تصاعد أزمة المشتقات النفطية وازدهار السوق السوداء

  • سعر الـ20 لتراً وصل إلى 8 آلاف ريال
  • الاشتراكي نت / وسام محمد

الأربعاء, 14 أيار 2014 18:00
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

تصاعدت أزمة المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، خلال الأيام الأخيرة، الأمر الذي ولد حالة من القلق في أوساط الناس، من أن يكون استمرار الأزمة هو مقدمة لرفع الدعم عن المشتقات، من خلال تحويل هذا القرار إلى مطلب شعبي مقابل توفير الوقود.

وشهدت العاصمة صنعاء حالة من التوتر الشديد في اليومين الأخيرين، بسبب أن الوقود أصبح شبه منعدم، ويتوفر في محطات قليلة، لوقت قصير فقط، لتستمر المركبات في التزاحم عبر طوابير طويلة، لا تخلو من أعمال عنف وتدافع في سبيل الحصول على المشتقات.

وقام مواطنون يوم الثلاثاء، بقطع شارع الزبيري، وهو من أهم شوارع العاصمة الذي يقسمها إلى نصفين بالأحجار احتجاجاً على انعدام المشتقات النفطية، كما قام مواطنون في شارع بغداد بالفعل ذاته، إلى جانب وجود دعوات عديدة للاحتجاج ضد حكومة الوفاق والمطالبة بإسقاطها، كونها عجزت عن حل الأزمة.

وفيما نفى مصدر في رئاسة الجمهورية، الأنباء التي تحدثت عن اعتزام الرئيــس عبدربه منصور هادي، إقرار جرعة سعرية، فإن وزارة النفط والمعادن، كشفت عن عمليات تقطع ممنهجة تستهدف شاحنات نقل المشتقات النفطية الى العاصمة صنعاء، وقال مصدر مسؤول في الوزارة، إن شحة المشتقات الراهنة في أمانة العاصمة ناجم عن قيام مسلحين باحتجاز عشرين ناقلة تحمل مشتقات نفطية في طريق مارب – صنعاء، وخمسين ناقلة اخرى في طريق الحديدة – صنعاء.

وأضاف المصدر «هذه الأعمال تأتي وفق منهج تخريبي واضح، يهدف الى تأزيم الوضع الراهن والإساءة الى الدولة وإعاقة مسيرة التغيير والإضرار بحياة الناس اليومية».

ولفت المصدر ذاته، طبقا لما أوردته وكالة الأنباء الحكومية «سبأ» الى قيام مسلحين يوم الاثنين الماضي باحتجاز 16 ناقلة وقود في محافظة ذمار، لكن المسلحين أفرجوا عنها في وقت لاحق، ما عدا اثنتين كان قد تم نهبها في قاع جهران، ولم يتم الإفراج عنها.

 وفيما أكد المصدر توفر المشتقات النفطية بالكميات الكافية التي تغطي احتياجات السوق المحلي وخاصة في أمانة العاصمة، وهو ما أكده أيضا رئيس شركة النفط الذي قال بأنه تم تزويد العاصمة صنعاء بكمية كافية من المحروقات، فقد سجل اليومان الأخيران تصاعداً حاداً في الأزمة وأصبحت المشتقات شبه منعدمة، وخاصة في العاصمة صنعاء، لكن مواطناً قال بأن المشتقات متوفرة بشكل حصري في السوق السوداء، حيث بلغ سعر دبة البترول سعة «20 لتراً» في هذا السوق 8000 ألف ريال.

وأرجع مصدر غير رسمي في شركة النفط، أن الشركة تضخ يوميا الكمية اللازمة من الوقود، لكن خريطة التوزيع لا تخضع للرقابة المشددة، الأمر الذي يسهل من عملية إخفاء المشتقات ومن ثم بيعها في السوق السوداء.

وذكر المصدر أن الشركة تعتزم ضخ كمية جديدة من المشتقات في أمانة العاصمة، وهو ما أكدته الشركة في بيان لها صدر في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، قالت إن كميات كبيرة من مادة البنزين سيتم توزيعها على أمانة العاصمة بعد ان تم فتح الطرقات وإنهاء التقطعات.

وقدرت الكميات التي سيتم توزيعها طبقاً للبيان بأنها تزيد عن مليونين و500 ألف لتر بنزين والتي تمثل %200 من احتياج أمانة العاصمة يفترض أنها وزعت فـجر أمــس والصـحيفة ماثلة للطبع.

استغلالاً للأزمة دعا مستفيدون الى مسيرات ومظاهرات في العاصمة صنعاء وقطع الشوارع، لكن وزارة الداخلية حذرت الثلاثاء بلهجة شديدة، في بيان لها، من أي أعمال شغب وفوضى.

وكان وزير النفط خالد بحاح، قد كشف يوم الجمعة الماضية عن وجود ضائقة مالية لدى الحكومة تقف وراء استمرار أزمة المشتقات النفطية وعجز الحكومة عن إفراغ حاملات النفط التي ترسو بميناء عدن.

ونقلت يومية «الثورة» الرسمية عن الوزير بحاح قوله «إن حاملات للنفط ترسو في ميناء عدن ولم يتم إفراغ حمولتها بسبب الضائقة المالية»، فيما مجلس النواب في جلسته يوم الاثنين، طالب باستجواب وزير النفط خالد بحاح، لكي يوضح أمامه أسباب الأزمة، والخطوات التي اتخذتها وزارته لمواجهة الأزمة.

الأزمة تعيد الحديث عن الجرعة إلى السطح

مع استفحال الأزمة عاد الحديث بقوة عن اعتزام الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، لغرض إجراء اصلاحات اقتصادية يقترحها البنك الدولي، وتحدث عنه اجتماع اصدقاء اليمن الذي عقد في لندن قبل عشـرة أيام، ولكن الأطراف السياسية في البلد يبدو أنها تدرك خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة، فلا أحد يضمن أن المواطنين سيتقبلون ذلك بصدور رحبة.

قبل أكثر من شهر وقبل أن يكون هناك أزمة مشتقات، كان صخر الوجيه وزير المالية قد صـرح أن حكومته سوف ترفع الدعم عن المشتقات، لأن الحكومة تعاني من عجز مالي شديد، وطرح الوزير حينها ثلاثة خيارات قال إنها متاحة أمام الحكومة للتغلب على الأزمة المالية التي تلوح في الأفق ويبدو الآن أنها أصبحت واقعاً لكن الخيارين الآخرين بدا أنهما غير واقعيين مقارنة بخيار رفع الدعم.

وتبنت تصريحات وزير المالية توجهات البنك الدولي بشكل واضح، بعد أن كان مكتبه في صنعاء قد أصدر عدة بيانات أشارت الى أن الدعم الحكومي للمشتقات النفطية يكلف خزينة الدولة اليمنية أكثر من 2 مليار دولار سنوياً.

ويبرر مؤيدو رفع الدعم عن المشتقات، بأن الحكومة مجبرة لرفع الدعم كونه «أصبح يشكل عبئاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة، وعلى الاقتصاد اليمني بشكل عام»، وفي تبرير آخر يحب مؤيدو رفع الدعم الحديث عن أن الوضع الحالي لا يخدم الفئات المستهدفة بل يخدم المهربين فقط، وبدلا من محاربة التهريب سيتم محاربة الدعم.

بعد وقت قصـير من تصريحات الوجيه نفى المتحدث الرسمي باسم الحكومة أن يكون هناك توجه لرفع الدعم، خوفاً من أي ردة فعل قد يسببها تصريح وزير المالية الذي بدا بنظر الحكومة أنه واضح أكثر من اللازم، مر أسبوع تقريبا على هذه التصريحات المتضاربة، لتبدأ أزمة مشتقات نفطية لا يبدو أنها ستنتهي قريبا رغم التطمينات التي لا يتوقف مصدر مسؤول في وزارة النفط عن قولها في وسائل الاعلام الرسمية.

توضح بيانات وزارة المالية للعام الماضي 2013، أن الحكومة اليمنية خفضت دعمها للمشتقات في موازنة 2014 إلى النصف مقارنة بما كان عليه الدعم في الأعوام السابقة، ويمكن فهم هذا الخفض في الميزانية بأنه لا يعدو عن كونه ارادة مبيتة، من قبل الحكومة والبرلمان، طالما ان الحديث عن رفع الدعم هو حديث قديم يبحث عن من يتحمل مسؤوليته فقط.

ولمحت أطراف سياسية خلال الأيام الماضية، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي هو من يضغط على الحكومة لإقرار رفع الدعم عن المشتقات، لكن الرئاسة نفت أن يكون هناك توجه لدى الرئيس بفرض زيادات سعرية. بينما وجدت الأزمة من يستغلها بطرق أخرى حيث تم توزيع صور قائد ما كان يعرف بـ«الحــرس الجـمهوري» سابقاً، أحمد علي عبدالله صالح، ووصفه بأنه المنقذ لليمن، وانتشرت دعوات كثيرة في العاصمة صنعاء تحـض على التظاهر احتجاجاً على انعدام المشتقات، وهي دعوات لم تحمل توقيع جهة محددة.

 

قراءة 918 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة