الأفارقة .. بين الموت جوعاً في بلدانهم أو غرقاً في اليمن

  • الاشتراكي نت : وضاح الاحمدي

الخميس, 18 كانون1/ديسمبر 2014 15:59
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تزايدت حالات الوفاة بين المهاجرين الأفارقة إلى اليمن وإلى دول الخليج العربي عن طريق المنافذ البحرية اليمنية بشكل بات يقلق المنظمات الإنسانية في العالم والحكومة اليمنية التي أكدت أكثر من مرة تخوفها من تزايد أعداد الهجرة الأفريقية غير الشرعية إلى بلادها المتخمة بأزمات كثيرة في مقدمتها تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية.

وأفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن حالات الوفاة بين المهجّرين وطالبي اللجوء، أثناء توجههم إلى السواحل اليمنية، ازدادت بشكل حاد العام الحالي؛ حيث يفوق العدد ما سُجل في السنوات الثلاث الماضية مجتمعة, مبينة أن العدد الأكبر منهم من القرن الأفريقي.

وكشفت وزارة الداخلية في 6 ديسمبر الحالي عن وفاة 70 مهاجراً غير شرعي بعد غرق قاربهم قبالة سواحل المخا بمحافظة تعز, موضحة أن قارب تهريب يقل مهاجرين غير شرعيين من منطقة القرن الأفريقي غرق قبالة ساحل المخا، ما أدى إلى وفاة جميع من كانوا على متنه وعددهم 70 شخصاً، وجميعهم يحملون الجنسية الإثيوبية.

وتأتي هذه الحادثة بعد قرابة الشهرين من مصرع أربعة وستين مهاجراً وثلاثة من أفراد طاقم مركب الثاني من أكتوبر الماضي من نفس العام 2014؛ عندما غرق المركب الذي كان يقلّهم في خليج عدن بعد إبحاره من الصومال.

وتشير إحصائيات عن منظمات إنسانية دولية إلى أن إجمالي من لقوا مصرعهم قد يصل هذا العام إلى مائتين وخمسة وثمانين شخصاً, ليزيد عما سُجل خلال السنوات الثلاث الماضية.

الجدير بالذكر أن السواحل اليمنية تشهد تسلل قرابة 100 ألف شخص سنوياً من منطقة القرن الأفريقي.

إساءات

وغالباً ما يشتكي المهاجرون الأفارقة إلى اليمن من سوء المعاملة، ويتعرض البعض منهم لحالات تعذيب، كما يتم المتاجرة بهم واستخدامهم في أعمال إرهابية عانت منها اليمن كثيراً خلال الفترة الأخيرة.

وأشار المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، ويليام سبيندلر، إلى أن تقارير متكررة عن إساءة المعاملة ووقوع أعمال اعتداء وتعذيب وزيادة في التدابير القاسية، التي تتبعها شبكات التهريب، الأمر الذي قد يزيد من ضحايا التهريب عبر البحر.

ويقصد عدد من المهاجرين إلى اليمن دول الخليج منها السعودية، وتعتبر السواحل اليمنية الممر المؤدي إلى تلك الدول, لكن عدداً من المهاجرين يشتكون معاملات قاسية من قبل المهربين.

وقال محمد موليد - أحد اللاجئين بصنعاءإنهم تعرضوا لتعذيب وإهانات كبيرة أثناء رحلة هجرتهم إلى اليمن, ووصف مخيمات اللاجئين بأنها أشبه بسجن كبير؛ حيث تفتقر لأبسط الخدمات الإنسانية، كما أن المشرفين عليها لا يتقيدون بالمواثيق المنظمة لحقوق المهاجرين.

وكشف أيضاً أن المهاجرين إلى السعودية عبر اليمن يقطعون أميالاً سيراً على الأقدام ويتعرضون لمخاطر كبيرة على حدود البلدين، فيما يتوفق القليل في الحصول على فرص عمل.

خطورة أمنية

ويؤكد مسؤولون أمنيون في اليمن من خطورة الهجرة غير الشرعية للأفارقة إلى بلادهم, وأنهم يشكلون عبئاً أمنياً جديداً.

وتكمن المشكلة بالنسبة لليمن بحسب متابعين في عدم حصر اللاجئين في مخيمات خاصة بهم، بل السماح لهم بالتحرك في جميع أنحاء البلاد وهذا يشكل تهديداً لأمن البلاد.

وتوجد سبعة مراكز تابعة لمفوضية اللاجئين تقوم بتسجيل المهاجرين الأفارقة في كل من صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة، واثنان منها في شبوة، وتتم إدارة هذه المراكز بشكل مشترك من قبل الحكومة اليمنية ومفوضية اللاجئين، ولا يعتبر التسجيل فيها إجبارياً.

وتضطر قوات الأمن اليمنية إلى حراسة الخط الساحلي للبلاد الذى يمتد لمسافة 2500 كيلومتر لوقف تسرب المهاجرين الباحثين عن فرص عمل إلى دول الجوار، وفقاً للاتفاقيات التي وقعتها اليمن مع هذه الدول للحماية المتبادلة للحدود، الأمر الذي يضاعف من الالتزامات الأمنية لليمن على مختلف الأصعدة.

أسباب الهجرة

وكانت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أشارت إلى أن أعداد اللاجئين والمهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن في ازدياد مستمر، حتى وصلوا إلى 10483 مهاجراً ولاجئاً في شهر أغسطس الماضي.

وتعود أسباب التزايد في أعداد اللاجئين والمهاجرين إلى تدهور فرص كسب العيش في أثيوبيا والصومال؛ نتيجة للجفاف الذي شهدته مناطق كبيرة في جنوب ووسط الصومال، بالإضافة إلى استمرار الصراع وضعف الرقابة على الحدود بين البلدين.

وأوضح بأن عدد المهاجرين هذا العام أكثر، مقارنة بعام 2013، عندما شددت السلطات الإجراءات الأمنية على الحدود، مؤكداً بأن 855 شخصاً من بين الواصلين أكدوا بأنهم تعرضوا للترحيل في وقت سابق من المملكة العربية السعودية.

مطالب رسمية

وكانت اليمن قد طالبت المجتمع الدولي بدعم جهودها لمواجهة تنامي تدفق أعداد اللاجئين والمهاجرين من دول القرن الأفريقي إلى أراضيها، وكذا مساندة جهودها لمعالجة قضايا النزوح الداخلي.

وفي الدورة الـ 65 للجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف في سبتمبر/أيلول الماضي، أشار نائب وزير الخارجية، رئيس اللجنة الوطنية لشؤون اللاجئين، أمير سالم العيدروس، إلى المخاطر المترتبة على استمرار الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين، خاصة القادمين من أثيوبيا، وما يترتب على هذه الأعداد من أعباء اقتصادية وأمنية، بالإضافة إلى التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، التي تواجهها الحكومة اليمنية، مما يجعلها غير قادرة على تحمل أية أعباء إضافية.

ويحذر خبراء ومتابعون من تداعيات التزايد لأعداد اللاجئين الأفارقة في اليمن، مما قد يتسبب بأعباء كبيرة لا تقوى اليمن على تحملها في ظل تراجع الحالة المعيشية والاقتصادية لليمنيين, وفي ظل تزايد البطالة بين أوساط الشباب اليمني؛ حيث تشير إحصائيات نشرتها منظمات دولية مؤخراً إلى أن البطالة في اليمن تجاوزت 50 %.

واستعرض العيدروس ما يقدمه اليمن من خدمات وتسهيلات لأكثر من ربع مليون لاجئ من الصومال وقرابة 750 ألف مهاجر غير مسجل من دول القرن الأفريقي.

ويدفع اكتظاظ المهاجرين على قوارب الهجرة إلى اليمن ببعض المهربين إلى إلقاء بعض الركاب في البحر؛ لتجنب غرق القوارب واكتشافهم من قبل قوات خفر السواحل.

وقدم إلى اليمن من القرن الأفريقي، خلال الفترة من يناير وحتى أغسطس من العام الجاري 48454 مهاجراً.

وكانت صنعاء قد استضافت في 10 نوفمبر من العام الماضي المؤتمر الإقليمي للجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن؛ لمناقشة المشكلة وبحث الحلول الناجعة لها.

يتعافى هؤلاء الرجال على أحد شواطئ اليمن بعد مشقة رحلة عبور البحر من القرن الأفريقي.

وقد جاء الاتفاق في إعلان مشترك تمت صياغته خلال المؤتمر الذي نظمته الحكومة اليمنية بدعم من المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة، وتهدف توصيات المؤتمر إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية.

وشاركت وفود من أربع دول بالقرن الأفريقي في حضور المؤتمر الإقليمي وهي: جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والصومال، وكذلك ممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي وأعضاء من جامعة الدول العربية. كما حضره أيضاً كبار مسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية.

ناقوس الخطر

وأبدت الحكومة اليمنية حينها تطلعات اليمن إلى أن تفضي نتائج هذا المؤتمر إلى تعزيز وتفعيل التعاون بين دول المنطقة لمواجهة الأخطار والتحديات الناجمة عن تدفقات الهجرة غير الشرعية وغير المنظمة، لما تمثله من عبء على دول العبور والمقصد، وما يرافق تلك التدفقات من انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل عصابات الاتجار بالبشر.

وأكدت قيام اليمن بواجبها الإنساني تجاه اللاجئين والمهاجرين القادمين من دول الجوار؛ هروباً من النزاعات والحروب والأزمات الاقتصادية في بلدانهم منذ عام 1990م رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة وإمكاناتها المحدودة, مشيرة إلى أن تدفق المهاجرين غير الشرعيين وغير النظاميين قد زاد كثيراً في الأعوام القليلة الماضية بصورة متصاعدة بمعدل 100 ألف مهاجر سنوياً منذ عام 2009م وحتى العام الجاري، وهو ما يمثل ناقوس خطر على المجتمع الدولي بأسره.

 وأبدت أسفها لتعرض المهاجرين غير الشرعيين للانتهاكات والتعذيب والابتزاز من قبل عصابات الاتجار بالبشر والمهربين لدرجة صارت اليمن معها مطالبة باتخاذ إجراءات أمنية وقانونية فعالة على المستوى الوطني والإقليمي لمكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها.

إلى ذلك قال فولكر تورك، مدير إدارة الحماية الدولية بالمفوضية: إن هذه التحركات وكوارث القوارب المهلكة المترتبة عليها تدفعنا إلى الاحتياج العاجل لاتخاذ المزيد من الإجراءات الدولية لتجنب مثل هذه الحوادث؛ وذلك لحماية المحتاجين ومساعدتهم، وتقديم الدعم إلى بلدان كاليمن ومشاركتها في تحمُّل الأعباء.

تحذيرات

وحذر من أن الإخفاق في منع حدوث وفيات في البحر لابد وأن يعد إخفاقاً جماعياً في العمل الإنساني. وقال: “يمثل هذا المؤتمر ونتائجه ومتابعاتها لاحقاً فرصة قيمة للمُضي قدماً معاً برؤية واحدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي لمنع تكرار مثل هذا الإخفاق”.

وتقدر المفوضية أن ما يزيد عن نصف مليون طالب لجوء ولاجئ ومهاجر قد عبروا خليج عدن أو البحر الأحمر من شرق أفريقيا إلى اليمن بطريقة غير مشروعة منذ عام 2006، حتى نهاية العام 2013 , فيما لقي آلاف مصرعهم غرقاً في البحر.

ويتضمن الإعلان توصيات فورية وأخرى طويلة الأمد لمعالجة تحديات الهجرة المختلطة. وعلى صعيد إنفاذ القانون، دعت التوصيات إلى تعزيز الدعم الثنائي والدعم المتعدد الأطراف، وتنفيذ استراتيجية لبناء القدرات من أجل تحسين آليات إنفاذ القانون، فضلاً عن مكافحة التهريب والاتجار بالبشر، وزيادة الدعم لتعزيز قدرات البحث والإنقاذ.

وتشمل المقترحات الأخرى الدعم المتزايد لبرامج المساعدة في العودة الطوعية، والمزيد من المشاركة في تحمُّل الأعباء، وتعزيز نظام حماية اللاجئين، بما في ذلك احترام المبادئ مثل مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتعزيز التعاون في مبادرات توفير فرص التوظيف والتنمية الاقتصادية، وتكثيف حملات رفع الوعي بمخاطر الهجرة غير النظامية، وتعزيز التعاون الإقليمي على صعيد تبادل المعلومات وتحليل البيانات.

ومن جانبها وافقت الوفود على اتباع آليات المتابعة التي تتضمن تعيين جهات تنسيق وطنية وعقد اجتماعات دورية لتقييم التقدم والإشارة إلى التدابير اللازمة لمعالجة الهجرة غير النظامية وتعزيز آلية اللجوء.

قراءة 1136 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « حكومة بحاح تنال ثقة البرلمان اليمن تواجه خطر انفجار سكاني »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى