ميدان التحرير والآمال القديمة الخالدة

  • الاشتراكي نت / فتحي ابو النصر

الخميس, 01 أيار 2014 19:45
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

بشكل عام أتخيل منطقة ميدان التحرير قبل خمسين عاماًحيث الانتماء الرحب إلى الجمهورية والعزيمة وفكرة اليمن الجديد ، فضلا عن أنه كان وما يزال ذاكرة متجددة تضم اليمن كاملا ، ولعله أول من احتوى ملامح الروح المدنية للعاصمة آنذاك .

‏من هنا يمكن القول أيضاً إن عديد تجارب إنسانية ووطنية كبيرة عبرت شارع المطاعم في العاصمة لا شك -أحد أبرز شوارع المنطقة-كما تجلت فيه عشرات آلاف القصص والحكايا: على أنه الشارع الذي كان مقصدا لكثير من المثقفين والسياسيين المناصرين للقضية الوطنية.

الشارع الذي صنع معجزة فك حصار السبعين على وجه التحديد، الشارع الذي يقع في محاذاة شارع علي عبدالمغني بكل ما يحمله من دلالة رمزية مؤثرة في حس المنطقة خصوصا من الناحيتين القيمية والوطنية.

كذلك هو أفضل مكان احتضن أوائل المظاهرات والمنشورات، صانع التنوع والتكتل المدني حينها، ومعزز حالة التعايش المائزة حين تتكرس بهموم التوحد الوطني ودحر الرجعية والاستعمار.

‏الشارع الذي كان فيه الجنوبي والشمالي، أو ما يسمى بـ "أصحاب مطلع وأصحاب منزل"في حالة تجانس عارمة
ورفيعة، شارع المنطقة المفتوحة على الوزارات والهيئات والمؤسسات الأولى للجمهورية الوليدة، المنطقة الخلاقة التي سكن وعمل ودرس وتواجد فيها الأغبري والحرازي والذماري والصبري والرداعي والا‏رياني والصنعاني والسلامي والكبسي والجرموزي والحبوري والبشاري والأهنومي والمطاع والحكيمي والسقاف والنعامي والمقحفي والرازحي والعامري والدعيس والضالعي والانسي وصاحب الأخمور وصاحب ذي السفال والمراوعة وماوية وعدن . . . . إلخ ، إلخ .

‏بلغة أخرى.. كان المكان وما يزال بصبغة حميمية جداً كونه قلب العاصمة وأحد أقدم أحيائها التي كانت مفتوحة على الجديد والمتجدد، بينما ترك في عديد أجيال تلك الأحاسيس والمذاقات المختلفة للوحدة والديمقراطية والتنوير والتقدم والتسامح ولليمن الكبير المحتشد بكل الألفة والجمال،غير أن كل تلك الآمال القديمة الخالدة لا يمكن طمسها من روح المكان الأكثر من حميم رغم كل شيء.

‏والثابت أنه ميدان التحرير ومحيطه، حيث انتصبت بعد اندلاع سبتمبر العظيم عمارة عطاء العريقي وعمارة طاهر العريقي وعمارة المترب والحيمي والدالي والأصبحي والقربي والسفارى...إلخ كمؤشرات انفتاح ومعاصرة ووعي جديد.

‏هناك أيضا كانت نقطة القادمين من القرى البعيدة على مدى عقود، تحديدا أنبل المناضلين من أجل الحرية والمواطنة، هناك حيث البشر الحقيقيين الذين كانوا في صميم الحياة وعزيمة النهوض باليمن قبل أن تذهب أحلامهم كالهباء بسبب الخونة والمخبرين والطائفيين.

هناك حيث تجلت أهم أفكار ورؤى الوطنية اليمنية والعدالة الاجتماعية والعمل الحزبي السري...إلخ ، ثم إن
هناك تشكلت كما يقول التاريخ الأسس التجارية والسياسية الأولى،كون ذلك المكان ذاته احتضن أولى السفارات وأول مستودعات الوكالات التجارية العالمية من كل نوع.

والمؤكد أننا حين نستحضر رمزيته الواسعة اليوم فإننا لا بد أن نستحضر روح كل أبطال حركة التحديث الشباب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي مدنيين وعسكريين، حزبيين وطبة وتجارا ومهنيين ومثقفين...إلخ ، أي لا بد
أن نستحضر كل التمثلات العصرية للبريد والاذاعة والمكتبة والصحيفة والاستوديو ومدرستي جمال عبدالناصر وسيف بن ذي يزن والكلية الحربية والفنادق الأولى للعاصمة إلى جانب الأندية الأولى أيضا.

‏فوق هذا لا بد أن نستحضر على سبيل المثال وجدان المسّاح والصيقل وصوفان والجاوي وجار الله عمر ومحمد عبدالولي ودماج وباشراحيل والأكوع والشحاري وأحمد عبدربه العواضي وعبدالرقيب عبدالوهاب ومحمد مهيوب الوحش وحمود ناجي سعيد...إلخ، إلخ.

المعنى باختصار شديد إنه من غير اللائق اختزاله إلى شارع مطاعم ومقاه فقط،بينما كان الأجدى أن يتم الاعتناء الخصوصي به رسميا بصفته جزءا مهما جدا من تاريخنا المعاصر، لا أن نرضخ للزحف العمراني وللتشوه الثقافي والقيمي الذي ضرب بهاء وذاكرة الأمكنة ومحمولاتها الوطنية كما هو حاصل للأسف.

 

 

قراءة 1051 مرات آخر تعديل على الخميس, 01 أيار 2014 21:08

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة