"الأخضر" يطفو فوق بركة حمراء

  • هادي يطيل عمر كرسيه أمام الحوثيين باقتسام السلطة معهم وإيصالهم إلى قيادة الجيش
  • الاشتراكي نت / الثوري - خالد عبدالهادي

الخميس, 01 كانون2/يناير 2015 10:54
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

انعكست نشوة الانتصارات العسكرية السهلة التي أحرزتها جماعة الحوثيين في التحضيرات الترفية للاحتفال بميلاد النبي محمد والجبايات القسرية التي يتحصلها مسلحو الجماعة من المواطنين والمؤسسات الحكومية.

وطلى النشطاء الحوثيون على مدى أيام الأسبوع واجهات مباني وقباب مساجد بالدهانات الخضراء في العاصمة, فيما ظللوا سماء الشوارع بأشرطة قماشية خضراء وبيضاء تمهيداً للاحتفال بالمولد النبوي.

دأب الحوثيون الذين اختاروا لأنفسهم اسم "أنصار الله" رسمياً على استغلال الذكرى السنوية لميلاد النبي لعرض قوتهم وشعبيتهم للمرة الثالثة داخل العاصمة صنعاء بعدما كانوا يحييون هذه المناسبة الدينية في صعدة حيث معقلهم الرئيس.

ومع نهاية عام درامي في تاريخ هذه الحركة الراديكالية المسلحة, يجهد أتباعها بأساليب مبالغ فيها لاستعراض شعبيتهم وإرسال رسائل مختلفة إلى أطراف شتي.

يبتغي الحوثيون من المبالغة في مظاهر الاحتفالات بالمولد النبوي إرسال رسالة مفادها أن النهج العقائدي الذي يعتنقونه ويبارك الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية قد صارت له الكلمة العليا وعلى أتباع بقية المناهج العقائدية تكييف شعائرهم لتتواءم مع رغبات الحاكمين العائدين إلى الحكم بعد عقود يدعون أنهم لاقوا خلالها إفساداً لمذهبهم.

كذلك هي مناسبة لتأكيد سيطرتهم الميدانية والسلطوية وللنكاية بخصوم دينيين لهم, في مقدمتهم السلفيون الذين يحرمون الاحتفال بمولد النبي ومناسبات دينية أخرى ويرون في الاحتفال بها بدعة.

ولامتحان سطوتها على قرار السلطات الحكومية, فقد حمل مسلحو الجماعة الحوثية إدارات مؤسسات ومصالح حكومية على إنفاق مبالغ كبيرة لتمويل التجهيزات الجارية للاحتفالات.

فقد أمرت الجماعة التي تسيطر على ذمار السلطة المحلية في المحافظة بصرف مليوني ريال لتمويل الاحتفال والإنفاق على 200 من مسلحيها بواقع ثلاثة آلاف ريال لكل واحد.

وفي محافظة إب التي يبسط مسلحو الجماعة نفوذهم على عاصمتها, أخطر مكتب الأشغال في المحافظة ملاك المتاجر بطلاء أبواب متاجرهم باللون الأخضر ورفع الأعلام الخضراء احتفاء بالمولد النبوي.

وأمهل الإشعار الصادر يوم الأحد الماضي والموقع من مكتب الشغال وممثل للحوثيين ملاك المحلات يومين لتنفيذ ما قضى به.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسندات قبض أصدرتها لجنة شكلها الحوثيون لتنظيم الاحتفالات ويجري توزيعها على سائقي السيارات والأشخاص كي يتبرعوا بالمال لتمويل الاحتفالات.

وذكرت تقارير إعلامية أن مسلحي الجماعة فرضوا على إدارة شركة يمن موبايل لاتصالات الهاتف المحمول مليوني ريال.

وسخر المسلحون الحوثيون السلطات الحكومية بما فيها وسائل الإعلام في المحافظات التي يسيطرون عليها لرعاية التحضيرات الضخمة التي ينهمكون عليها حتى حلول موعد المولد النبوي يوم السبت المقبل.

لكن مع كل ما سخروه من السلطات والمصالح العامة في المحافظات لدعمهم إلا أنه سيبدو دعماً ضئيلاً بالمقارنة مع الدعم اللامحددود الذي حظوا به من سلطات أمانة العاصمة التي غطت واجهات اللافتات الدعائية العملاقة المنصوبة في سائر شوارع صنعاء الكبيرة بآيات من القرآن تعلي من شأن النبي محمد.

وعلى مدى أسبوع, ضجت حسابات الناشطين والإعلاميين وعامة المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة من تصميم الحوثيين على صبغ المركبات وواجهات المنازل وسد أفق العاصمة باللون الأخضر.

في مقابل ذلك النقد الساخر، أبدى مهتمون بالتراث مخاوفهم من تشويه معالم مدينة صنعاء التاريخية بعدما انتشرت صور لمبان عامة وقد صبغها الحوثيون بدهانات ذات لون أخضر, بينها إحدى قباب مسجد المتوكل في منطقة التحرير ومبان في المدينة القديمة.

وبالتزامن مع انشغال المسلحين الحوثيين بالتحضيرات للاحتفالات بالميلاد النبوي, تربض آلتهم الحربية على مشارف مدينتين في أناة نادرة تبديها الجماعة التي اجتاحت العاصمة وعواصم أربع محافظات في غضون شهر واحد.

فعلى الرغم من الاستعدادات القتالية التي حشدتها خلال الشهر الماضي للسيطرة على مدينة مارب, مصحوبة بدعاية إعلامية مساندة لذلك إلا أن مقاتليها مازالوا محجمين عن المغامرة في واحدة من أكثر المحافظات القبلية تخزيناً للسلاح الثقيل والمتوسط وأبرز معقل لمقاتلي لتنظيم القاعدة الذي يشن هجمات يومية على الحوثيين في البيضاء وصنعاء وإب وذمار.

وكان زعماء القبائل في مارب حذروا في وقت سابق من العام الماضي بأنهم سيلجأون إلى تدمير بنى النفط والطاقة في حال أفسحت السلطات الحكومية الطريق للحوثيين ليسيطروا على المحافظة النفطية.

أما المحافظة الثانية التي مازال الحوثيون يناورون بشأنها فهي تعز, الأكثر سكاناً بين محافظات البلاد.

وخاضت السلطة المحلية في تعز سجالاً قوياً مع مندوبين للجماعة المسلحة, أبدت خلاله الأولى موقفاً مغايراً لموقف السلطات الرسمية في المحافظات التي سبق للمقاتلين القادمين من صعدة أن سيطروا عليها.

فقد أعلن محافظ المحافظة شوقي أحمد هائل رفضه القاطع لانتشار مسلحي الحوثيين في تعز في خطاب له ألقاه أمام لقاء ضم ممثلين لأطراف سياسية ومسؤولين تنفيذيين وعسكريين وأمنيين الأربعاء قبل الماضي.

وأكد  محافظ تعز عدم القبول بأي تشكيلات مسلحة وذلك بعدما أثاره تهديد ممثل للحوثيين في المحافظة يدعى سليم المغلس بأن جماعته لن تسكت عن الوضع القائم وستتولى حماية أنصارها الذين تقول الجماعة إن عدداً منهم تعرضوا للتصفية في وقت سابق.

وقال شوقي "أنصار الله هم أحد المكونات السياسية في محافظة تعز، ومن حقهم أن يمارسوا نشاطهم السياسي والاجتماعي كغيرهم من الأحزاب وبما لا يتعارض مع النظام والقانون، ونحن المسؤولون عن أمن ورعاية المواطنين ولا نقبل أي مزايدة من أحد".

وأضاف: أصبحت تعز اليوم غير تعز الأمس؛ لقد شبت عن الطوق ولن تقبل بأي وصاية عليها من أي جهة كانت، وأبناؤها هم السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأي محاولة لكسر هذه الصحوة سيتم ردعها بقوة وحزم.

وأردف يقول "تعز تستقبل الناس يومياً لكن التجول بالسلاح لا. الإساءة إلى أبناء تعز غير مقبولة (..) تعز هي صوت واحد للسلمية والسلام والتنمية (..) أريد أن أتحدث بوضوح : نحن لا نخاف من أي تهديد ولا أحد قادر على تركيع تعز".

وفي وقت لاحق, أمر المحافظ شوقي بمنع تنظيم أي أنشطة ذات طابع سياسي في المرافق العامة, فيما أقرت اللجنة الأمنية في المحافظة إعادة توزيع النقاط الأمنية وإعداد تصاريح جديدة لحمل السلاح ووضع خطة متكاملة لضبط المركبات والدراجات التي لا تحمل لوحات.

إضافة إلى ذلك, أبدت الأحزاب السياسية والوجاهات الاجتماعية والمنظمات المدنية وحدة موقف غير مسبوقة في رفض انتشار الميليشيات في المحافظة التي أقرتها الحكومة عاصمة ثقافية للجمهورية قبل عامين.

في الغضون, تواصلت انتهاكات المقاتلين الحوثيين بحق مواطنين في المحافظات التي يسيطرون عليها, ووقع واحد من أقسى تلك الانتهاكات في إب حيث أحرق المقاتلون الذين سيطروا على عاصمة المحافظة في أكتوبر من العام الماضي أربعة منازل, انتقاماً لمقتل أحدهم.

وأفادت معلومات أن المقاتلين الوافدين من صعدة أضرموا النار يوم الجمعة الماضي في أربعة منازل بمديرية حبيش بعد مقتل أحدهم بنيران شخص من أهالي المنطقة تبادل إطلاق النار مع المسلح الحوثي قبل أن يقتله.

والأحد الماضي, نسف مقاتلو الجماعة خمسة منازل لرجال قبائل في قرية شراع بمديرية أرحب بعد اشتباك عنيف بين الطرفين, أسفر عن سقوط قتلى.

من جهة ثانية, ألقى جهاز الأمن السياسي بالمسؤولية على الحوثيين في خطف مدير أمنه الداخلي صباح الخميس الماضي من منزله بصنعاء.

ونقلت وكالة سبأ الحكومية للأنباء عن مصدر في الجهاز أن العميد يحيى المروني اقتيد من منزله إلى جهة مجهولة, وحمل الجماعة الحوثية مسؤولية سلامته.

يأتي هذا الطغيان المتعاظم للحوثيين على النظام العام وما تبقى من جهاز الدولة في الوقت الذي وصلوا فيه إلى قيادة الجيش, حين عين الرئيس عبدربه منصور هادي أحد أعضائهم نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة.

وأصدر هادي يوم السبت الماضي قراراً بتعيين العقيد زكريا يحيى محمد الشامي نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة.

وزكريا من العناصر المتشددة داخل الجماعة الحوثية التي مثلها في مؤتمر الحوار الوطني, وهو نجل القائد العسكري يحيى الشامي الذي تولى دوراً قيادياً مع القوات النظامية التي خاضت قتالاً ضد مقاتلي الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح خلال ثمانينيات القرن الماضي.

وقال متتبعون لسيرة العقيد الذي كان يخدم في قوات الشرطة العسكرية قبل أن يرقيه قرار هادي إلى رتبة لواء إن زكريا قاتل في صفوف الحوثيين خلال عدد من جولات القتال الذي خاضته القوات الحكومية ضد مسلحي الجماعة على مدى ستة أعوام في محافظة صعدة.

كان الحوثيون رفضوا تمكين رئيس هيئة الأركان الجديد حسين ناجي خيران من منصبه, الأمر الذي اضطر هادي لمقايضتهم بتعيين الشامي نائباً لرئيس الهيئة.

وقوبل قرار تعيين الشامي نائباً لرئيس هيئة الأركان بانتقاد واستياء واسعين بعد أيام قليلة من تعيين محافظين جدد لسبع محافظات, أظهرت أسماء المحافظين المعينين أن هادي يطيل عمر كرسيه أمام شره الحوثيين للحكم باقتسام السلطة معهم.

في هذا الإطار, نددت أحزاب اللقاء المشترك بقرارات تعيين المحافظين ورؤساء مؤسسات أخرى قائلة إنها خالفت الإجراءات القانونية ومقررات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة.

وطالب مجلس المشترك الأعلى رئيسي الجمهورية والحكومة باحترام القانون والاتفاقات الموقعة من كل الأطراف السياسية.

وجاء في بيان للمجلس بعد اجتماع تشاوري له يوم الخميس "في حال استمرار نهج تجاهل القوى السياسية ونقض الاتفاقات المبرمة وتجاوز مبدأ الشراكة الوطنية المتفق عليه فإن المجلس الأعلى سيكون له موقف واضح ومعلن".

 

 

قراءة 1086 مرات آخر تعديل على الخميس, 01 كانون2/يناير 2015 14:58

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة