البازار الكبير في صنعاء القديمة يعكس أزمة اليمنيين الاقتصادية مميز

  • الاشتراكي نت / الثوري - محمد عبدالإله

السبت, 09 آذار/مارس 2024 21:50
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

يشهد بازار مدينة صنعاء القديمة تراجعًا كبيرًا في حركة البيع والشراء قبيل حلول شهر رمضان الذي يترافق مع الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة.

ويتوافد الآلاف من المواطنين بجيوب فارغة إلى أحد أعرق الأسواق العربية المختصة لبيع مقتنيات رمضان في البلاد الذي يعيش حالة غير مسبوقة من التدهور الاقتصادي والمعيشي، يترافق ذلك مع انهيار قياسي للريال، وارتفاع الأسعار، وشحة شديدة في وفرة السيولة في عاصمة البلاد التي استولى عليها المتمردون منذ عشرة أعوام.

أمام إناء معدني كبير وُضع على موقد يعمل بالغاز في سوق الزمر تجلس سيدة خمسينية على كرسي قديم ترتدي الستارة الصنعانية التقليدية تقلي حبات البازلاء الذي يتناوله المارة.

وتقول السيدة تراجع العمل والناس تأتي هنا للزيارة فقط ولم يعد بمقدورهم الشراء. مؤكدةً، أن منتجهاالمحمص يعاني من حالة كساد ضخم.

الركود الاقتصادي الأكبر

من الملاحظ أن مدينة صنعاء وباقي المناطق الواقعة تحت سلطات جماعة الحوثي تشهد ركودا اقتصاديا كبيرا في ظل استمرار تعطل الموازنة العامة للدولة بما في ذلك بند المرتبات وبند الإنفاق الاستثماري، فما هو  حاصل هناك باختصار هو سيطرة جماعة الحوثي على مقدرات الدولة ومواردها المحلية والسيادية، ومن ثم تسخيرها كمجهود حربي لاستمرار حربها. إضافة إلى فرض جبايات وإتاوات باهضة على أرباب العمل وأصحاب المشاريع التجارية. وكل ذلك في ظل فرض سياسة نقدية مغلقة معتمدة على تداول الفئات القديمة من العملة المحلية ما قبل الحرب) والتي تهالكت كثيرًا بفعل عوامل الزمن وغياب التجديد، بعد رفض الجماعة التعامل بالنسخة الجديدة منها وإن الأزمة النقدية المستفحلة وتفاقمها من فترة لأخرى أمر متوقع، ولا أحد يستطيع تحديد المستوى الذي ستصل إليه، فالأوراق التالفة التي يجري تداولها منذ سنوات في صنعاء وذلك بحسب ما قال أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، محمد جمال الشعيبي.

وأضاف شهدت السنوات الأخيرة انتشار حالة الركود في عمليات التبادل التجاري خاصة في مجال المنتجات المصدرة للخارج والتي تساهم في رفد الاقتصاد الوطني.

وأكد أن السبب في ذلك هو تمسك الجماعة بوجهات نظرهم وعدم التراجع عن القرارات التي أخذتها، حيث أن هذه القرارات لا تتناسب مع الوضع والزمن الراهن، في المجالات الاقتصادية والمعتمدة على التربح والكسب السريع، وفرض مزيد من الضرائب والإتاوات والجبايات على التجار والمزارعين، وجميع النوافذ التجارية.

وأشار أن تلك القرارات أدت لحالة من الركود، وتكدس المنتجات في مناطق جغرافية معينة، خاصة في ظل استمرار «الميليشيات الحوثية» رفض التعامل بالعملة الورقية الجديدة، وتمسكها بالعملة القديمة التي باتت متهالكة.

الشعبي توقع أن تختفي العملة الورقية المحلية في مناطق الحوثيين في ظل استمرار رفض قبول الطبعة الجديدة، مما يعني سيطرة العملات الأجنبية على أسواق التعامل في حال اختفائها (الدولار والريال السعودي) ومن شأن هذه الظاهرة أن تفاقم من الأزمات التي تعيشها البلاد، إلى جانب بروز الاقتصاد الخفي، وتنازع صلاحيات الدولة وفقدان الدورة المالية، كما أن الأمر ترك أثرا آخر تمثل في لجوء الكثير من التجار وأصحاب رؤوس الأموال إلى شراء الأصول الثابتة بهدف الحفاظ على أموالهم من الضياع في ظل تهالك العملة المحلية، ومن هذه الأصول على سبيل المثال شراء الاراضي والعقارات ، الأمر الذي تسبب في خلق أزمة آخرى مرتبطة بها وهي أزمة ارتفاع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه لا يعكس قيمتها الحقيقية.

وتابع: أصبحت تجارة العقارات تشهد مغالاة في الأسعار وفي الوقت نفسه شهدت ركودا في نشاطها حيث صار الكثير عاجزا عن الشراء والبناء بينما شلة صغيرة ممن تكدست لديهم كميات كبيرة من رؤوس الأموال تسببوا في هذا الارتفاع غير الطبيعي. وخلاصة القول إن صنعاء وما حولها تشهد حالة انهيار وتراجعاً في النشاط الاقتصادي تزداد حدته وخطورته كلما طالت فترة الأزمة والصراع واستمرت حالة الانقسام المصرفي والاقتصادي على مستوى اليمن.

ويزور مئات الآلاف من اليمنيين صنعاء القديمة قبل حلول شهر رمضان من كل عام لما له من أهمية كبيرة للتسوق، ولكن هذا العام ومع اقتراب الشهر الكريم، انخفضت القوة الشرائية إلى أدنى المستويات.

ضارب الطار

في ساحة العروض عند منطقة باب اليمن في صنعاء القديمة، يتجمع الناس خلال فترة الصباح أمام ضارب الطار ـ صاحب الوجه الحماسي ـ لاستماع ما يقول.

ويردد أحمد الحرازي أناشيد حماسية، وإلى جانبه سيدة ثلاثينية ترتدي الزي التقليدي الصنعاني، يفرشون وسادة حمراء أمامهم طالبين النقود من المتفرجين الذي يتوافدون بالمئات حولهم.

ويجلس أصحاب المحال التجارية والعاملون والباعة المتجولين أمام محالهم، بدون عمل، من الصباح وحتى المساء، في حين الأسواق القديمة الأخرى كسوق الزمر والزبيب والملح خالية من الزبائن تمامًا.

ويشهد سوق الفضة والحرف اليدوية القديمة في سمسرة النحاس تحديات كبيرة للاستمرار تحت وطأة التضخم والظروف الاقتصادية التي يعيشها سكان صنعاء، بالإضافة إلى تهالك المبنى وتشققه واصبح مهددا بالانهيار حسب ما قال أحد التجار.

والذي أضاف في حديثه للثوري بأن حركة البيع والشراء توقفت نتيجة لعدم قدرة الناس على الشراء وانقطاع رواتب الموظفين واستمرار الحرب وشحة في وفرة السيولة والانقسام المصرفي مما اضطر معظم الباعة إلى إغلاق محلاتهم والبحث عن أعمال آخرى.

وتابع: قبل سنوات الحرب كانت حركة البيع والشراء مرتفعة للغاية وأغلب الزبائن كانوا من السياح الأجانب واليمنيين القادمين من محافظات عدن وحضرموت وتعز.

ومع انهيار القدرة الشرائية لدى الناس خلت الحركة التجارية في أسواق البزازين والملح والتمور.

جبايات

يشكو الكثير من التجار من الجبايات التي يفرضها الحوثيون عليهم ومن غلاء الأسعار؛ بسبب ارتفاع تكلفة النقل، يضاف إلى انقطاع المرتبات وعدم قدرة الزائرين على الشراء.

وقبل أيام من حلول شهر رمضان شن الحوثيون حملات تستهدف أصحاب المحال التجارية المتوسطة والكبيرة ـ المسقوفة والبسطات ذات الدخل المتدني في صنعاء، لدعم مجهودهم الحربي تحت اسم (الزكاة) بحسب ما قال أحد التجار الذي فضل عدم الكشف عن هويته.

وأضاف التاجر: ينفذ الحوثيون  نزولاً منذ بداية رجب الماضي طال الآلاف من المحالات مؤكدًا، أن الرسوم التي يفرضونها على المحل الصغير تصل إلى 25 ألف ريال والمولات المستهدفة من 40 إلى 50 مليون.

ويقول تاجر الحبوب الـ23 عامَا في وسط صنعاء القديمة إن الناس تفضل شراء المنتجات الخارجية لأنها رخيصة نسبيًا مقارنة بالمنتجات المحلية كالحبوب والعدس والفاصوليا وغيرها من المنتجات.

أما صاحب الزبيب فيشكو من حالة ركود في السوق وأن نسبة إقبال الناس على الشراء منعدمة.

وعند سؤاله عن الأسعار قال: إنها مناسبة وأن سعر الكيلو الزبيب الذي كان قيمته قبل سنتين 15 ألف ريال الآن نضطر لبيعه بسبعة آلاف ريال، لكي تستمر تجارته.

80% تحت خط الفقر

قالت لجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، إن اليمن ما تزال ضمن قائمة البلدان الـ20 الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ الإنسانية الجديدة خلال العام القادم 2024، جراء استمرار الانهيار الاقتصادي وارتفاع مستوى انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع المتواصل منذ نحو 9 سنوات في البلاد.

واوضحت في قائمة مراقبة الطوارئ السنوية الخاصة بها للعام 2023، والتي تسلط فيها الضوء على البلدان العشرين الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ الإنسانية في عام 2024، أن اليمن ما تزال ضمن القائمة خلال العام القادم، وإن خرجت هذا العام من المراكز الخمسة الأولى، للمرة الأولى منذ أن تم تصنيفها في العام 2021.

وأضافت اللجنة، في تقريرها، أن خروج اليمن من المراكز الأولى للقائمة يأتي نتيجة انخفاض عدد الأشخاص الذين بحاجة للمساعدات من 21.6 مليون في 2023 إلى 18.2 مليون في عام 2024، غير أن السبب الرئيسي هو أن الهدنة الأممية، ورغم انتهاء صلاحيتها منذ أكتوبر 2022، قللت من احتمالات العودة إلى صراع واسع النطاق في البلاد.

وأشار التقرير إلى أن عقداً من الصراع أدى إلى انهيار اقتصاد البلاد بشكل كبير وانتشار الفقر على نطاق واسع، وقال: «لقد دمرت الحرب الاقتصاد وأضعفت العملة ورفعت أسعار السلع الأساسية، كما أن وجود اقتصادين متوازيين أدى إلى تعطيل وظائف الاقتصاد الكلي الأساسية، بالإضافة إلى أن انخراط الحوثيين في حرب غزة قد يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية من شأنها أن تزيد من إضعاف الاقتصاد».

وأوضحت اللجنة أن معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية مرتفعة بشكل مستمر، وسيظل اليمنيون يعتمدون بشكل كبير على المساعدة الدولية، ومع ذلك، فإن خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد ممولة بنسبة 37.8% فقط لعام 2023 - بعد سبع سنوات من تمويلها بنسبة 50% على الأقل، وقد أجبرت فجوات التمويل بالفعل المنظمات الإنسانية الكبرى على تقليص برامجها.

وأورد التقرير أن نظام الرعاية الصحية في اليمن على حافة الانهيار، حيث يفتقر 60% من السكان (20.3 مليون شخص) إلى الرعاية الصحية، و46% من مرافق الرعاية الصحية إما خارج الخدمة أو تعمل جزئياً فقط، كما تنتشر أمراض مثل الحصبة والحصبة الألمانية والكوليرا وشلل الأطفال، ويرجع ذلك جزئيا إلى انخفاض معدلات التطعيم وارتفاع مستويات سوء التغذية وصعوبة الحصول على المياه النظيفة.

ودعت اللجنة إلى تكثيف الجهود الدولية لمواجهة أزمة الجوع وسوء التغذية في اليمن واتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح، وسد الفجوات التمويلية التي تعانيها البرامج الإنسانية حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات الأساسية لملايين المحتاجين في البلاد.

 

قراءة 648 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة