ملامح الديمقراطية الشعبية (1)

الأربعاء, 08 حزيران/يونيو 2016 01:13 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

البربرية تطرق الأبواب

إذا كانت الديمقراطية الشعبية ضرورية في فترات الاستقرار السياسي، كشرط لبقاء هذا الاستقرار وأيضا لتسريع عملية التنمية واللحاق بركب العالم، فالديمقراطية الشعبية ضرورية بشكل مضاعف في مثل هذه اللحظة التي نعيش فيها، حيث الدولة تنهار، والفوضى تتسع، وبنى المجتمع الأفقية تتفكك على هيئة مجتمعات صغيرة وهويات منغلقة تؤسس لبربرية أصبحت طرقاتها على الأبواب مسموعة.

يمكن لنظام استبدادي استطاع أن يوفر استقرار نسبي أن يستغني عن الديمقراطية الشعبية لبعض الوقت. مثلا هذا ما فعله صالح الذي أسس سلطته الاستبدادية على أنقاض دولة الحمدي التي شهدت بداية تفتح الديمقراطية الشعبية. لكن في مرحلة تفكك مؤسسات الدولة المفككة في الأصل، والاستحواذ عليها من قبل مليشيا طائفية، هو بالضرورة تأسيس للبربرية على أنقاض أمل كان لا يزال لدى اليمنيين بتغيير الوضع إلى الأفضل.

في حالة الفوضى يصبح الأمر أكثر من مجرد أمنيات أو مطالب خرقاء يتجمع الكثيرين لصياغتها وكتابتها في ورقة بردي، ليتم ربطها بعد ذلك على رجل حمام زاجل سوف تطير إلى جهة مجهولة. تلك الجهة توقفت عن الإصغاء منذ زمن بعيد وإلا لما كنا قررنا الخروج أصلا، بل أنها أصبحت تشن الحرب ضدنا لدرجة أنه لم يعد بمقدورنا التجمع مجددا وصياغة نفس الرسالة بخط أنيق هذه المرة. لا أحد سوف يحقق لنا هذه المطالب إذا لم نبادر لتحقيقها بأنفسنا. ثم أن البربرية تطرق الأبواب دون كلل.

فكرة المطالب هذه فكرة أصيلة، وهي تعكس مشكلات عميقة كانت السبب في تفجر ثورة فبراير. لكن هناك خيط دقيق بين أن تبدأ هذه المطالب في العثور على طريقها، من خلال واقع معطاء تأسس بوعي ومشقة، وبين الأوهام بأن هناك قوى خارقة ستأتي ذات صباح ربيعي آسر وستشرع في تنفيذها الواحدة تلو الأخرى.

ارتبطت الأوهام بصورة ما بالثورة السلمية لطالما كان السيف أصدق أنباء من الكتب. ولكن عندما وجدت الثورة نفسها مضطرة لحمل السلاح، ساد جو من الجد واللعب. وإذا ما بقيت حالة الاستسلام للمقسوم سائدة، ففي النهاية مهما توسم لنا الحظ لأننا مواطنون صالحون، فلن تبقى لنا حياة تشبه تلك التي كانت لنا في يوم ما.

 طريق البربرية، لمن لم يسبق له أن شاهدها تسير بافتتان، هي نفس طريق التاريخ عندما يصر على العودة إلى الخلف ولا يجد من يردعه أو على الأقل يخبره بأنه ظل الطريق. بينما طريق الديمقراطية الشعبية هي نفس طريق التاريخ في تصاعده المتوهج.

ماذا نعني بالديمقراطية الشعبية؟

حتى الآن استطيع أن أؤكد لكم، بأنها لا تشبه فكرة "قضية تعز" أو أي فكرة أخرى بائسة من هذا النوع. وهي ليست فكرتي على أية حال، بل هي فكرة ضاربة الجذور في التاريخ الإنساني نبشها الكثير من العظماء في محطات عديدة، ووجدت طريقها للتطبيق بسهولة. وفي كل الديمقراطيات القائمة اليوم، ستجد أن جانبها المضيء هو ذلك الذي ظل محتفظا بإخلاصه للديمقراطية الشعبية حتى وان لم يُطلق عليها نفس الاسم. ثم أن هناك ملامح عديدة لهذي الديمقراطية في تاريخ الشعوب القديمة والحديثة، وسنجد لها ملامح واضحة في التاريخ اليمني الحديث وحتى في حياتنا اليومية.

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

قراءة 1630 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة