رئيس مركزية الاشتراكي يعزي برحيل المناضل الوطني سعيد الجناحي مميز

  • الاشتراكي نت / خاص

الإثنين, 03 تشرين1/أكتوير 2022 18:02
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

عزى الاستاذ يحيى منصور ابو اصبع، رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني برحيل فقيد الوطن  المناضل الوطني الكبير سعيد الجناحي، الذي وافاه الاجل الجمعة الماضية بعد صراع مرير مع المرض.

وبعث رئيس اللجنة المركزية رسالة عزاء ومواساة في هذا المصاب الجلل فيما يلي نصها:

 

بقلب مفجوع وألم عميق تلقيت نبأ وفاه الرفيق المناضل سعيد أحمد اسماعيل علي الجوفي بعد مسيرة تاريخية كفاحيه تمتد لما يقرب من خمسه وستين عاماً من أجل تحرير الوطن من النظام الإمامي والاستعمار البريطاني وصولاً إلى تحقيق الوحدة اليمنية تغمده الله بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون

والتعازي لزوجته ورفيقة دربه ومسيرته المناضلة (حُسن) ولأولاده جميله وأحمد وهاني وهناء ولكافة الأسرة وللحزب الإشتراكي اليمني وكل الحركة الوطنية الديمقراطية .

و أود بهذه المناسبة أن أسجل بعض ذكرياتي التاريخية وعلاقاتي بالرفيق سعيد الجناحي والتي تمتد ما يقرب من 58 عاماً منذ لقاءنا الأول عام 1964م وحتى رحيله في 1 أكتوبر 2022م .

- لقاء التعارف الاول كان في إب في منزل الوالد الشيخ مطيع دماج محافظ إب .

كان سعيد الجناحي هو والأستاذ الراحل عبدالله المقحفي قادماني من صنعاء على ظهر بابور عسكري مصري ينقل عبدالله المقحفي من صنعاء إلى تعز والمقحفي هو من الملتحقين بحركة القومين العرب في تعز بل من المؤسسين وعلى حد قول يحيى عبد الرحمن الإرياني المؤسس الأول لحركة القومين العرب في تعز أن المقحفي كان أول من كسبه للحركة نتيجة للعلاقة القديمة بين الاسرتين

وقد استغل أخي أحمد منصور وأحمد قاسم دماج فرصة وجود وسيلة نقل لترحيلي أنا وأمين بن قاسم دماج إلى تعز وهكذا كان هذا التعارف.

إلا أن سعيد لم يكتف فقط بنقلنا وكذلك المقحفي بل عرفونا على منزليهما ، وكانا عوناً لنا على الدوام .

- كان اللقاء الثاني في منزل سعيد الجناحي في حارة المستشفى بطلب من الرفيق أحمد محمد الحربي والذي كان حينها على ما أعتقد مسئول القطاع الطلابي في حركة القومين العرب وذلك بغرض أن يؤثر عليا سعيد الجناحي حيث كنت قد أصبحت سكرتير الاتحاد الطلابي (امين عام) اواخر عام 1964م .

وعيسى محمد سيف رئيس الاتحاد وهو أول اتحاد في تأريخ اليمن والحركة الطلابية وتكون تحت إشراف المصرين وعلى الأخص  الاستاذ فؤاد الذي كان يعمل بدون شك مع المخابرات المصرية وقد رفضت أي تعاون كامل مع الحركين لأنني في حينه كنت قد التحقت حزبياً بالاتحاد الشعبي الديمقراطي (الماركسيين) الذي كان يرأسه الاستاذ عبدالله عبدالرزاق باذيب وقد نصح سعيد الجناحي أحمد الحربي باللجوء للأستاذ عبدالقادر سعيد أحمد طاهر فهو الوحيد الذي يسيطر على يحيى منصور

 فعلاً دعاني عبدالقادر وقال لي تعاون مع عمر محمد عبد الصمد أحد قاده الطلاب وهو رفيق عزيز وزميل رائع من منطقه يافع شغل فيما بعد رئيس الاتحاد الطلابي وعشتُ أنا وهو لسنوات لا نفترق وخاصه عندي في جبلة، ونفذت تعليمات عبدالقادر وفحواها تعاون مع عمر عبد الصمد واصحابه واحتفظ بعضويتك في الشبيبة او الاتحاد الشعبي الديمقراطي فمصيرنا واحد.

- ثم في عام 1966م وبعد الدمج القسري بين الجبهة القومية وجبهة التحرير  وفي جبلة عقد المؤتمر العام الثاني للجبهة القومية لاتخاذ موقف من الدمج القسري والذي كان له نتائج وخيمة على الجبهة القومية ومناضليها من حيث قطع المساعدات العسكرية والمالية والغذائية والإعلامية.

كنت في المؤتمر واحد من المسؤولين عن أمن المؤتمر إن لم أكن أهم المجموعة بحكم وجود والدي الشيخ منصور عبد الحميد ابو اصبع وكذلك الشيخ إسماعيل مجلي (زوج عمتي شيخه أخت أبي) لدورهما في إواء وتسكين اعضاء المؤتمر فكنت مشرف على أكثر من بيت ومكان للإقامة والنوم للأعضاء لأكثر من اسبوع، وكان عبدالقادر سعيد حاضراً بصفته المسؤول السياسي لحركة القومين العرب في الشمال والجنوب ومتابع أول بأول لسير عمل المؤتمر الثاني للجبهة القومية فلم يكن هناك مجال لاتخاذ أي قرارات إلا بالعودة إلى عبد القادر سعيد، وصادف وجود سعيد الجناحي مع عبد القادر بعض الوقت فألزمني عبد القادر سعيد بأخذ سعيد الجناحي إلى عمه عبد الفتاح الذي كان شبه متخفي هو وأنور خالد لمتابعة المخابرات المصرية واليمنية لهما بضغط وطلب من جبهة التحرير وإتهامهما كذباً بقتل النقابي الشهير حسين قاضي في عدن وحينها كان عبد الفتاح في الشمال وقد فوجئت أن عبد الفتاح هو عم سعيد احمد إسماعيل المعروف بالجناحي.

 - لقاء آخر تم في بيت يحيى عبد الرحمن الارياني في حوض الاشراف حيث التقيت سعيد الجناحي الذي كان قد تم الإفراج عنه من المعتقل في تعز  من بعد احداث 23 و 24 أغسطس 1968م وقد أخبر عبد القادر الاخوان ان يحيى منصور قد أصبح في الحزب الديمقراطي الثوري اليمني بعد ان مكثت خمس سنوات باتحاد الشعب الديمقراطي بعد ان عرف ان الحزبين في طريق واحد وهو الان مسؤول منظمة الحزب الديمقراطي في محافظة إب (لان قياده المحافظة في المعتقل وهم عبدالله الوصابي واحمد قاسم دماج واحمد منصور ابواصبع و اخرين).

فأعرب سعيد الجناحي عن سروره وقام واحتضنني وقبلني واخذني ذلك اليوم في ضيافته غداء وقات مع وجود الاستاذ عبدالله المقحفي والذي كان صديق حميم لسعيد الجناحي فوق ذلك أنهما رفاق كفاح وفي هذه الاثناء كان عبد القادر قد طلب من يحيى عبد الرحمن الارياني زياره تنظيمية إلى إب وجبلة لشد معنويتي وتشجيعي واشعاري باهتمام القيادة بإب وقد تم إختيار يحيى عبدالرحمن الارياني لوجود مبررات زيارته فأعمامه والذين هم حكام (قضاه) في إب وفي جبلة وكان سعيد الجناحي مع يحيى عبد الرحمن الارياني.

حيث بقيا معي في جبلة يومين التقيا عدد من الأوضاع القيادية للحزب الديمقراطي في كلاً من إب وجبلة وقد عبر سعيد الجناحي عن فرحته وارتياحه للزخم القومي للحزب في محافظة إب

منذ عام 71 م بدأ الأمن مضايقتي ومراقبتي فإضطريت للابتعاد عن إب المدينة وعن جبلة (بعد فراري من سجن الزاجر بسبب ادعاءات الأمن انني حرضت مظاهرات الطلاب وقد ساعدني على الفرار أحد ضباط الأمن واسمه عبد العزيز المقالح واعطاني مسدسه وما زلت ابحث عنه حتى اليوم) واللجوء إلى الريف (القرية) حيث منظمة الحزب كانت قوية وشاملة وخاصه منظمة الفلاحين الثوريين.

وزرت عدن في فبراير 1972م  والتقيت سعيد الجناحي الذي كان يشغل مدير عام الثقافة ورئيس تحرير الثقافة الجديدة: وقد اشعر عمه عبد الفتاح بوجودي فاستضافنا على الصبوح في معاشيق وشكيت له من الرفيق سلطان أحمد عمر الذي لم ينجزني في شيء فأرسل له مع سعيد الجناحي لسرعة تلبية حاجتي حتى اعود إلى الداخل (الشمال) قائلاً له يحيى منصور موقعه ومكانه في الداخل وليس في شوارع عدن.

وفعلاً فقد ظل سعيد الجناحي ليس فقط مستضيفني في بيته بل ومشارع ومتابع لإنجازي عند الرفيق سلطان أحمد عمر وطلبت من سعيد الجناحي أن أرى بعض الرفاق (من قياده الجبهة القومية) الذين عرفتهم في مؤتمر جبلة فكان أول من استضافنا هو محمد صالح مطيع والذي كنت قد إستضفته في اجازته المرضية عام 1966م حين سُلم إليا من قبل عبدالله احمد الوصابي (مسؤول حركه القومين العرب في إب) وكان احمد قاسم دماج هو من اوصل مطيع وسعيد عبدالوارث الابي من بيت عبدالقادر سعيد في تعز حتى سلمهما للوصابي وصادف وجودي فألزمني الوصابي بتولي مسؤولية العناية والرعاية لمحمد صالح مطيع وكان يحمل اسم مطهر عبدالله البعداني وقد استضفته في الريف هو وعبد الوارث الابي على مدى اسبوع.

ولهذا كان مطيع أفضل شخص يستقبلني ويستضيفني في عدن وفي منزله بالذات الذي حدد لي فيه غرفه بصورة دائمة ومن بعده التقيت سالمين وعلي عنتر وعلي ناصر محمد اما علي شايع فكان بيته في الفتح منزلي الدائم حتى أنني استضيف إلى بيته وكانت جليلة ام شلال من اكرم النساء.

ظليت بعد عودتي من عدن مارس 1972م متخفياً ومناضلاً ليلياً حتى فبراير 1977م حين خرجت إلى الشمس بقرار من الرئيس إبراهيم الحمدي وبالعفو والأمن لي أنا والرفيق القائد عبدالوارث عبد الكريم مغلس ولم أعد إلى عدن إلا في  فبراير 1979م (بعد سبع سنوات) لحضور المؤتمرات الختامية لأحزاب اليسار الخمسة في الشمال (الحزب الديمقراطي، حزب الطليعة الشعبية، حزب العمل، الاتحاد الشعبي الديمقراطي، منظمة المقاومين الثوريين).

وكان سعيد الجناحي مندوب في مؤتمر الحزب الديمقراطي الثوري اليمني وقد شكلت أنا وهو وعبد سالم (نصر) كان مسئول تعز وآخرين تياراً مناوئاً لسلطان احمد عمر.

وقد تمكنت الأحزاب الاربعة الأخرى من إنجاز مؤتمراتها الختامية في يوم واحد كلاً على حده لكن المشكلة كانت في الحزب الديمقراطي الثوري اليمني والذي استمر في المؤتمر الختامي خمسة أيام بالتمام والكمال وسط نقاشات ومجادلات وقراءات للوثائق والتي حملناها من الداخل في منظمات الشمال وكانت قيادات الفصائل وقادة الحزب الإشتراكي الجنوبي (حتى الان) يزورون مقر مؤتمر الحزب الديمقراطي في الفتح في مقر مجلس الشعب (البرلمان) وكان المؤتمر بمثابة حساب وعقاب و وثائق تتبعها وثائق والذي كان هذا المؤتمر حديث الناس في عدن.

وكان واضح أن التيار الغالب يرغب الاطاحة بسلطان أحمد عمر مسؤول اول، كما أن تأثير عبد القادر سعيد أحمد طاهر رغم وفاته مايو عام 1974ممازال طاغياً حيث كان على النقيض من اطروحات الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية وكان ابو سند مع العمل السياسي والتنظيمي والفكري الصبور الطويل المدى.

.- دعاني سعيد الجناحي واخذني إلى الرفيق عبد الفتاح الأمين العام للحزب الإشتراكي (كان هذا الحزب قد تشكل في أكتوبر 1978م من التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية) قال لي عبد الفتاح يا يحيى شوف سلطان له اخطاء ولنا أخطاء ولكن سلطان في الأخير مناضل ومؤسس لحركة القومين العرب ولا ينبغي التفريط به إلى النهاية في إنتخابات الحزب الديمقراطي الثوري وليس بالضرورة أن يظل الرجل الأول.

اما موضوع عبد القادر سعيد الذي تريدون الإنتقام له لخلافه مع سلطان حول أشكال النضال فكلاً له مبرراته لكن عبد القادر سعيد لا يعوض وهو بالنسبة لنا جميعاً المعلم الأول على صعيد اليمن كلها. 

عبد القادر سعيد يا أخ يحيى كان يمتلك قدرات سياسية ومواهب فكرية وسرعة بديهيه وامكانيات غير عادية لوضع الحلول والمعالجات والبدائل التي تجمع كل التعارضات وختم عبد الفتاح حديثه لم أندم في حياتي على رفيق أو زميل أو أخ مثل ما حدث لي مع وفاة عبد القادر سعيد وقد أقر كل الرفاق هنا في الهيئات القيادية لمكانة عبد القادر في نفوسهم وأن التجربة في اليمن الديمقراطية كانت ستكون أفضل وأجمل وأنجح لو اخذنا بملاحظات وأفكار عبد القادر سعيد: لقد لاحظنا أنا وسعيد الجناحي أن عبد الفتاح وهو يتحدث عن أبو سند - عبد القادر سعيد أنه كاد أن ينفجر بالبكاء، ثم أشار إلى ضرورة التسريع بختام مؤتمر الحزب الديمقراطي الثوري اليمني وقال انه يتابع وشبه متفرغ لعمل مؤتمر الحزب الديمقراطي وأن الوثائق القادمة

من الداخل وعلى وجه الخصوص الوثيقة المقدمة من منظمة صنعاء و وثيقة منظمة تعز كلاهما أكدت على ما لدى الحزب الديمقراطي من كادر نظري وعسكري وسياسي وتنظيمي على مستوى عال من الفهم وبعد النظر وكيف أستفاد من تجارب الأوضاع في الشمال وتصدى لأساليب القمع والبطش من أجهزة السلطة البوليسية كما لفت نظري التباين بين موقفنا في عدن من التوحيد لأداه الثورة اليمنية وبين حاله التريث والتأني والتحضير المدروس حسب وثيقتي صنعاء وتعز وهذا ربما نقطة الخلاف الاساسية بيننا.

ثم أنهى حديثه بالسؤال عن إب الجميلة وعن جبلة وعن الإخوان الذين مكثت عندهم والأشخاص الذين رافقوه وهو شبه متخفي عام 1966م

- الموقف الأكثر إحراجاً وصعوبةً هو الذي اخذني سعيد الجناحي إلى عمه الرفيق الأمين العام عبد الفتاح إسماعيل في آخر شهر إبريل 1980م لنبلغه بأن الجيش والأمن بأغلبهم يقفون مع عبد الفتاح قائد الحزب والدولة وأن  القوى المناوئة للأمين العام غير قادرة على تحريك أهم القطاعات المدنية والعسكرية ذات التأثير الحاسم في الساحة كلها ومطلوب من الرفيق الأمين العام الصمود وإعطاء الضوء لحسم أمر المناوئين  المعارضين لبقائه في مواقعه.

ومن المهم بهذه المناسبة وكشهادة للتأريخ في هذه المحطة التاريخية الحاسمة من تاريخ الحزب الإشتراكي والدولة في اليمن الديمقراطية أن أسرد وبإيجاز شديد مقدمات هذه الواقعات الهامة:-

كنت في هذا التاريخ مكلف بالعمل في محافظة الجوف وصعدة كمسؤول عن الجبهة الوطنية الديمقراطية وعن الحزب الإشتراكي اليمني وكان الرفيق عبد السلام الدميني مسؤول الجبهة والحزب في محافظة صنعاء وفي أحد أيام شهر ابريل عام 1980م وصل إلى محل إقامتي في قرية العوصاء مديرية برط العنان (كانت حتى ذلك الوقت تابعة لمحافظة صنعاء قبل الحاقها بمحافظة الجوف) الأخ الرائد عبدالوهاب الفاتش وهو رفيق كان مسؤول ومقيم في منطقة العبر محافظة حضرموت المجاورة لمحافظة الجوف وهو تابع لمسؤولي الجبهة الوطنية في شمال الشمال وهو أخ الشهيد علي الفاتش الذي أعدم ظلماً عقب إستشهاد الشيخ محمد علي عثمان قال انه يحمل رسالة مستعجلة من الأخ سعيد الجناحي كان مضمون الرسالة انه يريد يشوفني على وجه السرعة لأمر هام.

وقد أشار لي عبدالوهاب الفاتش عن الخلافات في عدن وقال أن لواء الوحدة التابع للجبهة الوطنية يقف بقوه مع عبد الفتاح قلت له كيف تقفون مع عبد الفتاح وهو ضد العمل النضالي المسلح وضد الحرب مع الشمال وهو يؤمن بالعمل السياسي والنشاط السلمي قال لأن الجميع يعرف أن عبد الفتاح هو العقل والحكمة والنهج الصحيح ، حملته رسالة جوابيه أنني قادم إلى عدن أنا وعبد السلام خلال أيام .

- وصلنا عدن وذهبت إلى منزل الرفيق سعيد الجناحي في المعلا وهو يقع في الشارع الخلفي من شارع مدرم جهة جبل شمسان الساعة الثالثة عصراً . وقد حملتُ معي  القات حسب العادة وكان أحد أيام الأسبوع المسموح به تعاطي القات وهما الخميس والجمعة.

 فتح الحديث الرفيق سعيد حول الأوضاع والمستجدات وتصاعد التوتر بين مجموعة علي عنتر وبين الأمين العام

قلت له بس أنا سامع أنهم اغلبيه في المكتب السياسي ضد عبد الفتاح أفاد أن هذا غير صحيح وذكر قادة ينتمون إلى محافظات معينة هم وراء هذا التوتر. والخلاف والذي يشتد كل يوم فسألته عن الرفيق محسن (محمد سعيد عبدالله الشرجبي او حاجب) قال لا قلق على محسن فهو الان في اديس ابابا وذهابه هناك هو جزء من ترضيه طرف علي عنتر وتهدأته.

 وقلت له لماذا أرسلت في طلبي وانا في برط بصورة مقلقه قال هناك الكثير من وحدات الجيش وقادة في الأمن اتصلوا بي و يتصلون به باستمرار وأنهم يقفون مع قواتهم في صف عبد الفتاح وأنهم لا يقدرون التواصل بالأمين العام لأسباب كثيرة ويريدون من سعيد الجناحي الذي يطمئنون إليه أن يكون همزة الوصل بينهم وبين الأمين العام حتى يشتد عوده ويتصلب في وجه الادعاءات غير الصحيحة من أن الجيش والأمن مع الطرفالآخر و وضع بين يدي اسماء القادة العسكريين واسماء الوحدات بما في ذلك لواء الوحدة التابع للجبهة الوطنية الديموقراطي (تحت مسؤولية حوشي).

 

 قلت للرفيق سعيد الجناحي: طيب وانا ما دخلي بهذا كله، انا لا اعرف شيء عن الجيش والامن والمنظمات الجماهرية في الجنوب وليس لي علاقة بالصراعات والاصطفافات، هذه الايام انا في الشمال وفي المناطق القبلية انا في الجوف وصعده عند قبائل حاشد وبكيل وخولان ابن عامر ثم انت سعيد الجناحي تعرف الامور ربما اكثر من غيرك وعمك عبدالفتاح وتعرف عدن لأكثر من عشرين سنه اما انا يادوب ايام واسابيع في السنه أو في الخمس السنين.

قاطعني سعيد قال: انا والرفيقة عايدة على سعيد وهي مستشاره لعبد الفتاح ناقشنا اسمك وانك تقدر تؤثر على الأمين العام لأنه يحترمك بل ويحبك ودائماً اذا ذكر اسمك يعبر عن الود والمحبة لك منذ ان عرفك وانت شاب في مؤتمر جبله وكيف اهتميت به هو وانور خالد حين كان مطارداً من المخابرات، قلت له ما دخل هذا بذاك قال نذهب انا وانت انا أضع له المعلومات وانت تؤكد عليها وتقنعه بها فقد يسمع منك أكثر منا

قلت له: طيب اتركني يوم وإلا يومين افكر واشوف الشارع السياسي وأكون صورة أولية عما يجري.

قال: خذ لك اليوم وغداً وبعد غداً نذهب للأمين العام

قلت له: اليوم لم يبقى منه إلا للنوم على كل حال اترك لي فرصه استرد أنفاسي فأنا لم اسمع من صباح اليوم منذ وصولنا إلا كلما يسد النفس ويزعج الدماغ وفعلاً كان الشارع وليس فقد مطابخ الحزب الاشتراكي كل البلد مشغولة بقضية الخلاف بين عبدالفتاح وجماعة علي عنتر والصراع في المكتب السياسي لان فعلاً هذا عبدالفتاح الذي يملأ السمع والبصر فهو اشهر شخصية في اليمن شمالاً وجنوباً وعلى مستوى الوطن العربي عند احزاب اليسار وفي المنظومة الاشراكية كلها وكذا الدوائر الغربية المعادية للنظام والتجربة في اليمن الديمقراطية والمتأمرة عليها.

وانا اتجهز للخروج مع المغرب اذا التليفون يرن واذا بالمتصل يسأل عني قال سعيد هذا صاحب بلادك الإبي قلت له اين انت قال لـ اطلبك من الصباح قد نبشت الدنيا، إتفقنا ان نلتقي عنده في البيت في صيره وهو مجاور لبيت محمد سعيد عبدالله محسن و لعبد العزيز عبد الولي اول ما قابلني قال لي اجلس اطلعك على الخرائط الكبيرة والخرائط الفرعية، وقصة الخرائط هي مشهورة عند عبد الوارث فكل القيادات يعرفون ان عبد الوارث الإبي لاينام إلا وخريطة الصراعات والمقايل والحشوش والحكولة معروفة ومفهومة له والا لا ياتية النوم ولهذا كان الكثير من القادة يرجع لعبد الوارث في هذه الشغلات.

طبعاً هذا الرجل هو من الجعاشن ومن عزلة الدخال في محافظة إب بلاد الشيخ محمد احمد منصور (توفي بعد عام من حرب - 1994م وهو من مؤسسي جهاز أمن الدولة وكان عمله أثناء الكفاح المسلح هو أمن الثورة وأمن الفدائيين ضمن الجهاز الخاص بهذا يملك كل وثائق الحركة الوطنية اليمنية و وثائق الثورة اليمنية والأحزاب والمنظمات في الشمال والجنوب والجميع متفق ان عبد الوارث الإبي في مجال جمع الوثائق وحفظها هو الأول في الساحة اليمنية بدون منازع وللأسف الشديد مات مشروغاً بالقات في عام- 1995م والأجهزة الأمنية التابعة لنظام صنعاء المسيطرة على الجميع أخذت هذه المكتبة الضخمة من الوثائق وقد سمعت وانا ابحث ان محافظ عدن - طه احمد غانم وعلي منصور رشيد هما من اشرفا على نقل هذه الوثائق بتكليف من - علي عبد الله صالح .وانا اتحمل مسؤوليه التهرب من اخذ الوثائق لقد طلب عبد الوارث الإبي مني و بإلحاح ان اخذ الوثائق فهو لا يطمئن بأحد على تركته (كما يسمى الوثائق تركته) أو رأس ماله الا عليا انا ، وانا كنت حانب بنفسي فما بالك بمكتبة عبد الوارث وخاصة بعد حرب -1994م ولا شك أن ما بقي من القادة التاريخين يعرفون العلاقة الخاصة بيني وبين عبد الوارث ومن بعد حرب -1994م كان يقضي معظم وقته عندي في صنعاء أو في إب -جبله وكانت عائلتي يتعاملون معه كواحد من الأسرة تماماً .

كان يملك ذاكرة عبقرية فهو يعرف كل قادة الجبهة القومية وكل قيادات المؤتمر العمالي وأحزاب ما قبل الثورة بصورة مذهله فإذا سألته فعلاً عن قحطان الشعبي أو عن عبدالفتاح او عن سيف الضالعي او مقبل أو سلطان احمد عمر أو البيض يعطيك معلومات عنهم من الألف الى اليا من الولادة حتى تلك اللحظة واعتقد ان اكثر معرفة بهذه الشخصية هم ( الذين مازالوا على قيد الحياة) - محمد سعيد عبد الله حاجب (محسن) علي ناصر محمد ، سيف صائل ، ومحمد علي احمد ، وعلي سالم البيض ،احمد مساعد حسين ، صالح عبد الله مثنى ، شرف قاسم سعيد.

المهم نعود لموضوعنا . اطلعني على الخرائط وانا دايخ تاعب من السفر طوال امس من برط عبر الجوف إلى العبر (حضرموت) ثم الطيران الى عدن فنمت وهو يقرأ الخرائط وانا في سابع نومه.

وايقظني الصباح وقد جهز الفطور وباشرني انه قبل قليل رأى عبد العزيز عبدالولي ناشر (هم جيران) وانه رفض الحديث معه وكان غاضباً مكتئباً وانه أخبره انا يحيى منصور صاحبك موجود ولم يرد عليه بشيء وقال وضع عبدالعزيز مؤشر على الأوضاع السيئة جداً قلت له الان اريد منك خرائط القاء بالناس هذا اليوم قال اهم خريطتين هما مقر اللجنة المركزية ومقر مجلس الوزراء عند علي ناصر محمد وستعرف الحشوش والكولسة على أصولها في هاتين الهيئتين لان لا عمل لهما غير الحشوش والكولسة . قلت والاقتصاد والمجتمع والثقافة والشمال و و و...إلخ.

قال: هذه مؤجلات اي مرحلات ،قلت له اي مكان نبدأ قال عند علي ناصر الذي يقوم ويداوم من بدري ثم نرجع اللجنة المركزية عند الذين ينامون إلى الظهر على طريقة شغل الكبريهات . خرجنا نبحث عن مواصلات وبالصدفة مر الدكتور - عبد العزيز الدالي (شغل موقع وزير الخارجية إلى يوم الوحدة) كان اشترى له سمك من صيره طلب منه الإبي يوصل يحيى منصور إلى مجلس الوزراء معه قضايا هناك من حق قبائل صعده وصنعاء أخذنا بكل ترحاب وحاولت افاتحه بما يجري فكان حسب عادته يتكلم بدبلوماسية مغلفة لا تخرج منه بشيء وفجأه ونحن في التواهي نلتقي محمد صالح مطيع وتسالمنا وقال انت غدائك عندي الساعة الثانية اذا تقدمت البيت بيتك قال له الإبي وانا ابن خاله قال له سوف اغديك يوم في المخبازة قال الإبي نسيت ضيافة يحيى منصور لأكثر من اسبوع لنا الاثنين وانا احرسكو ارافقك عام - 1966م وصلنا مجلس الوزراء الساعة 8:30 وعلي ناصر موجود دخلنا مكتبه وبعد السلام طلب لنا عصير وشاهي وبقيت الاحظ علي ناصر كان معه مجموعة من الملفات والأوراق يقرأها ويؤشر فيها ويسلمها للسكرتارية ومن جاء جلس من الزوار قال: أعطني فرصة نصف ساعة قلنا له خذ لك ساعة واحنا إيش علينا وخرجنا الحوش وصل أنيس حسن يحيى و معه نصر ناصر علي واعتقد ان أنيس كان يشغل وزير الأسماك قال لي نصر ناصر ليش ما جئت عندي امس الليل عبدالسلام الدميني كان عندي قال أنيس ايش الذي جابكم انت وعبدالسلام الأوضاع هنا مزعجة جداً علق نصر ناصر قائلاً قبائل الجنوب يريدون عوده القبيلة للحكم وانيس وافقه فهمت موقفهم أنهم مع عبدالفتاح وفي هذه اللحظة وصل علي باذيب و صالح حسن محمد وانا اعرفهما من ايام ما انا في الاتحاد الشعبي الديمقراطي قلت لهما الرفيق نصر يقول ان القبيلة تريد إزاحة الحزب والسيطرة على الوضع.

قال صالح حسن محمد: بس قبائل الشمال افضل من قبائل الجنوب هناك في عرف وسلف وعادات طيبة اما عندنا لا يعرفون الا الدم والإقصاء.

علق علي باذيب: اذا ذهب عبد الفتاح فسوف يتوقف التوجه الجاد لبناء الحزب الاشتراكي وفتح المدارس والمعاهد التعليمية على غرار معهد باذيب في كل المحافظات الذي يتبناه فتاح وجاء محمود مدحي وسألته في السياسة قال أعذرني انا مشغول بالمالية واوضاعنا الصعبة اما السياسة فالمتفرغين لها قدامك أنيس و باذيب وسلم وانصرف جاء أحد من السكرتارية يطلب يحيى منصور ابو اصبع الرئيس علي ناصر يريده دخلت انا وعبد الوارث قلت لعلي ناصر يظهر انك رجل مكتبي متابع ومثابر على قراءة الملفات والأوراق

علق عبد الوارث قال: اثنين في تاريخ اليمن الديمقراطية رجال دوله لا يتركون عمل اليوم إلى الغد علي ناصر محمد و محمد علي هيثم واما سالم ربيع علي سالمين فكان فعلاً رجل دوله متنقل ليل نهار الصباح في عدن والغداء في شبوة والعشاء أو المبيت في المهرة كان لا يتوقف ويشغل معه الجميع في المبادرات الجماهرية

علق علي ناصر محمد قائلاً: نعم كان يدفع بأعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية والوزراء للعمل الطوعي المجاني في بناء المدارس وإصلاح المزارع وشق الطرقات

 قلت يعني يشغل القيادة كلها بأعمال شعبية مش معقول

علق عبد الوارث مع دخول أنيس حسن وعلي باذيب انهم كانوا يحملون الاحجار والشوالات

 قال أنيس حسن والله اني شاركت في هذه المبادرات على الدوام

علق علي ناصر: ان من كان يرى اعضاء اللجنة المركزية و الوزراء وهم يحملون أكياس الأسمنت والأحجار وأعمال التجارة والعمارة يستغرب قدره سالمين على متابعة الجميع وعدم التهاون مع أحد

لكن علي باذيب تدخل قائلاً: انا لم أشارك في هذه الفعاليات والمبادرات

علق أنيس حسن: لأنك كنت مريض او متمارض فعلاً

دهشت من اعمال ونشاط سالمين في تشغيل قيادة الحزب والدولة في الاعمار والبناء المباشر مثلهم مثل العمال العادين وانتهت جملتي بالقول الله يرحمه

هنا تدخل محمد علي أحمد محافظ أبين قائلاً:

سالم ربيع لم يكن يرغب ابداً في الحرب أو الاشتباك المسلح مع قيادة الحزب وكان مقتنع بالخروج من البلاد لكن اصحابه رفضوا وفجروا الموقف دون أي قرار منه بل غصباً عنه وذكر اسمين على ما اذكر شخص اسمه المنصوري وآخر اسمه أم زربة كانا من قادة الفصائل التابعة للرئاسة.

وكنت أول مرة التقي بمحمد علي احمد فسلمت عليه وعرفته بنفسي قال انه يعرفني من وجودي انا ومجاهد القهالي وعبد السلام الدميني بين القبائل و وصف هذا العمل بالممتاز لأدخال الوعي لأوساط القبائل

وأضاف نحن في اليمن الديمقراطية بدأنا نشتم رائحه القبلية والمناطقية هذه الأيام

فسألته مباشره هل بدأت هذه الظواهر المناطقية والقبلية في الخلافات التي نسمع عنها اليوم؟

 قال: سوف تعرف كل شيء هذه الأيام

 قلت له على حد معرفتي أيام سالمين لم يكن يسمع بالمناطقية والقبلية

واذا بجميع الموجودين يؤكدون أن سالمين لم يسمح أو يتهاون مع مثل هذه الأمراض ولم يكن احد يجرؤ على اثارتها.

قلت لعلي ناصر نستأذن لكن لم اسمع خبرك حول الوضع؟

 قال لا تقلق الحزب وقيادته مسيطرين على الوضع وسوف تعالج الخلافات بصورة ودية وعبدالفتاح الأمين العام عاقل وهادئ ومستعد للحوار مع الجميع المهم إذا لزمك شيء انت وعبد السلام الدميني أنا جاهز فعملكم في مناطق شمال الشمال مهم للغاية ومحل اهتمامنا جميعاً وفي أي وقت تريدوني أنا جاهز.

 خرجنا إلى مقر اللجنة المركزية وأول من التقينا في  فناء المقر حسين قماطه (قتل في السجن عام -1981م) وناجي محسن الحلقبي (قتل في حرب 1994م الظالمة) وفتحية محمد عبدالله وبعد السلام ونحن مستقيمين قلت اهلاً وايش أخباركم فرد حسين قماطه بالقول: لن نسمح لقوى التخلف أن تعيد الحزب والتجربة إلى الخلف

وتكلم كثيراً تأيداً لعبدالفتاح وكان ناجي محسن وفتحية يوافقون على كلامه

 ودخل علينا محمد سالم عكوش من المهرة وأنا أعرفه من مؤتمر جبلة وجه كلامه إلي قائلاً: يارفيق يحيى قل لصاحبك (يقصد عبد الفتاح)  يروح له كفايته يذهب بماء وجهه وذهب

علق الاخوان هذا موتور منذ أن أصدر عبد الفتاح قراراً بإقالته كوزير للمياه أو للزراعة

 وخرج من المقر محمود عبد الله عشيش ومعه فرج سعيد بن غانم وأنا أعرف محمود من مؤتمر جبله قلت يا محمود اشتيك فأستأذن فرج بن غانم وذهب لتوه

قلت ما الخبر ما الذي يجري؟

 قال بالحرف الواحد: مواقف أبو صلاح (عبد الفتاح) حيرتنا وإلا نحن قادرين على حسم الأمور بأقل الخسائر والطرف الآخر استغل حرص عبد الفتاح على رفض السلاح أو اللجوء اليه ليصعد وهو مطمئن أن لا أحد سيتحرك لوقفهم ، واذا أردت التفاصيل فعليك بالرفيق عبد العزيز عبد الولي،

 ثم جاء عمر الجاوي وراشد محمد ثابت وفضل منصور واخذني عمر الجاوي على جنب وقال لي من الأفضل أن نتصرف بحيادية وتعقل فالقبلية قادمة ونحن في أمس الحاجة إليك ولأمثالك في الشمال وخاصة عند حاشد وبكيل ولا تصدع رأسك بالقيل والقال.

قال له عبدالوارث الإبي خليك الزنقله يا ابن الجاوي كنتم قبل يومين مع عبد الفتاح أيش سويتم معه

قال: عبد الفتاح رجل مثقف واسع الإطلاع واصراره على تمكين هيئات الحزب من دورها لأنها وحدها مسؤولة عن التجربة ونشر الثقافة الجديدة في اوساط الناس، عبد الفتاح مركز على اشاعة المعاهد التعليمية في مختلف المحافظات لتوعية وتربية كوادر الحزب بالفكر العلمي والاشتراكية العلمية. لم نتمكن من دخول اللجنة المركزية لأن وقت الغداء عند محمد صالح مطيع قد أقترب.

قلت للإبي عبد الوارث: مع السلامة انا ذاهب للغداء كما تعرف

قال: انا معك صدقت هبالة مطيع انا الذي حافظت على حياته أكثر من مرة ايام العمل الفدائي والكفاح المسلح

 وأخذنا سيارة ووصلنا ومطيع لم يصل بعد، دخل عبد الوارث المطبخ وبدأ يفترس الأكل. طبعاً عبد الوارث يعرف مطابخ كل قاده الحزب والدولة، عبد الوارث النساء والرجال يعرفونه ولا أحد يتحرج من تصرفاته وجرأته واستطلاعه على كل بيت.

جرى الحديث مع مطيع اثناء الغداء وكم تحدث بشغف وبهجة وفرح عن منطقة جبله التي قضى فيها إجازته المرضية عام - 1966م واقسم أنه يفضلها على أي مكان آخر في الداخل والخارج وانها مرسومه في ذهنه صوراً حية لا تغيب كان ذلك في فصل الصيف.

أخبرناه عن يومنا و لقاءتنا .سأل مطيع وبتركيز عن علي ناصر وأقواله وأفكاره وعلق قبل ان يسمع منا قائلاً: هذا علي ناصر بمثل هذه المواقف لا أحد يستطيع أن يأخذ منه لا حق ولا باطل، وبعد أن سمع مني علق: أخشى أن علي ناصر يلعب لعبته المفضلة في الدفع بالأخرين وهو بعيد عن الصورة

قلت له: هل تأثر بإبعاده من رئاسة الدولة وتقلد عبد الفتاح لموقع الرئاسة وأمانة الحزب؟

 اجاب مطيع وعبد الوارث معاً: بكل تأكيد نحن في العالم الثالث والتخلف عميق والنفوس مصابه بأمراض الذاتية والفردية والأنانية

واضاف مطيع: علي ناصر رجل دولة ومكتبي ولا يهمل واجباته وقدراته فائقة على نسج العلاقات العامة لا تضاهيها ولديه قدرات على اخفاء تطلعاته والابتسامة لا تفارقه في كل وقت، لكنه ثعلب ماكر، وانا اعرفه اكثر من الجميع، قلت له: وكيف عن الوضع العام قال نحن نحضر اجتماع  المكتب السياسي ومسؤلي كل المحافظات وبعض الكوادر المهمة وسنرى اذا كنا سنفلح في إحتواء الازمه ام انها ستستمر في التفاعل، وليس هناك حتى الان ما يشير الى تحركات عسكرية من اي نوع، وهذا شيء جيد، إنما لا أخفي عليكم قلقي العميق من كارثة تبدو أمامي وهي المناطقية، فالإستمرار في إشاعة وإثارة المناطقية المفزعة على أساس (جنوبي- شمالي- حجري- ضالعي- أبيني) هذه الأمراض التي ينبغي أن نخشى منها لأنها تعيدنا القهقراء من ثوريين ومناضلين ومثقفين على صعيد الوطن اليمني والعربي والعالم أجمع إلى القرية والقبيلة وهذه لها ما بعدها من التقوقع والتمزق .

أتصل بي الرفيق سعيد الجناحي إلى بيت مطيع وأنه منتظر لي على الغداء، أخبرته أنني في ضيافة مطيع، قال في إنتظارك على القات، ( كان يوم جمعة) خرجنا بسيارة مطيع، وقلت للسائق وصلنا بيت جار الله عمر،

 جئنا وديوان جار الله مليان بالمخزنين وأغلبهم من المناطق الوسطى والشمال عموماً، وكان جار الله في مكان التلفون داخل البيت، وبعد السلام والكلام مع الحضور دخلت على جار الله وهو في حديث تلفوني مطول، فهمت من الكلام أنه مع صالح مصلح قاسم، وعرفت من فحوى حديث جار الله أنه يضغط بقوه باتجاه التهدئة وإشاعة الطمأنينة

 اخبرت جار الله بكل شيء خاصة بموضوعي أنا والأستاذ سعيد الجناحي، المهم بعد كلام كثير قال: إذا قررتم الذهاب لعبدالفتاح فعليكم فقط العرض وليس الضغط، لأن فتاح ينزعج من عسكرة القضايا وهذا طبعه من بعد الاستقلال، وانصح ألا يعرف أحد بمضمون عرضكم ومهمتكم، وحاول أن تتصرف أنك لست ملم بما يجري حتى لا تبهت صورتك في نظر فتاح، سعيد الجناحي حريص جداً على بقاء عمه كرجل أول في البلاد وهذا حقه فعليك التصرف بلباقة وذكاء.

قلت له المهم نذهب.. قال أيوه من أجل سعيد الجناحي صديقك من زمان

 قلت له: وانت ما رأيك ببقاء او ذهاب عبد الفتاح؟

قال: يا يحيى كل شخص متعلم ومثقف ومناضل حقيقي يحرص على عبد الفتاح كقائد للدولة والحزب، لكن أنا رجل سياسي أتصرف وفقاً للمعطيات المحيطة وأنا صاحب قضية إضافية -الشمال- وقناعاتي يجب أن اخضعها لمصلحة القضية وليس لتسجيل مواقف حاده مع ص أو ضد أ .

وحجم المؤامرة على اليمن الديمقراطية هائلة ونظام علي عبد الله صالح وأموال السعودية موظفة لزعزعة الوضع في الجنوب.

عدت إلى منزل سعيد الجناحي مع المغرب قال: بانطلب اللقاء بفتاح الليلة.. قلت له: في عرضك انا هالك مرهق ومشوش ومرتبك اجل الموعد الى غدا الصباح أو بعد الظهر.

لم يتمكن من تحديد موعد لأن عمه عبدالفتاح مزحوم بمواعيد وخاصة مع الزائرين العرب قيل ان منهم عزيز محمد سكرتير الحزب الشوعي العراقي، ومحسن إبراهيم رئيس منظمة العمل اللبناني، وجورج حبشي رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحسين عبد الرازق رئيس تحرير صحيفة الأهالي المصرية من (حزب التجمع المصري)، وفي اليوم التالي اتصل وقيل له الأمين العام مشغول بوفد اثيوبي و وفود اخرى، المهم لم نتمكن من اللقاء بالأمين العام إلا بعد يومين او ثلاث أيام تقريباً وقد حدد لنا الموعد بدري الساعة الثامنة وعلى الفطور.

رأيت عبد الفتاح ضاحك باسم لطيف المعشر دافئ العاطفة، وطلب الفطور وكان عبارة عن طبيخ صانونه بالسمك وبيض مسلوق وسلطه خضار وشاهي لبن، وتحدث عن مهمتنا في الشمال وقال: هل تعرف يا يحيى انك وعبد السلام الدميني ومجاهد القهالي تقومون بعمل نوعي وتأريخي وسط قبائل الشمال وخاصة إذا ركزتم على تعليم كل الكوادر من الشباب، وارسلتموهم للتعليم في مدارس البدو الرحل والنجمة الحمراء، ومن يتقدم في التعليم يجب الحاقه بالكليات، وان تخصص منح دراسية إلى البلدان الاشتراكية لأبناء القبايل، وأنا بدوري قد تحدثت مع الرئيس الكوبي من أجل إعطاء أولوية وعنايه خاصة للطلاب القادمين من المناطق القبلية المتخلفة، وقد وجه كاسترو باستيعاب أي اعداد

 وسأل فتاح: نحن نتحدث عن القبائل وشباب القبائل وماذا عن بقيه السكان الذين لا يعتبرون قبائل قلت له هؤلاء يسمون القرو أو البياعة اي الذين يعملون بالمهن المختلفة مثل الحدادة والنجارة والعمارة والتجارة والحلاقة (المزاينة) والذباحة (الجزارين) والإعلامين (الدواشن)، هؤلاء كلاً في المنطقة التي يعيش ويعمل بها هو تابع للقبيلة او العشيرة بأسم المنوع أو الجار وله نفس الحقوق والواجبات ما عدى القتال.

نفس الحقوق للبياعة (القرو) هي نفسها التي لأبناء القبائل عدى القتال والتزاوج فيمكن للقبيلي أن يتزوج بياعه لكن ليس بإمكان البياع أن يتزوج بنت قبيلي، مثلما لا يسمح للقبيلي أن يتزوج من الساده، لكن بمقدور أحد من الساده ان يتزوج بنت القبيلي او بنت القاضي اوبنت البياع.. إلخ

سأل عبد الفتاح: هل مازال القبائل يحافظون على الأعراف والعادات الجيدة ام ان التطورات والمستجدات في التعليم والتجارة والاستثمارات على قلتها قد غيرت الكثير؟

 قلت له في مناطق مثل الجوف وجزء من صعده وجزء من مأرب وخولان العالية وبرط مازالت معظم الأعراف الجميلة قائمة ويتم مراعاتها، ومناطق لم تعد قائمة بل وصارت مشوهة (هذا الحديث جرى قبل أربعين سنة)

قال: مثل ماذا؟

 قلت له عند الحروب او القتل اوالثأر بين مجموعتين او قبيلتين بإمكان المرأة أو الطفل أو هما معاً أن يوقف الحرب بمجرد روية المرأة أو الطفل، حرمة البيوت التي فيها أطفال ونساء محرم الإعتداء او الرماية عليها، فهذا يعتبر عار وعيب أسود ويسمى تشويف وغطائه او حله يتطلب بالمهدعش اي أحد عشر ضعف التكاليف والتغريم،

 كذلك من العادات الجميلة الزواج، فلا بد أن يكون التفاهم والتعارف بين الشاب والشابه أولاً، وثانياً موافقة الفتاة، وثالثاً المساواة بين الرجل وزوجته في تكاليف المعيشة، لأن العروسة تحمل من بيت اسرتها الأغنام والابقار والحب والفراش، وهذا يجعل العلاقة متكافئة بين الزوجين، كما أنه لا يؤخذ فلوس أو ذهب أو اي شيء مقابل مهر او صداق، المهم الرضاء والقبول والثوب الطويل ويعني الاحترام، إذا طلبت الزوجة الطلاق فلا يتأخر الزوج وهذا هو الثوب الطويل. 

هناك من العادات الجميلة والملفتة لا أحد يسأل عن البكارة على الإطلاق ومن يبحدث في الدم فهذا عيب كبير.

 تدخل سعيد الجناحي وقال ارجو أن يؤجل النقاش في هذه الأمور إلى فرص آخرى

قال له عمه أنا مهتم بوضع القبائل اليمنية وكيفية تعليمها وتحضيرها وتثقيفها بدلاً من حمل السلاح والثأر والارتزاق من السعودية أو من اي مكان وبدون هذا لا يمكن لليمن أن يتطور ويتوحد ويشهد نهضة حضارية شاملة

 ثم التفت إلي وقال أرجو أن تكتبوا عن الواقع الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في هذه المناطق والتي ماتزال تعيش القرون الوسطى بغض النظر عن ما استجد ودخل عليها من قشور الحضارة.

قلت له أن الدكتور عبدالسلام الدميني قد بدأ مشروع الكتابة، عبارة عن رسالة دكتوراه وانا اسهل مهمته في كل مناطق الجوف وصعده، وهو بالذات مهتم بقوة

 قال: واين عبد السلام؟

 قلت له: هو في عدن، وصلنا مع بعض من الجوف

قال: كلمه يمر عليا اناقشه حول هذا المشروع الفكري والثقافي الهام

وصمت أنا عن الحديث خوفاً من الأستاذ سعيد الجناحي

قال لعمه تسمح لي بالحديث أنا هذه الأيام أستقبل يومياً شخصيات وقاده من الحزب والجيش والأمن والمخابرات ونقابيين كلهم يحثون على عدم الرضوخ للمعارضة والمناوئين لك وبعض قاده الجيش والأمن ذاكراً أسماء القادة وأسماء الوحدات بما في ذلك لواء الوحدة كلها تمثل أغلبية الجيش والأمن بالإضافة إلى اللجان الشعبية وكل القوى اليسارية في الشمال هؤلاء جميعاً  على إستعداد تام لحسم الموقف وإبعاد هؤلاء الخصوم .

طبعاً كان الأستاذ سعيد الجناحي قد طلب مني وبقوة ان أساهم بإقناع عمه فتاح الأمين العام ورئيس الدولة بهذا الموقف الحاسم، ودعم وتشجيع هذه القوى للتحرك وحسم الأمور لصالحه، إلا  أنني قد تحرجت ولا زالت نصائح جار الله مستحوذه على كل تفكيري ، التفت عبد الفتاح نحوي قائلاً: ما رأيك يا يحيى أنت مع سعيد الجناحي في هذا التوجه؟

 وقد لاحظت أن لونه تغير ونبرة صوته محمومة فقلت له: إذا كان الأمر سيحسم دون قطره دم واحده فلماذا نتلكأ والتقدير الصحيح هو راجع إليك لأني غير ملم بالأوضاع في الجنوب بالمرة ولماعايشها فترات كافيه، ولهذا انا اعيد الأمر والفصل فيه لك أنت .

 قال الأمين العام: شوف يا رفيق يحيى وبدون زعل هذه المرة الثانية التي يحشرك الاخوان فيها وأنت غير ملم بهذه الأحداث والوقائع وعهدك بها ربما لا يتجاوز أيام معدودات، المرة الأولى عند نهاية حرب فبراير - مارس- 1979م العام الماضي حين وصلت إلي مع الإخوان من المكتب السياسي واللجنة المركزية والجيش تعترض على قرار وقف إطلاق النار وأنت كنت واصل من الداخل لحضور المؤتمر الختامي للحزب الديمقراطي الثوري اليمني  ومشغول بالمؤتمر ويؤثر عليك بعض الإخوان، واقبلت معهم حتى أتراجع عن قرار وقف الحرب وكأن المسألة لعبه أو خلاف بين فئتين أو قبيلتين، الموضوع حرب بين دولتين، بين الشطرين، داخل فيها الدول العربية ودول العالم والاتحاد السوفيتي، وانا شخصياً ضد هذه الحرب وغيرها من الحروب بين اليمنين.

 وفعلاً كنت قد وصلت إليه اطلب استمرار الحرب ولا تتوقف الى بعد وصول قوات الثورة إلى يريم وجبل سماره حتى نفاوض من مركز قوة، وكان معي على ما أذكر كل من (سلطان احمد عمر ومحمود عشيش وعبد العزيز عبد الولي ومحمد هيثم وأحمد سيف وقاسم عبد الرب وكلهم قاده عسكرين كبار)، هل تذكر يا يحيى ماذا قلت لك عن موقف الإتحاد السوفيتي ، قالت رسالة برجنيف رئيس الدولة السوفيتية وأمين عام الحزب الشيوعي السوفيتي بالحرف (لا نريد أن نرى دبابه واحدة سوفيتيه تدخل أراضي الجمهورية اليمنية) . ثم ان المكتب السياسي صوت بالأغلبية على وقف إطلاق النار. واليوم تكرر نفس الغلطة ويؤثر عليك الأخ سعيد الجناحي أن تأتي إلي لإقناعي بعمل عسكري، والانقلاب على الحزب والدولة، وأنت لا تدري ما الذي يجري في الجنوب، أنت مسئول في مناطق شمال الشمال وهي أفضل بل اقدس مسؤولية سيذكرك التأريخ على إنجازها والصمود فيها، وترك أوضاع الجنوب لمن يعايشها شهور وسنوات ويكتوي بنارها.

هنا تدخلت حتى يتوقف عن تقريعي قائلاً: أنا قد تركت الأمور والقرار فيها لك أنت فقط .

قال: شوف يا يحيى وأنت يا سعيد وللمرة الألف عبد الفتاح لن يسمح ولن يقبل بإراقة قطره دم واحده في سبيل الكرسي، ولن أسمح بتجاوز هيئات الحزب القيادية المكتب السياسي واللجنة المركزية واخيراً المؤتمر العام، هذه الهيئات وحدها من يمتلك قرار بقاء عبد الفتاح أو إقالته، ولن يخرج عبد الفتاح عن الهيئات القيادية للحزب ولو دفعت حياتي، وأنا جاهز لأي قرار من الحزب لأنفذه بكل طيبه وقناعة، ولا أخفي عليكم أنني قد جهزت استقالتي والمكتب السياسي هو صاحب القرار وعلينا التنفيذ حتى نكون قدوه ومثل يحتذى لحزبنا واجيالنا ولكل أصدقاء الحزب الاشتراكي اليمني، وآخر الكلام دعائي لكم بالتوفيق والسداد في نضالاتكم ومسؤلياتكم في الشطر الشمالي من الوطن، وخاصة في شمال الشمال حيث حاشد وبكيل وخولان، وسيكون من اكبر الانجازات في صفحات التاريخ

في هذه اللحظات وصل حسين عبد الرزاق أحد قادة حزب التجمع المصري الذي كان يرأسه خالد محي الدين ومعه محسن إبراهيم وجورج حاوي والاثنين من لبنان وانصرفنا بعد ان سلمنا على الضيوف.

......................يتبع

 


 

 

قراءة 752 مرات آخر تعديل على الإثنين, 10 تشرين1/أكتوير 2022 19:50

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة