باسم الحاج: لقد جسد الدكتور سلطان ابو حديد في حياته التزاماً حقيقياً لقيم التمدن والحداثة والديمقراطية مميز

  • الاشتراكي نت / تعز

الأربعاء, 22 شباط/فبراير 2023 19:03
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أكد الرفيق باسم الحاج، السكرتير الاول لمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة تعز إن شخصية نضالية كسلطان ابو حديد جديرة بالتأمل والقراءة والبحث في سياق توثيق ورصد وتحليل ونقد تراث وتضحيات الحركة الوطنية الديمقراطية اليمنية المعاصرة بصورة عامة وعلى مستوى تراث اليسار والحزب الاشتراكي اليمني بوجه خاص.

وقال في كلمته التي القاها في حفل تأبين الدكتور سلطان ابو حديد الاثنين الماضي: لقد مثل الفقيد في مجمل سيرته حالة من الوضوح والصدق متمتع بروح صلبة وجسوره، وجسد الفقيد في حياته الخاصة التزام حقيقي لقيم التمدن والحداثة والديمقراطية.

وتطرق الحاج في كلمة الى العديد من المواقف النضالية للفقيد خلال حياته الحافلة بالعطاء.

وفيما يلي نص الكلمة:

الرفيقات والرفاق..

الاعزاء أسرة الفقيد، الدكتورة انجيلا سلطان ابو حديد

الاعزاء أساتذة جامعة تعز

الأخوة والأخوات ممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني

الحضور الكريم... أسعدتم بالخير صباحًا

نلتقي اليوم في هذا الحفل التأبيني والرثائي لشخصية وطنية فذة وسيرة وطنية وإنسانية وعلمية فريدة تعددت مساهماتها النضالية على مستويات عديدة منذ بواكير شبابه ليشكّل مجمل رصيده النضالي والعلمي تجربة استثنائية في مسيرة النضال الوطني من أجل الثورة والاستقلال والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والعلمي.

إن شخصية نضالية كسلطان ابو حديد جديرة بالتأمل والقراءة والبحث في سياق توثيق ورصد وتحليل ونقد تراث وتضحيات الحركة الوطنية الديمقراطية اليمنية المعاصرة بصورة عامة وعلى مستوى تراث اليسار والحزب الاشتراكي اليمني بوجه خاص.

على المستوى الإنساني

الصدق والتصالح مع الذات

مثل الفقيد في مجمل سيرته حالة من الوضوح والصدق متمتع بروح صلبة وجسوره، كما أن في سيرته ما يشبه إلى حد ما تجارب مماثلة لرفاق امتحنوا في محطات وانكسارات وعواصف أصابتهم وأصابت حزبهم، ليقعوا في لحظة ضعف انساني، اقول لحظات ضعف انساني، ليعاودوا استئناف مسيرة الكفاح بأشكال وصور مختلفة.

جسد الفقيد في حياته الخاصة التزام حقيقي لقيم التمدن والحداثة والديمقراطية ويظهر ذلك في علاقته بأسرته ودفعهم نحو التحصيل العلمي العالي، ومنح أبنتيه انجيلا وفالنتينا خصوصية واهتمام استثنائي يعكس انحيازه العام لقضايا المرأة، والدفع بهما للانخراط في قضايا الشأن العام.

على مستوى الإسهام في بناء وتأسيس وتطوير الحياة الحزبية:

سلطان ابو حديد قائد ومؤسس للحياة الحزبية

يعد الفقيد من أبرز الشخصيات الوطنية اليسارية حيث التحق بالعمل الطلابي والسياسي من1963م، ويلتحق تنظيميًا في اتحاد الشبيبة اليمنية الديمقراطية اشدي في 1967م، وتنمو معارفة السياسية والفكرية بما يؤهله لخدمة الحياة الحزبية وتشييد الأدوات النضالية الرافعة الضامنة لمشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، وذلك من خلال انتسابه المبكر لحزب اتحاد الشعب الديمقراطي من خلال القائد الوطني عبدالله صالح عبده في عام1970..2 وهو أحد الفصائل الماركسية التي تأسس منها حزبنا الاشتراكي اليمني، ليتبوء موقع متقدم في هذا الفصيل وتمثيله في لجنة توحيد فصائل اليسار.

لعب الفقيد دور ريادي في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي في حوارات تأسيس فصائل اليسار على طريق اعلان قيام الحزب الاشتراكي اليمني، ففي حوارات فصائل اليسار الخمس من شمال الوطن حضر الفقيد سلسلة الاجتماعات والأنشطة التحضيرية لينجز توحيد الفصائل الخمس في 7 يناير 1978، ثم استمر في اجتماعات توحيد فصائل الشمال والجنوب، وذلك بعد إعلان تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب الوطن 11-13/اكتوبر 1978، ليتم إنجاز التوحيد لفصائل الشمال والجنوب في مارس 1979، تحت تسمية الحزب الاشتراكي اليمني الموحد، ولأسباب سياسية وتكتيكية سمي الحزب الاشتراكي فرع الشمال باسم حزب الوحدة الشعبية (حوشي).

وعمل الفقيد بتفاني في خدمة الحياة الحزبية، ونال نصيبة من مآلات وفاتورة ممارسة العمل الحزبي على المستوى الداخلي أو الخارجي، داخليًا دفع ثمن الإقصاء والتطرف في البنى الحزبية الداخلية، وعلى المستوى الخارجي الملاحقة الأمنية والاعتقال من النظام السياسي شمال الوطن المجرم للعمل الحزبي.

كما أن الفقيد كان له إسهاماته التقدمية على المستوى الإنساني والأممي من خلال موقعة القيادي في اتحاد الشبيبة الديمقراطية اشدي ممثلًا لليمن في العديد من المهرجانات والفعاليات الأممية والتي ينظمها اتحاد الشباب العالمي الوفدي وهي فعاليات مناهضة للإمبريالية والحروب والاستعمار، وبهذا الخصوص استحث شبيبتنا استئناف التواصل مع هدا المكون الشبابي الأممي وذلك لما يمثل هذا النشاط من أهمية قصوى في الإسهام بتقوية المكونات الأممية المناهضة للتحديات الكونية اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا وبيئيًا وبما يخدم السلم والأمن الدوليين بين الشعوب.

على مستوى الدفاع عن الثورة والجمهورية:

ابو حديد في مواجهة النظام الملكي الكهنوتي

كما أن الفقيد ممن التحقوا في المقاومة الشعبية دفاعًا عن الجمهورية ضد النظام الملكي، مع رفاق وقادة عظام كالجاوي وسيف احمد حيدر ومساوى احمد الحكمي وأحمد صالح جبران وغيرهم.....

كان انخراط الشاب أبو حديد في المقاومة الشعبية ضمن الآلاف من الشباب ليخوض معهم ملحمة حقيقة في مواجهه الملكيين المسنودين من الرجعيات العربية والقوى الاستعمارية العالمية، وفي صدارتها امريكا واسرائيل حيث تم تجميع مرتزقة من فرنسا وإيران وبلجيكا وامريكا واسرائيل إلى جانب تحشيد 70 الف من أبناء القبائل.

راهن ابو حديد ورفاقه على عدالة قضيتهم ونزاهة مقاومتهم وعلى إسناد الحاضنة الشعبية المتشبثة بخيار الجمهورية.

وعلى إثر حملة الاعتقالات والاغتيالات بعد 1968 غادر الفقيد صنعاء الى تعز ومنها الى عدن وعمل هناك في الإذاعة وقدم برنامج إذاعي أسبوعي تعبوي يستحث مواطني الشمال على المقاومة الشعبية باسم مستعار.

على مستوى العمل التعاوني والتنموي:

وفي ميدان العمل التعاوني؛ كان للفقيد إسهاماته الرائدة في هذه التجربة التي حاولت وعملت وفقا لامكانياتها المتاحة في بناء وتشييد المرافق الخدمية من مدارس وطرقات ومستشفيات، لتجسد هذه التجربة تعبيرًا مبكرًا عن التشاركية؛ حيث تحمل المجتمع مسؤوليات أكبر من طاقته، بل شرع المجتمع بدلًا عن الدولة في بناء المشاريع الخدمية.

على المستوى التنويري:

الرفيقات الرفاق

أن فقيدنا الكبير لم يكتفي بالجهود النضالية والميدانية يبعدها السياسي والتنموي، بل أعطى نصيبًا وافرًا من وقته لتطوير معارفه وتحصيله العلمي، لينال درجة الاستاذية بكفاءة، ومن خلال موقعه الاكاديمي في جامعة تعز قدم الفقيد للمكتبة اليمنية والعربية سلسلة أعمال وأبحاث سلطت الضوء على مجالات بحثية وتاريخية بعضها ربما لم يسبق التطرق لها وهو ما يملي على الباحثين والأكاديميين مسؤولية مواصلة هذه الجهود البحثية والتاريخية، وبهذا الخصوص يلزمني التنويه أن الفقيد لم يكن استاذ تاريخ مرموق وحسب بل كان ايضا أحد صناع التاريخ، فقد كتب تاريخنا فكرا وممارسة.

لماذا نحتفي؟! هل نحن مجرد ذكرى؟!

أننا في منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة تعز ونحن نحتفي ونؤبن رفاقنا فإننا لا نقوم بعمل اعتيادي يأتي في إطار إسقاط الواجب، لا.

نقوم بهكذا أنشطة في سياقات عديدة، أخلاقيًا وقيميًا تعبيرًا عن الوفاء والعرفان للجيل المؤسس الذي أنار دروب الكفاح من أجل مستقبل وطن يطوي مظاهر الاستغلال والقهر والارتهان لصالح الانتصار للاستقلال السياسي بكل ابعاده وبناء مجتمع الرفاه الذي ينتصر للعدالة الاجتماعية وإنهاء مظاهر المجاعة والبطالة وتشييد سياسات تنموية تخلص شعبنا من كل مظاهر العوز والتسول، كما أن هكذا نشاط بما يرافقه من اصدار كتاب وفيلم وثائقي جزء من الإسهام التوثيقي بطابعه المعرفي والتاريخي حفاظًا على الذاكرة الوطنية بما تمثله من أساس يبنى عليه في سياق مراكمة النضالات الوطنية صوب الأهداف الوطنية اليمنية الكبرى.

إن فعالية تأبين اليوم تضع أمامنا جدول أعمال يتحمل وزرها الأكبر فريق التوثيق في منظمتنا الحزبية وشبيبتنا؛ في مراجعة ارشيف ومكتبة الفقيد لما لذلك من أهمية قصوى تخدم مشروع التوثيق والتنوير والبحث العلمي..

كما أن العمل في هذا الحقل المعرفي في صميم مهام الجامعة ومراكز الأبحاث.

الاخوات والاخوة أساتذة جامعة تعز الكرام ...

طالما ونحن في حظرتكم والمقام هو جامعة تعز انتهزها فرصة لأضع أمامكم مسؤولية كبرى تقع على الجامعة واساتذتها الاجلاء، وهي مهمة ترتبط بشكل وثيق بأسباب الإخفاقات التي لحقت بمشروعنا الوطني وحركة تقدمه وتعثر خطاه ويتصل بشكل مباشر بفشل وفساد رسالة التعليم والجامعة.

إن مقدمة كل تغيير ونهوض يبدأ من اصلاح نظام التعليم وإعادة صياغة هدف وغاية الجامعة بما ينجز ويجيب على سؤال التنوير الذي حل محله خطاب الوهابية والملالي، إن تعليم جامعي لا يعيد للعقل مركزيته في مقاربة الأزمات وفتح منافذ الخلاص يبقى جهد عبثي يفضي لإعادة إنتاج التخلف.

إن تعليم جامعي لا يجيب على سؤال التنمية المفقودة ولا يدفع بتصورات وسياسات تضع اليمن في صدارة وقائمة بلدان الرفاه لا معنى له ولكراريس الحشو والتلقين الممل.

الاخوات والاخوة أساتذة جامعة تعز الكرام

الرفيقات والرفاق.. الحضور الكريم..

احتفائنا اليوم هو أيضًا تأكيدًا عن عزمنا المضي قدمًا في درب التغيير وهو اعلان عن مخزون أمل يتجدد كل يوم وتعبيرًا عن تفاءل سيكتسح حتمًا عتمة الظلمة والظلم والظلال وتأكيد واثق على أن المستقبل سيكون أكثر عدل وسلام وحداثة وحقوق انسان، طالما وأننا نناضل بشروط واعية نتعلم من ماضينا دروس بليغه ونستثمر بشكل خلاق الحاجات الموضوعية المحفزة لصناعة الغد المنشود.....

الاخوات والأخوة

رحل فقيدنا الكبير ويمننا الحبيب يشهد ارتدادات وارتكاسات أصابت مشروعنا الوطني في الصميم وتسيد قوى غير تاريخية ففي شمال الشمال تسيطر قوى أمامية تحاول أن تسحب حركة التاريخ إلى ما قبل سبتمبر 1962، يرافق ذلك ارتفاع اصوات في جنوب اليمن تتطلع للعودة إلى السلطنات وإلى ما قبل الاستقلال الناجز في نوفمبر 1967.

غادر الفقيد حياتنا في ظل أوضاع مأساوية، يهيمن على المشهد مقاولي الكراهية وتجار حرب يتربحون يوميًا من أرواح اليمنين، يمزقون كل يوم القيم والمضامين الجمهورية والوطنية وتتكاثر مدارس وجامعات وزوايا لتفقيس جيوش تكفير وتحريض وقتل، في مشهد تخيم عليه سحابة من القنوط والإحباط.

وإزاء هكذا وضع ليس أمامنا من خيار سوى المضي قدمًا وإنارة شموع الأمل والتأسيس لعمل نضالي جاد يستند على فعل تنويري يعيد صياغة المفاهيم بما يجعلنا جديرين بإنسانيتنا وكرامة المواطنة.

الفقيد سلطان ابو حديد ستظل أحد رمزيات الانتصار للكادحين ورواد التحرر الوطني، ونموذج ملهم من جيل الاحلام الكبرى والتواصل الإنساني العابر للحدود.

 

قراءة 1848 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة