تعطل العمل في مؤسسات الدولة يدخل شهره الخامس وسط اجواء سياسية واقتصادية مخيفه

  • الاشتراكي نت/ خاص - علي صالح الجرادي

الأربعاء, 18 شباط/فبراير 2015 20:23
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

الشعور بالحسرة والخيبة من واقع الحال، ليس أقل خوفاً مما تخبئه الأقدار لليمنيين، وماقد تؤول اليه الأمور والمتغيرات في حياتهم اليومية الحافلة بالخيبات والهزائم، والتي تكاد تنصهر أمام فراغ السلطة الحاصل وشلل المؤسسات والمرافق الحكومية الذي يدخل شهره الخامس مع استمرار حالة الفراغ وتوقف العمل، لا سيما وقد تحولت أبواب وأسطح هذه المؤسسات والمرافق الى مجرد سجون ومتاريس لاخذ الأرواح الرافضة لابتلاع الدولة وبسط قوة السلاح.

 فمنذ الـ21سبتمبرأيلول الماضي، وبعد أن تمكنت حركة انصار الله "الحوثيين" من سيطرتها على الدولة ومؤسساتها، ولجزء ليس كبير من الجغرافيا؛ يعيش اليمن أجواءً سياسية واقتصادية مخيفة، الامر الذي أدى الى تفاقم الحالة الاقتصادية والمعيشية لدى المواطنين وازديادها تعقيدا. تتسارع الاوضاع نحو الإنهيار وتجاوز خطوط الحياة المستقرة، حيث  تزداد الخدمات الاجتماعية الاساسية سوءا. فحسب الإحصائيات التي أصدرتها المنظمة الأممية "اليونسيف" والتي تشير الى أن نحو 14.7 مليون يمني من إجمالي عدد السكان البالغ 25.8 مليونا، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، الامر الذي يترتب عليه أثار كارثية خصوصا على النساء والأطفال- وتأثيرها على جوانب التغذية والتعليم.

في حين يمثل الأطفال الشريحة المجتمعية الأكثر تضررا من هذه الأزمة، خاصة أن الملايين منهم يعانون من سوء التغذية وظروف صحية سيئة واضطراب في العملية التعليمية، وأحيانا يتم تجنيدهم إجبارياً من قبل قوى الصراع واجهزة الجيش.

تأتي اليمن ضمن الدول الفقيرة والمتدهورة ، فعلى مستوى الحدمات أشار تقرير الممثل المقيم لليونيسف في اليمن جوليان هارنس؛ الى أن الخدمات الاجتماعية الأساسية ستزداد سوءاً في المستقبل، والتي لم تعد بعد إلى وضعها شبه الطبيعي ماقبل عام 2011م.

وكشف التقريرعن الانهيار المخيف للخدمات الأساسية عقب الاضطرابات السياسية التي شهدتها اليمن منذ أيلول سبتمر الماضي والتي أغرقت البلاد في أزمة إنسانية حادة, إضافة إلى  الفراغ في الحكم، وشلل المؤسسات، وعدم الاستقرار والخوض في صراعات مستمرة، فضلاعن الإرهاب وانتشار الجريمة بأنواعها، يزيد عن ذلك الكثافة السكانية والضغط البيئي والافتقار إلى التنمية.

بيد أن الامر لم يتوقف عند ذلك التعقيد الناتج عن توقف المؤسسات الحكومية  وعلى رأسها  الشركات النفطية عن العمل؛ فالحالة الأمنية المنفلته هي الأخرى تزداد اتساعا مع تزايد رقعة  الصراع بين الأنصار (أنصار الله، انصار الشريعة) وحروبهم المشتعلة في قلب المعادلة الإنسانية الواقعية التي تستبعد بهدوء كل احتمالات الحياة، أوالعودة الى السلام كخيار تفر اليه الأرواح اليمنية الضامئة لترتوي منه بدلا من الصراعات والحروب التي أرهقتها منذ سنين.

وعن تلك المخاوف التي تراود الموظفين نتيجة الشلل شبه التام في المؤسسات الحكومية منذ 21سبتمبرالماضي،استطلع "الاشتراكي نت" الأراء المتباينة لموظفي بعض المؤسسات الحكومية حول توقف هذه المؤسسات، مراد المقالح احد موظفي وزارة التعليم الفني والتدريب المهني،الذي ما إن سألناه حتى بدأ حديثه قائلا: ماحدث في 21سبتمبر الماضي من استيلاء على مؤسسات الدولة،هو تدمير حقيقي للدولة، وإرادة واضحة لإعادة اليمن الى ماقبل الدولة، وهو ما انعكس سلباعلى الوضع الاقتصادي الذي يتدهوريوما بعد يوم نتيجة توقف المؤسسات عن العمل.

وعبر المقالح عن حجم الخوف الذي يصيبه تجاه العجزالاقتصادي الكبيرالذي قد تصل اليه البلد في القادم، وهو ما ستجنيه الأسرة اليمنية من معاناة قاسية.

فيما اعتبر نشوان غثيم، ماحدث في سبتمبر بمثابة تطهير كل مؤسسات الدولة من الفساد الذي استشرى فيها، والذي دمر الاقتصاد الوطني  بسبب اشخاص سيطروعلى هذه المؤسسات لفترة طويلة.

نشوان أحد موظفي شركة النفط، أكد على أن العمل يمشي على قدمٍ وساق وأن لا صحة لما يقال عن شلل المؤسسات الحكومية وتوقفها عن العمل، وأردف بقوله: ينبغي على جميع الموظفين في الدولة التعاون مع اللجان الثورية في تسيير الأعمال بما يخدم المصلحة الوطنية والتخلي عن المثبطات التي تعيق العمل الوطني كواجب ديني أولا.

جمال عطيه احد موظفي أمانة العاصمة هو الأخر، اعتبر ماحدث في سبتمبر الماضي؛ نتيجة طبيعية لما أحدثته الاحزاب السياسية في المرحلة من 2011حتى اليوم، والفساد المفضوح الذي مارسته بشكل مخيف، على وجه الخصوص احزاب المشترك حد تعبيره.

وقال ان الخطوات التصعيدية التي قام بها الحوثيين وسيطرتهم على المؤسسات والمدن؛ كان دليلا واضحا على عدم وجود رجال دولة حقيقين، ما أدى الى ادخال البلاد في أزمة خانقة اقتصادية وسياسية  مؤشراتها توحي بالمستقبل المجهول لليمن ككل.

ومع تنامي ظاهرة الصراع على الحكم، وبروز الإرهاب كلاعب رئيس في بلدٍ يعيش بلا رئيس لليوم الـ  28 على التوالي؛ تسود اليمن حالة من الشك وعدم اليقين بشأن ما ستؤول إليه الأوضاع  في ظل ما تشهده من تسارع للأحداث بلغت ذروتها مع إعلان كل من الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة استقالتهما، عقبت ذلك تحركات جزافية وخطوات مفاجئة أربكت المشهد المحلي والاقليمي والدولي؛ تمثلت في سير جماعة الحوثيين بإتجاه ما أسموه "إعلان دستوري"، دونما مراعاة العملية السياسية الجارية، وأطرافها التي أكتفت ببيانات الرفض لذلك الإعلان تحت مبرر ترى فيه أن جماعة الحوثيين تحاول لي ذراع العملية السياسية؛ بفرضها للإعلان الدستوري بالقوة، الأمر الذي أثار مخاوف الخارج من إنزلاق اليمن نحو الفوضى، ناهيك عن الوضع الاقتصادي الهش، وانهيار العملة الوطنية (الريال)اليمني، جسب ما كشفه مبعوث الأمم المتحدة في اليمن جمال بن عمر في تقريره المفصل عن الوضع اليمني، الذي قدمه لمجلس الامن.

مخاوف المجتمع الدولي لم تكن بمعزل عن مخاوف دول الجوار، الذي بدا موقفها واضحا من إنقلاب الحوثيين على الشرعية الدستورية المتمثلة في الرئيس المستقيل هادي وحكومته، والإستيلاء على مقار الرئاسة والمؤسسات الحكومية؛ التي عُطلت بشكل  كامل، ماأدى  الى تفاقم الأزمة الإقتصادية، التي تصاعدت معها مخاوف المواطنين من تصريحات مسؤولين؛ اكدو فراغ الخزينة العامة المتوقع عجزها عن صرف رواتب الموظفين لهذا الشهر.

ومع تزايد حدة الصراع في المشهد اليمني المتأزم، من توقف الحركة الانتاجية  للمؤسسات التي أصيبت بالشلل منذ أيلول الماضي؛ تزايدت مخاوف العالم تجاه الكارثة الانسانية التي قد تحل باليمن؛ الفوضى، الارهاب،الإقتتال الطائفي؛ مسميات سارعت من إغلاق عدد من الدول سفاراتها في صنعاء وإجلاء بعثاتها الدبلوماسية ورعايها في خطوة أشبه ماتكون وضع اليمن في عزلة، وتركه لمواجهة مصيره، مع استمرار الهجمات على معسكرات الجيش اليمني ونهب أسلحته، في عمليات ينفذها طرفي الصراع، مما يزيد مخاطر انزلاق اليمن نحو الفوضى.

لبتقى حينها رغبة اليمنيين في البحث عن الخلاص من ديمومة المحنة واستمرارية الصراع القاتل؛ فكرة حبيسة في ذات اليمني العاري، الذي يتحسس عن ذاته  في العواصف والأمواج على مدى قرون حياته الحافلة بالوجع والتعب فلا يجدها.

قراءة 2329 مرات آخر تعديل على السبت, 21 آذار/مارس 2015 15:16

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة