التفاف شعبي واسع حول الجيش في حربه ضد "القاعدة"

  • الاشتراكي نت / وسام محمد

الخميس, 08 أيار 2014 20:32
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

لم يسبق للجيش اليمني ان كان محل اجماع وطني، كما هو الحال اليوم، فالحرب التي يخوضها ضد الارهاب في معاقله، منذ أسبوع ونصف، جعلته يحظى بمساندة شعبية واسعة. من خلال هذه المعركة المتواصلة ضد القاعدة، أستطاع الجيش اليمني أن يستعيد ثقة الجميع، بما في ذلك ثقته بنفسه، بعد أن كانت ولاءاته متعددة، وظل منقسما في خدمة مراكز النفوذ، وهو الانقسام الذي زاد حدة مع اندلاع ثورة الشباب، عندما آخذت الأطراف المتصارعة على السلطة تستقطب أكبر قدر من القيادات العسكرية إلى صفها، بعيدا عن الهدف الأساسي الذي وجد الجيش من أجله، وهو حماية الوطن والشعب قبل أي شيء آخر.

وسجلت معركة الجيش ضد الارهاب في محافظتي شبوة وأبين نفسها، بأنها معركة الوحيدة يقوم بها الجيش بدافع وطني خالص، على عكس كثير من المعارك التي خاضها خلال العقود الماضية، والتي كانت دائما محكومة بأجندة غير وطنية، وظلت تلقي بأعبائها على كاهل الشعب.

مساندة واسعة

الحديث عن بطولات الجيش أصبحت تتوالى من ساحة المعركة، كما هو الحديث أيضا عن المساندة الشعبية الواسعة التي تأتي من عموم اليمن، وهو تأييد حقيقي للجيش، لم يتأثر بأدوات الدعاية والاعلام الرسمي، فالإعلام الرسمي أصبح يتلقى الدعم المعنوي لأول مرة من الشعب، فالكل يتحدث عن الجيش في الشارع وفوق الحافلة وفي العمل، يتابعون الأخبار لحظة بلحظة، ويتألمون كثيرا إذا ما عرفوا بأن الجيش قد تعرض لأبسط مكروه.

حكايات المساندة تجاوزت ما هو اعتيادي، وأصبحنا نسمع عن العروس التي أبت إلا أن تشارك إلى جانب الجيش في معركته الباسلة، فقد تزامن موعد زفافها مع موعد آخر رأت الفتاة أنه لا يقل أهمية، فتبرعت بمهرها كاملا لصالح هذا الموعد الطارئ، والمنتظر منذ زمن بعيد، لابد أن المهر شيء ثمين مهما كان قدره، لكن العروس رأت ان الجيش يستحق هذا الشيء.

كما تحدثت مصادر متعدد خلال الأيام الماضية، عن أن قوات الجيش، حظيت باحتفاء ومساندة واسعين من قبل القبائل المحيطة بالأماكن التي تتمركز فيها عناصر تنظيم القاعدة، وهذا يدحض كل ما كان يردد عن القبائل الحاضنة للجيش، في مهمة كان هدفها الأساسي على ما يبدو تصعيب أي توجه حقيقي لمواجهة الارهاب في معاقله، ومع التسليم بوجود حاضن للقاعدة، لكن المعارك الأخيرة تثبت أنه ليس بالشكل الذي كان يتم تصويره.

وقالت المصادر أن قبائل لقموش حمير في مديرية حبان بمحافظة شبوة أستقبلت يوم الثلاثاء الماضي في منطقة العرم الوحدات العسكرية والأمنية التي وصلت إلى هناك بحفاوة كبيرة، بعد أن تمكنت تلك الوحدات أحكام سيطرتها على واحدة من أهم واكبر معاقل القاعدة في قرن السواد والتي تمركزت فيه لفترة ثلاثة أعوام .

ورحبت قبائل لقموش في كلمة عامة لهم ألقاها الشيخ علي الأدهم القميشي بأبطال الجيش والأمن، معربين عن افتخارهم بالنجاحات والانتصارات التي حققوها في غضون أيام قليلة على قوى والإرهاب من عناصر تنظيم القاعدة.. مؤكدين استعدادهم لدعم حماة الوطن والوقوف إلى جانبهم وإسنادهم بقوة في المعركة التي يخوضونها.

الاشتراكي يشيد

امتدادا لمواقفه السابقة والدائمة، ضمن اطار أحزاب اللقاء المشترك أو بشكل منفرد، عبر الحزب الاشتراكي اليمني في أمانة العاصمة عن تأييده الكامل لعمليات القوات المسلحة والأمن في معارك الشرف الوطنية التي تخوضها ضد عناصر القاعدة في كل من محافظات شبوة وأبين والبيضاء.

وقالت منظمة الشهيد جار الله عمر بأمانة العاصمة في بيان لها "إن القوات المسلحة والأمن هي درع الوطن وحاميه  وسياجه المنيع, وهي اليوم  إذ تخوض هذه الحرب فإنها لا تخوضها لمصالح خاصة  بل نيابة عن كل أبناء الشعب اليمني  ومن منطلق عقديتهما الوطنية ونابع من إيمانهما بواجبهما في الدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره واقتصاده".

واضاف البيان إن "الجيش والأمن مؤسستين وطنيتين تعمل جماعات العنف والإرهاب  والمليشيات المسلحة على تدميرهما ابتداء من أعمال القتل الممنهج وحتى حروب الاستنزاف  ظناً من هذه الجماعات أنه بالإمكان  أن تحل محل الجيش مؤسسة الشعب وحامية الوطن".

ودعا البيان "كل أبناء الشعب اليمني الى توحيد الصف والالتفاف حول قواتنا المسلحة والأمن الأبطال ومساندتهم في معركة الذود عن الوطن  ضد الأعداء".

وتوالت المساندة للجيش، حيث دعت الهيئة التنفيذية للمؤتمر الوطني العام للشباب كافة أبناء المجتمع وخصوصا الشباب، إلى مساندة رجال القوات المسلحة والأمن البواسل في معركتهم البطولية ضد أوكار القاعدة في محافظتي أبين وشبوة وفي كافة المناطق.

وأكدت الهيئة التنفيذية للمؤتمر الوطني العام للشباب في بيان صادر عنها أن الشباب بمختلف توجهاتهم واتجاهاتهم يؤكدون رفضهم لكل الأفكار المتطرفة الدخيلة على المجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده وقيم الشريعة الإسلامية السمحاء.

كما دعت وسائل الإعلام والمكونات والقوى السياسية إلى تفعيل جوانب التوعية من الأفكار المتطرفة ضمن نطاقاتها واختصاصاتها وتعزيز البرامج التنموية التي من شأنها الحد من هذه الافكار الدخيلة واجتثاثها من جذورها.

الموقف الدولي

على الصعيد الدولي، شدد  أعضاء مجلس الأمن على ضرورة تصدي الجيش اليمني بكل الوسائل، للأعمال الإرهابية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

 وقال اعضاء مجلس الأمن في بيان صادر عنهم  أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره هو عمل اجرامي وغير مبرر، بغض النظر عن دوافعه، أينما وأيا كان مرتكبوها، ويجب أن لا تكون مرتبطة بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية.

وشدد أعضاء مجلس الأمن على ضرورة تقديم الجناة والمنظمين والممولين ورعاة هذه الأعمال المنكرة من الإرهاب إلى العدالة، وحثت جميع الدول، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على التعاون بنشاط مع السلطات اليمنية في هذا الصدد.

كما أعربت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن تأييدها للجهود التي يقوم بها الجيش اليمني والحكومة اليمنية في مكافحة الارهاب.

وأكدت الجامعة العربية في بيان صادر عنها يوم الثلاثاء الماضي تضامنها الكامل مع الجمهورية اليمنية في العمليات التي تقوم بها لاستعادة الأمن والاستقرار في مختلف ربوع البلاد، مُشيدةً بتعاون ابناء القبائل اليمنية لمواجهة تلك التنظيمات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار اليمن.

ودعت الجامعة المجتمع الدولي إلى دعم جهود اليمن وشعبه في محاربة الإرهاب، من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي تُهدّد جهود تحقيق الأمن والاستقرار والوفاق الوطني في اليمن، وكذلك أمن المنطقة بمُجملها.

 جدية الحرب

معارك الجيش ضد الارهاب أوجدت حالة من الأمل في النقاشات التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، وفتحت الباب أمام تساؤلات عدة، عن مدى جدية الدولة في محاربتها للارهاب، وهل سيقتصر الأمر على المعارك الميدانية أم أنه سيتعدى ذلك، إلى محاربة الفكر الذي يغذي الارهاب، ووضع حد لكل النشاطات التي تأخذ أشكالا عدة لكنها في النهاية لا تنتج شيء سوى التطرف.

ومن ضمن القضايا التي طرحت هو أن البلد لا يوجد فيها حتى الآن قانون لمكافحة الارهاب، رغم أن الحاجة ماسة لهذا القانون، وعن هذا الموضوع تحديدا قال الكاتب والصحفي فتحي أبو النصر: "الأمر جد خطير ولا يحتمل أنصاف الحلول والمواقف، نحتاج إلى قانون يتواءم مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب، كما يتضمّن تشديد العقوبات الرادعة ضد المسلّحين".

 وأضاف "بالتأكيد سيعمل القانون على الحد من أعمال التطرُّف والعنف والاستقواء بالسلاح."

الناشطة رؤى الصوفي، قالت أيضا في صفحتها على "فيس بوك" أن الجيش يمتلك اليوم فرصة ذهبية لن تكرر في سبيل توجيه اقوى ضربة عسكرية يشنها ضد تنظيم القاعدة، يستطيع من خلالها ان يبسط قوته و نفوذه ليس فقط على اعضاء التنظيم بل وحتى على تلك القبائل التي لطالما اعتبرت نفسها اقوى من الدولة".

وأضافت الصوفي "تستطيع قيادة الجيش اليوم ان تؤسس لمرحلة احترام الهوية الوطنية و القوة العسكرية الوطنية التي يجب ان تخضع لها كل التكوينات الاجتماعية في البلاد".

وبعث الكاتب سامي نعمان من على حائطه الفيسبوكي بأكثر من رسالة إلى الجنود في أرض المعركة، قال في احداها، "بالتوفيق والنصر المؤزر أيها الأبطال الكبار، وانتم تؤدون أقدس مهمة دفاعا عن أمن الوطن والمواطن.

أنتم أعظم من في هذه البلاد في هذه اللحظات إذ تضحون بأرواحكم لتحقيق أمنه واستقراره، وعلى أمل المساعدة في توفير جانب من الظروف الملائمة لتحقيق أحلام أبنائه" .

مخاوف من عدم الحسم

أصبح الجيش اليوم على المحك، ويتفق أغلب الناشطون والمتابعون لتقدم الجيش، بأنه لم يعد هناك مجالا للتراجع قبل أن يتم اجتثاث الارهاب بشكل كامل، ويأتي هذا الاصرار مع تردد أخبار تتحدث عن احتمال عقد الجيش هدنة مع عناصر وقيادات تنظيم القاعدة، وقوبلت هذه الأخبار بردود أفعال شعبية غاضبة ورافضة لأي صلح أو تهاون مع الجماعات الارهابية المسلحة.

ولأن ردة الفعل لم تكن عادية، فإن وزارة الدفاع سارعت عبر مصدر عسكري مسؤول، ونفت صحة تلك الأخبار التي تناولت عدد من وسائل الاعلام  وقال المصدر بأنه "لا وجود لأي هدنة محتملة أو حوار لأي جهة رسمية مدنية أو عسكرية مع عناصر وقيادات القاعدة".

وأوضح المصدر "إن هذه الأنباء ليست سوى مجرد إشاعات وفبركات وتسريبات إعلامية كاذبة ومضللة وليس لها مطلقا أي أساس من الصحة".

وشدد المصدر على أنه ليس هناك أي خيار أمام المقاتلين الأبطال في القوات المسلحة والأمن ومن خلفهم جماهير الشعب، غير المضي قدما في القضاء على قوى الارهاب والتطرف اينما وجدت وتخليص اليمن من شرور الارهاب الذي اضر كثيراً بمقومات ومقدرات الشعب والوطن.

وحذر ناشطون من أي تراجع للجيش، وقالوا بأن الجيش سيكون هو الضحية الأولى في حال قرر عدم مواصلة المعركة، مذكرين بالمعارك التي خاضها خلال العام 2012 أثناء تطهير محافظة أبين، لافتين إلى ان تلك المعارك ما كان يجب أن تتوقف عند حدود أبين، لكنها توقفت وحدث ما حدث بعد ذلك.

 عودة الأمل

كان الجيش قد تلقى خلال العامين الأخيرين، هجمات كثيرة من "تنظيم القاعدة"، كلفته خسائر مادية وبشرية باهظة، بل أن الخسارة المعنوية كانت أفدح بكثير من أي خسارة أخرى، واستشعرها كل جندي تقريبا، فلا يعقل أن يظل الجيش هدفا سهلا للهجمات الارهابية ولا يستطيع حماية نفسه، بينما يفترض به حماية البلد، ومع ذلك لم يوجه اللوم دائما للجيش، حتى مع سقوط ضحايا مدنيين ووصول العمليات الإرهابية إلى أكثر الأماكن تحصينا، وذلك بسبب أن الجيش منقسم وولاءاته متعددة.

ربما لم يكن أحدا على ثقة كاملة بأن خوض معركة وطنية واحدة، سيكون كفيلا بحل جميع المشاكل التي يعاني منها الجيش اليمني، فلم يعد هناك انقسام أو حديث عن ولاءات طالما والمعركة واضحة ولا تخدم طرفا أو حزبا، بقدر ما تخدم الوطن ككل، وعند هذه النقطة تحديدا بإمكان الأمل أن يأتي لأول مرة من ساحة المعركة، الأمل ليس فقط بوجود جيش حقيقي، ولكن أيضا في وجود دولة تبسط نفوذها على كامل الأراضي اليمنية، تخلص البلد من الارهاب والسلاح، وتتجه نحو البناء والتنمية.

قراءة 988 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة