العمال يفضلون الاحتفال بالحصول على عمل

  • الاشتراكي نت / عمر القاضي

الخميس, 01 أيار 2014 13:49
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

يختلف العمال اليمنيون عن غيرهم من عمال العالم في أنهم الأكـثـر غربة، فهم يتوزعون على كل دول العالم تقريباً، ولا يكادون يستقرون في مدينة يمنية حتى ينتقلون إلى غيرها، وفي الغالب تكون أسرهم، بعيدة عنهم، لذا تجدهم أيضا يحتفظون بشوق متوقد وحنين أبدي للديار.

بمناسبة عيد العمال العالمي الأول من مايو، رحت أفتش عن العمال، عمال اليومية بالأخص، لأن هذي الفئة بعيدة عن دائرة الاهتمام، لا يوجد قانون يحميها، وأن وجد فلا أحد يرغب في العمل به، وعامل اليومية بالطبع لا يعرف ماذا ينتظره غداً.

يقول محمد الذي يعمل في العاصمة صنعاء، إنه لم ير أسرته منذ عام ونصف، والسبب يعود إلى كونه يعمل بالأجر اليومي، بشكل متقطع دائما، ويضيف وقد بدا وجهه شاحبا: «قضيت كل هذه الفترة، أحيانا أعمل بالأجر اليومي، وأحيانا أظل أبحث عن عمل».

يؤكد محمد أنه لا يحب الغربة، وأنه دائما ما يشتاق لأسرته، لكن ظروفه الاقتصادية ودخله غير المستقر لا يسمحان له بالعودة إلى قريته، في محافظة ريمة، فلديه زوجة وأطفال يرسل لهم بما يتوفر من نقود ما بين وقت وآخر، لكن هذا لا يكفي لأن يعود فلديه أيضا قائمة طويلة من الديون التي تنتظر منه أن يطويها.

يعمل محمد في البناء، مقابل أجر يومي يقدر بـ3000 ريال، قال إن معظم هذا الأجر مع كل التقشف الذي ينتهجه، يذهب مقابل مصاريف يومية، وما يتبقى يرسله محمد للقرية.

سألت محمداً عن خطته للاحتفال بعيد العمال هذه السنة، فاجتر تنهيدة عميقة، جعلتني أتمنى لو أنني لم أسأله، وبعد قليل من الصمت، قال: أريد أن أعمل في يوم عيد العمال، ولكن بأجر يساوي المجهود الذي أبذله.

همهم بكلمات غير مفهومة ثم أضاف، «أخشى أنني لن أجد عملاً يوم عيد العمال، وعلى أية حال فإن الاحتفال سيكون في الجولة، حيث يحتفل العمال أغلب أيام السنة، في مهرجان لا يبدو أنه سينتهي».

العامل اليمني يحتفل بطريقته

لدى العامل اليمني طريقته في الاحتفال، وليس بالضرورة أن يكون احتفاله في الأول من مايو من كل عام، أو ينحصر في يوم واحد، فقد تغدو أغلب أيام السنة أعياداً، أو قد تصبح جحيماً وانتظاراً لا ينتهي.

يقول مرتضى عبدالحميد وهو عامل في البناء أيضا، إن الحصول على عمل لا يتم إلا بعد شق الأنفس، ويشير إلى أن الحصول على عمل هو بمثابة عيد، واذا كان العمل لوقت طويل، فالفرحة تصبح مضاعفة، لأن هذا يجعله يضمن العودة إلى أسرته في أقرب فرصة ممكنة.

يحب مرتضى أن يؤكد أن عيد العامل اليمني هو يوم عودته إلى أسرته بعد أن يكون قد ضمن لها الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية، لكن المأتم أيضا، كما يقول مرتضى هو «عندما تضطرنا الحياة إلى مغادرة الأسـرة والذهاب للبحث عن عمل في مدن بعيدة».

يقضي معظم عمال الأجر اليومي سنوات عمرهم في الغربة بحثاً عن لقمـة العيــــش، بعيداً عن أسرهم، منهم من يعود إليها في الأعياد الدينية وفي شهر رمضان، ومنهم من لا يعود سوى مرة واحدة في العام.

سكن العمال معاناة أخرى

اثناء نزولي يوم الأحد الماضي إلى الأماكن التي يتواجد فيها العمال، في بعض أحياء العاصمة صنعاء، لكي أطلع عن قرب كيف يمضون أيامهم، ولم يعد أمر العيد يعنيني كثيراً، وجدت غرف ضيقة بنوافذ صغيرة، يتم تأجيرها للعمال بمبالغ كبيرة، الأمر الذي يضطرهم للتكدس بداخل تلك الغرف، فالغرفة التي تتسع لثلاثة أشخاص، ستجد فيها من خمسة إلى ثمانية أشخاص.

في غرفة من هذا النوع، مبنية في أرضية محاطة بسور متآكل، قال لي بعض من يسكنون فيها إنهم يدفعون ايجاراً شهرياً يصل إلى 15 ألف ريال شهريا، وهي غرفة ليس فيها كهرباء رسمية لكن المؤجر يوصل لهم الكهرباء من عمارته القريبة وتظل منقطعة معظم الأيام، أما الماء فعليهم أن يتدبروا حالهم، لأنه لا يوجد حمام تابع لهذه الغرفة.

وجدت أيضا أثناء نزولي الميداني، بعض العمال يقطنون في عمارات ما تزال في طور البناء، أو أنها أصبحت مهجورة، ويقول بعض من التقيتهم إنهم يقيمون في هذه العمارات بسبب أنهم لا يجدون عملاً إلا في النادر لذا فهم لا يستطيعون دفع ايجار غرفة، إلى جانب أن معظم أصحاب المنازل لا يفضلون تأجيرها لعمال ليس لديهم عائلات.

ابتزاز المقاولين وأرباب العمل

يشتكي عمال الأجر اليومي، من ابتزاز قالوا إنهم يقعون ضحايا له في الغالب، وهذا الابتزاز يمارس ضدهم من قبل المقاولين أو أصحاب الأعمال، يقول علي القمعري وهو معلم في البناء ان المقاولين يذهبون الى حراج العمال ويأخذون بعض العمال للعمل معهم وبعد ان ينتهي عملهم، تبدأ رحلة التهرب من دفع مستحقاتهم كاملة، على ضآلتها.

 يستدل علي بقصة حدثت لأحد البنائين الذي وقع ضحية لصاحب العمل قال ان العامل كان ينفق من جيبه ليحاسب العمال وصاحب البيت يوعده انه سوف يحاسبه حينما ينتهي من إكمال العمل لكن ما حدث ان صاحب العمل انكر ان عنده ديناً لهذا البنَّاء الذي أنفق مبالغ كبيرة، كان قد جمعها طوال سنة من العمل.

الاحتفال بعيد العمال

في لقاننا مع عدد من العمال قبل عيدهم بيومين، وجدت أن أغلبهم لا يعرفون شيئا عن موعد عيدهم، لا يحفظون تاريخاً أو انطباعاً ما عن شيء اسمه «عيد العمال» الذي هو قاسم مشترك بين عمال العالم أجمع.

العمال الذين يعرفون ماذا يعني عيد العمال، إتفقوا أن الاجازة ستكلفهم نقوداً، أما الاحتفال فلا يمكن التفكير به، قال أحدهم وقد تفهم فكرة إجازة يوم العيد «اذا ما بش عمل نؤجز، واذا معانا عمل، العمل أخرج».

شيء قريب من هذا أخبرني به عامل آخر إلتقيت به في حي القاع وسط العاصمة صنعاء، قال: العامل لا يريد عيداً وما يريده فقط هو العمل، وهذا حلمه الأول لكي يكون قادراً على إعالة نفسة وإعالة أسرته» ويضيف «البعض يظل هنا في الحراج لأسابيع واحيانا يظلون شهراً كاملاً وهم يبحثون عن عمل لا يأتي إلا بعد انتظار طويل».

أعتقد أن اليمنيين أصبحوا بحاجة للعمل أكثر من حاجتهم للعيد والاجازات، يجب على الدولة أن توفر العمل، لكي يستطيع العامل اليمني أن يحتفل بعيده، كغيره من عمال العالم.

أخيراً 

لا يمكن الحديث عن العمال في اليمن ومآسيهم واعطاء الموضوع حقه بهذه العجالة، فهناك قصص تجعل المرء يبكي، فهناك عمال يتعرضون لإصابات أثناء تأديتهم لأعمالهم، قد تسبب لهم عاهة دائمة، لكن لا يوجد قانون ينصفهم، وان وجد فهو حبر على ورق.

 

قراءة 978 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة