبة للضحايا، تساعدهم على محاولة النسيان التدريجي على قاعدة كشف الحقيقة، والإنصاف، وهي خطوة عملية جدية، نحو التصالح، والتسامح، وصولاً للمصالحة الوطنية الشاملة لأن طي صفحة الماضي، لا يعني طمس وتشويه الذاكرة الجماعية، للأفراد، والجماعات، والمجتمع. واليوم أكثر من الأمس صار قانون العدالة الانتقالية مطلبا ملحا، سياسيا، ووطنياً، وحقوقياً، وقانونيا، وإنسانيا.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet  

 

 

قراءة 2248 مرات

من أحدث قادري احمد حيدر

المزيد في هذه الفئة : « الاشتراكي ودولة الحالمين لا دولة الاقوياء المثقفون اليمنيون وخطايا الاستبداد و الحرب!! »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى