الدكتور السقاف :فرض خيار 6 أقاليم يعني إزاحة البعد السياسي للقضية الجنوبية ولا يضمن على الإطلاق تماسك الوحدة الوطنية

الثلاثاء, 04 شباط/فبراير 2014 19:15
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قال رئيس الدائرة التنظيمية للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عبدالرحمن عمر السقاف أن أي حل للقضية الجنوبية يفترض أن يكون البعد السياسي للقضية حاضراً, وأن يمثل حل القضية الجنوبية مدخلا لحل القضايا الوطنية بشكل شامل .

 

واشار  في مقابلة صحفية مع صحيفة" الخلاصة" الاسبوعية الى أن فرض خيار الـ6 أقاليم يعني إزاحة البعد السياسي للقضية الجنوبية هذا بدرجة رئيسية, مبينا  أنه لا يضمن على الإطلاق تماسك الوحدة الوطنية في البلاد كلها, لأنها تجربة حديثة وبلد متخلف.

واضاف الدكتور السقاف "نرى أن الأقاليم الـ6 مشروع رغبوي وليس صادرا من منطلقات موضوعية، وتغيب عنه هذه المنطلقات الموضوعية في نفس الوقت، متسائلا  عن ماهية الأسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى هذا.

نص المقابلة :

لو بدأنا بقرار الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل لجنة الأقاليم.. هناك أصوات تقول أنه لم يتم تمثيل كافة التيارات السياسية.. وأن هناك ترويج واسع لفكرة معينة تتمثل في الـ6 أقاليم، رغم أن اللجنة ستناقش خيار الإقليمين وخيار الـ6 أقاليم وربما خيار آخر قد تتخذه اللجنة.. كيف تنظرون إلى قرار تشكيل اللجنة.. وآلية عملها مستقبلاً؟

* منذ البدء.. كان الحزب الاشتراكي اليمني له رأي يؤكد عند تشكيل لجنة من هذا النوع عدم الخروج عن النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، ويريد إعطاء الحق للجنة العامة التي هي أعلى هيئة في المؤتمر، مع تأكيده المستمر وترحيبه بأن يكون رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل رئيسا لهذه اللجنة. ملاحظاته لا تتعلق بهذا الجانب، لكن ملاحظاته تتعلق بأن النظام الداخلي كعمل مؤسسي يضمن شروطا كثيرة لتحقيق التوافق كما هو معروف، مازال حتى الآن لدينا ملاحظات، في الاجتماع الأخير للمكتب السياسي والأمانة العامة، ورأي الحزب الاشتراكي أن هناك عددا من المآخذ، وهي نحو خمسة مآخذ رئيسية:

الأول: أن هذه الطريقة في التشكيل لا تنسجم مع روح مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي تؤكد على ضرورة التوافق وعدم الانحياز إلى شيء معين.

النقطة الثانية في تشكيلة اللجنة: لا يوجد توازن يعبر عن الرؤى التي طرحت بشأن الأقاليم، كان يفترض باللجنة عندما تشكل،أن تشكل بشكل يحفظ التوازن بين جملة الآراء التي طرحت حتى يكون مجال للمناقشة بين الأطراف المختلفة، فعندما تأتي لترى من يؤيد فكرة الإقليمين في داخل هذه اللجنة لن تجد سوى ممثل الحزب الاشتراكي فقط، أية أشكال أخرى لشكل الدولة التي تأخذ مابين الـ6 ومابين الاثنين لا تجد، كل الذين تجدهم في هذه اللجنة منتقون انتقاءً.. بحيث كانوا من سابق بآرائهم كلها معروف أنهم يميلون إلى نحو الأقاليم الـ6 ، وبالتالي هذه اللجنة فقدت هذا التحقيق للتوازن الذي كان ضروريا يجعل من المسألة أمرا عادلا ليستوعب الآراء..

- هل يعني هذا أن الرئيس هادي يرتب لغرض خيار الـ6 أقاليم؟

* والى هذا النوع من الخيارات، في مأخذ ثالث على هذه اللجنة- لجنة تحديد الأقاليم- وهو أن القرار الذي تم اتخاذه كان يفترض أن يستوعب ضمن بنده مهام اللجنة، ماذا ستعمل؟.. وأسس عملها، ثم آليتها في كيف ستعمل..؟ هذا كله ليس واضحاً في القرار.. وهل تضمنتها مخرجات الحوار الوطني.. هذه البنود وهذه الأسس؟ طبعاً موجودة في النظام الداخلي..

- معنى هذا أن الرئيس هادي قفز على مخرجات الحوار الوطني مثلا؟

* نحن كان رأينا واضحا عندما اتخذ القرار بإعطاء رئيس الدولة حق تأسيس أو تكوين اللجنة، وان يكون قرارها نافذا، لكن ثمة مسألة، بما يحقق التوافق لهذا البعد فيما اتخذه القرار، مع أننا طُعنّا فيما تم اتخاذه.. عندما تأتي لجنة منحازة لفكرة محددة، فأين الطرف الآخر الذي تسعى لكي يحقق توافق معه، ليس موجوداً هذا..

- برأيك.. ما الذي يدفع الرئيس هادي للتصرف بهكذا أسلوب. وصفتموه في بيانكم الأخير بغير الحصيف وغير المسؤول؟!

* نحن في بياننا الأخير لم نصف الرئيس بهكذا قول.. بقدر ما وجدنا الطريقة أو الأسلوب غير حصيف، الأسلوب طبعاً لم يأخذ في الاعتبار كل هذه التفاصيل.

هناك نقطة رابعة على لجنة تحديد الأقاليم. تتمثل بعدم التشاور مع التكوينات السياسية لأخذ رأيها بمن يمثلهم، فاتخذ القرار هكذا دون العودة إلى هذه المكونات السياسية، وكان قبل تشكيل اللجنة وحتى بعدها في الجانب الرسمي نوع من الميل ليستخدم أسلوب الدعابة السياسية والإعلامية لغرض، أو التمهيد لغرض خيار معين والذي هو خيار الـ6 أقاليم، هذه مآخذنا على موضوع تشكيل اللجنة بدرجة رئيسية..

- هل يتصرف الرئيس هادي ويرتب لهذه المسائل بهكذا أسلوب من ذاته.. أم أن هناك قوى تملي عليه بعض شروطها في هذا الجانب؟

* نحن لم نهتم بالخلفيات والدوافع تجاه شخصية الرئيس أو شيء من هذا القبيل، نحن نقصد أنه رئيس مؤتمر الحوار وهو مسؤول مثله مثل الآخرين بمخرجات الحوار، وأيضاً مسؤول بأن تنضبط كل القرارات التنفيذية بروح التوافق التي سادت في النظام الداخلي، هذه المسائل صارت الآن مفقودة وهنا المدخل فقط هو الذي نحن ننتقده فيه على هذا الأساس، ودوافع أخرى نحن لا نحاكم النوايا... < هل ترى أن ذهاب الرئيس هادي لتشكيل لجنة تقسيم اليمن هو اعتباطاً منه، أو ليست أولوية مثلاً قبل الشروع في تنفيذ النقاط الـ31 وهي نقاط الثقة كما يقال عنها من ضمنها النقاط الـ20 التي وصفها الحزب الاشتراكي، والنقاط الـ11 التي من ضمنها تشكيل حكومة كقاعات جديدة ببرنامج واضح تلبي احتياجات الناس؟ أولاً هذا القرار ليس فيه تقسيم اليمن، لأن اليمن وفق مخرجات الحوار دولة اتحادية وطنية واحدة ليتم تقسيمها إداريا إلى أقاليم، وليس إلى تقسيمات أخرى، تأخذ طابع الشتات أو شيء من هذا القبيل، فنحن لا نفهم الأمر بهذا الشكل أولاً، للتصحيح على ما جاء في سؤالك. وإنما نفهم الأمر بأن الأقاليم شكل من أشكال الإدارة التي تضمن ربما كما وضعت التوزيع الأفضل والأمثل للسلطة والثروة في داخل البلد، وهو تنظيم داخلي، وليس رسما جغرافيا سياسيا جديدا...

- الناس في الجنوب ينتظرون تهيئة المناخ لمعالجة قضية.. وكذلك الناس على مستوى اليمن ينتظرون تشكيل حكومة جديدة.. وهذه كلها داخلة ضمن النقاط الـ31؟

 * وثيقة الضمانات التي أقرت أخيراً تضمنت أن يتم تنفيذ النقاط الـ31 ضمن المرحلة الأولى، يعني أن وثيقة الضمانات الآن عملت على تقسيم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني على ثلاث مراحل، أو مرحلتين رئيسيتين، وهذا الآن مأخوذ ضمن وثيقة الضمانات ضمن المرحلة الأولى، والأيام القادمة هي محك للقدرة وحتى للنوايا، أيضاً في تنفيذ هذه القرارات..

- غاب ممثلكم في لجنة تحديد الأقاليم برئاسة الرئيس هادي، وعبرتم عن تحفظاتكم في بيان نشرتموه سابقاً قبل أن يقرر ممثلكم العودة إلى اللجنة.. فهل ستتخذون مواقف محددة في حال مضى الرئيس هادي في هذا الاتجاه مستقبلا؟

* تعرف أنه في نظام مؤتمر الحوار الوطني الشامل يتم تعريف التوافق على النحو التالي: هو الحوار والتشاور والوصول إلى حلول مشتركة تكون قائمة ومبنية على التوفيق بين المصالح’ لكن القرار الذي يتخذ في مبدأ التوافق هو ملزم للجميع، وبالتالي بالنسبة لنا في هذا الإطار حددنا موقفنا من مسألة الإقليمين، وهو موقف استراتيجي يأخذ في الاعتبار الحفاظ على الوحدة، ويأخذ في الاعتبار حل البعد السياسي للقضية الجنوبية ويأخذ في الاعتبار أيضاً بعدا ثالثا هو كيف يمكن في إطار الدولة الاتحادية مع وجود الإقليمين استيعاب المسار التاريخي الذي تقدم في إطار هذه الوحدة منذ 22 مايو 90، وحتى يومنا هذا. هذه المستويات موجودة، وبالتالي بالنسبة لنا هذه المسألة إستراتيجية، وقدمناها مفصلة ومشروحة، وترجمناها إلى اللغات الأجنبية، وشرحناها في محاضرات، وأجبنا على كثير من الأسئلة والاستفسارات بشأنها في الصحافة، لكن مشروع الأقاليم الـ6 الذي يقال هو مشروع مبهم.. لا تعرف لماذا ستة أقاليم، نحن قلنا لماذا اثنين..؟، لا تعرف في تقسيم الأقاليم لماذا هذه المحافظة وتلك المحافظة ضمن هذا الإقليم، على أي معيار تم..؟ هذه الأسئلة ليس فيها إجابات.. فهذا مشروع الـ6 أقاليم مشروع مبهم صراحة، لا أحد يعرف كنه المسألة، ولماذا هذه الاستعجالية والاستباقية لماذا؟ لاتعرف شيء.. إذا كانت مبهمة هذه العملية في التقسيم..

- هل تعتقدون أن هناك ـ مثلاً ـ سيناريوهات محتملة، فيما إذا فرض هذا الخيار؟؟

نحن لا نحدد مواقفنا بالاعتقادات.. لكننا نرى أن الأقاليم الـ6 مشروع رغبوي وليس صادرا من منطلقات موضوعية، وتغيب عنها هذه المنطلقات الموضوعية في نفس الوقت، لأن ماهية الأسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى هذا... نحن ننظر فيه أيضاً بالنظر إلى إمكانيات الدولة في اليمن حالياً وإلى مسألة التدرج.. يصعب تماماً أن تقوم بإيجاد 6 حكومات و6 مجالس نواب، وموازنات ضخمة.. هذه كلها لا تتوفر. أنا عندي شك في هذا الموضوع في أنهم يريدون أن يخلصوا إلى إعادة مشروع قديم رفضوا أن ينفذوه في تلك الفترة.. خاصة الحزبين الحاكمين حينها، والذي هو مشروع الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي يعطي للفيدرالية معنى إداريا وماليا بسيطا ويترك المركز في موقع المتحكم، لأننا نرى في الشروحات التي تتم من قبل هؤلاء مسألتين.. أولاً: أن الوثيقة وثيقة مخرجات الحل العادل للقضية الجنوبية حددت البنية الهرمية للدولة الاتحادية بثلاثة مستويات.. المستوى الأول: الحكومة الاتحادية، ثم الإقليم، ثم يحتوي الإقليم على ولايات وهذه الولايات تستوعب محافظات، الآن في كل الأحاديث التي تقدم ـ الرسمية وغيرهاـ لا يوجد ذكر لأي شيء اسمه ولايات، يريدون أن يؤسسوا الدولة الاتحادية بهذا المعنى على المحافظات، بينما المبادئ العامة للدولة الاتحادية والصلاحيات المعطاة للأقاليم لا يمكن أن تبنى أو تنفذ في كيانات جغرافية إدارية محدودة وصغيرة كالمحافظات، فعلى الأقل لازم تكون ولايات، فإذن إرساء الأمر على المحافظات فقط معناه عدم تطبيق هذه الصلاحيات التي تعطي للولايات، هناك إفراغ للمسألة من مضمونها الحقيقي..

- إلى أي مدى أنتم في الحزب الاشتراكي منسجمون مع انتقاء الرئيس للدكتور أبو بكر با ذيب ضمن لجنة الأقاليم؟ هو لم ينتقه. هل سبق وان تشاور معكم؟

* لا أبداً.. هو مكلف من الأمين العام أن يحل محله في غيابه، وكان الأمين العام الدكتور ياسين سعيد نعمان- نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني في هيئة رئاسة المؤتمر وكان أيضاً عضو لجنة التوفيق، وهذا التكوين المؤسسي للحوار الوطني يشمل كل أمناء العموم للأحزاب السياسية، هم أنفسهم في الرئاسة وهم أنفسهم في لجنة التوفيق، فلما جاء هذا القرار.. وعندما نقرأ هذا القرار في جزئية منه قام على الإتيان بأعضاء هيئة الرئاسة وهم أنفسهم لجنة التوفيق وأضافوا إليهم أيضا من الأمانة العامة، وبالتالي هذه العملية ليس فيها انتقاء شخصي من قبل الرئيس هادي للدكتور أبو بكر با ذيب.. هناك من يقول أن الحزب يشهد خلافات.. بين مؤيد ومعارض للدكتور با ذيب.. لا.. ليس لشخصه.. فقط الحزب يؤكد على تمثيل مواقفه في أي لجنة من اللجان كان فيها، أي شخص، يكون باذيب أو غيره، يجب أن ينضبط ويلتزم حزبياً لتمثيل قرارات الحزب وتجسيدها..

- حتى فترة تواجد الدكتور ياسين سعيد نعمان كان مايزال رافضاً التوقيع على تفويض الرئيس لتشكيل لجنة تحديد الأقاليم.. لماذا لم يتم التوقيع إلا بعد سفر الدكتور ياسين.. ثم شهدنا عاصفة من الانتقادات داخل الحزب الاشتراكي بعد توقيع الدكتور ابو بكر باذيب ما الذي حدث بالضبط؟

* ما حدث هو أن الدكتور باذيب وقع، لكن على غير إرادة الحزب، لكن أيضاً تم معالجة هذا الأمر في الهيئات القيادية للحزب، في الأمانة العامة والمكتب السياسي.

- هناك من يقول أن الحزب سيظل يجتر هذا الخطأ -خطأ التوقيع- حيث لا وجد آلية واضحة لعملية تحديد المناطق الجغرافية بالنسبة للأقاليم الستة..؟

* نحن انضبطنا لثلاث مسائل رئيسية.. أولاً: في أي حل للقضية الجنوبية يفترض أن يكون البعد السياسي للقضية حاضراً.. هذا اولاً. ثانياً: أن يمثل حل القضية الجنوبية مدخلا لحل القضايا الوطنية بشكل شامل.. ثالثاً: البحث عن الإطار المناسب لحل هذه القضية بالبعدين الذين ذكرتهما.. وعلى هذا الأساس وجدنا أن هذا هو الحل.. لكن الحل الآخر المقدم لا يعطي أي اعتبار للبعد السياسي للقضية الجنوبية كما نعطيها نحن.. البعد الثالث في موضوعنا بمدى ما سيكون الحل المتخذ قابل للتطبيق عملياً.. وعلى هذا الأساس بنينا فكرتنا.. لما تقول مناصفة بين من ومن.؟! المناصفة دائماً بين اثنين والاتحاد دائماً يكون بين اثنين أو ثلاثة، لكن الوحدة أصلها تمت بين اثنين.. هذه هي الأسس التي أخذناها واعتبرناها إستراتيجية.. ولكن كنا منفتحين أيضاً أمام ما إذا بدأ الأمر بالإقليمين، ومضى عليه فترة. سيكون الأمر مفتوحا أمام تعدد الأقاليم بشكل عملي ومنطقي.. على مستوى القضية الجنوبية ككل..

- ماذا يعني برأيكم فرض خيار الـ6 أقاليم؟

* فرض خيار الـ6 أقاليم يعني إزاحة البعد السياسي للقضية الجنوبية هذا بدرجة رئيسية.. ثم أنه لا يضمن على الإطلاق تماسك الوحدة الوطنية في البلاد كلها.. لأنها تجربة حديثة وبلد متخلف.. إذن هناك قوى ربما تقف وراء هذا الخيار..؟ لا يستبعد هذا.. لكن نحن دائماً نعول على البعد الموضوعي في القضايا.. نشاهدها ونلمسها.. ثم نحدد مواقفنا. نحن نتجنب اتخاذ مواقف على أساس استنتاجات من نوايا لا تستطيع أن تؤكدها.. لكن عمل مثل هذا بالتأكيد سيخلق مشاكل.. وعمل مثل هذا بالتأكيد سيكون هناك مستفيدون من ورائه، سواء كانت قوى داخلية أو خارجية، إذا كان يؤدي إلى تفتيت أو إلى إضعاف الوحدة اليمنية أو شيء من هذا القبيل.. في مقابلة سابقه له.

- قال الدكتور ياسين سعيد نعمان إن خيار الـ6 أقاليم يهدف لحل الحراك الجنوبي وليس حل القضية الجنوبية..؟

* لم يصادفني مثل هذا.. لكن هو نفسه المعنى وكأنه إبعاد البعد السياسي للقضية الجنوبية وتحويلها وكأنها بعد حقوقي فقط، وحتى البعد الحقوقي لم يتم الاستجابة لحله في النقاط الـ31 حتى الآن..

- ذكر الدكتور ياسين أن تقسيم الجنوب إلى كيانين أو إقليمين قد يقود إلى صراع جنوبي – جنوبي..؟

* ممكن يكون وارد هذا.. صحيح..

- هل خذلكم الدكتور ياسين في رحيله بهذه اللحظة الحرجة؟

* طبعاً لا، لأنه راح لأمور تتعلق بصحته الشخصية، وعنده متاعب في القلب سبق وأن عمل عملية سابقة، لكن أن يهجم عليك المرض وتكون له مخاطر في لحظة معينة هذا قدر.. أنت لست مسؤول عنه.. وبالتالي أنت لا تستطيع أن تقول أنه حدد واختار الفترة التي يذهب فيها.. وهذا بلد مفتوح للتأويلات..

- ما علاقتكم كحزب اشتراكي بالحراك الجنوبي.؟

* عندنا علاقة قديمة مع الحراك الجنوبي، لأن كثيرا من أبرز وأوائل مؤسسيه كانوا في قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، ويوجد فيه أعضاء في المكتب السياسي ويوجد كذلك من اللجنة المركزية منخرطون في أكثر من فصيل من فصائل الحراك الجنوبي السلمي، وبداية تأسس الحراك كانت مقرات منظمات الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظات والمديريات، حيث توفر للحراك السلمي ظهور عبرها، وكانت مواقع لاجتماعاتهم ولقاءاتهم، ثم إن النظام الداخلي للحزب الاشتراكي اليمني يعطي الحق لأي منظمة حزبية في محافظة من المحافظات في أن تتصرف وفقاً لمعطيات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن ضمن سياسة وطنية واحدة..

- هناك أصوات في الحراك الجنوبي تقول أن هناك حالة من الفصام بين رفاق الشمال ورفاق الجنوب.. وتضيف هذه الأحوال أن رفاقهم في الشمال متواطئون مع قوى النفوذ هنا في الشمال لتقرير مصير الجنوب بهذه اللحظة الحرجة في تاريخه..

* كل القرارات السياسية التي يتخذها الحزب تناقش في هيئته القيادية، وهذه الهيئة مكونة من أبناء الشمال والجنوب، وتتخذ بشكل موحد، يمكن لو فيه آراء مختلفة تظل في فترة المناقشة، لكن بعد أن يتخذ القرار يبقى هذا ملزما للجميع، وحتى الآن لا توجد أي ظاهرة خروج على القرارات المتخذة من قبل الحزب، سواء من قبل الجنوبيين أو الشماليين.

- بالنسبة للهبة الحضرمية.. ظهرت أصوات تطالب بالانفصال عن الجنوب والشمال.. وهناك تخوفات من توجهات إقليمية تدفع بهذا الخيار للوصول إلى البحر العربي ومد أنابيب نفط من المملكة العربية السعودية تحديداً.. هل تشعرون بهذا الخطر.؟

* طبعاً.. حتى خيار الإقليمين للحزب الاشتراكي اليمني مبني على هذا الفرع من الأبعاد التي تمنع قدر ما يستطاع هذا النوع من المشاريع، في حال أنها تحولت من مجرد رؤى نظرية إلى ممارسة عملية.. توجد عندنا معادلة: أن الجنوب كان مفرقا قبل ثورة 14 أكتوبر، إلى نحو 22 سلطنة ومشيخة بالإضافة إلى مستعمرة عدن، عندما توحد الجنوب كان هو فاتحة وحدة اليمن ككل، وإذا تمزق الجنوب مجدداً فهو سيكون فاتحة سيئة لتمزيق الوحدة ككل في الشمال والجنوب، وبالتالي فإن جزءا أساسيا من مشروع الحزب الاشتراكي في اتجاه الإقليمين هو لمنع هذا النوع من السياسات أن تنجح..

- هل تستبعد إعادة إحياء هذه الظاهرة في الجنوب.. فيما إذا تم فرض خيار الـ6 أقاليم؟

* المشكلة.. أن اليمن ككل بلد متنوع في العادات والتقاليد، ولو جئت تبحث في الفلكلور المتعلق بعادات وتقاليد محلية فستجده متنوع جداً، في مناطق غير متشابهة، هذه تظل في البعد الثقافي. الخطورة متى تأتي..؟ عندما يتم تسييس هذه الهويات الثقافية والمحلية، وعندما يتم البدء بذلك يأتي الخطر، وإلا فاليمن عاش موحدا، سواء كان الشمال أو الجنوب، لمئات السنين بالرغم من وجود هذا النوع من التفاوت الفلكلوري الثقافي المحلي..

- هل تشعرون أن هناك تسييس لهذه الهويات؟

* طبعاً.. هناك تسييس.. أنت لما تقرأ الصحافة تشوف كيف تسيس هذه القضية من جوانب كثيرة.. إن يقول البعض مثلاً أنه ليس له صلة باليمن.. أو يقول البعض أنه لم يستشار عندما جاءت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أن ينضم إليها، أو أن يكون جزءا من هذا الكيان.. تسمع عن العصبة الحضرمية.. تتكلم بهذا الموضوع بشكل صريح.. وهذا أول أدوات تسييس الهويات المحلية.. وهذا خطير.. هذا يمارس في أكثر من منطقة في العالم بعد العولمة.. وفي حال اعتماد خيار إقليمين..

- هل ستنطفئ باعتقادكم ظهور مثل هذه الأصوات؟

* طبعاً وسأقول لك لماذا؟.. الحفاظ على وحدة الجنوب وعدم تفرقه، وكيفية الحفاظ على الوحدة اليمنية.. وهو أن لكل إقليم برلمان يتكون على أساس التمثيل السكاني، هذا التمثيل السكاني مثلاً بين الإقليم الذي يريدونه في حضرموت أو الإقليم العربي يكاد يكون متساويا، يعني حضرموت ستجد نفسها في هذا البرلمان، هذا البرلمان هو الذي سينتخب الحكومة التنفيذية، سينتخب من البرلمان، لن يأتي من أي جهة أخرى، حتى لو فرضت مركز جديد، البرلمان نفسه هو الذي ينتخب هذه الحكومة وهو الذي يقيلها، وهو الذي يراقب مهامها. إذن هذه الولايات موجودة وحاضرة في ممارسة السياسة والتشريع، أيضاً كيف نعمل على تماسك اليمنيين. نحن قلنا مثلاً: يقسم الشمال كإقليم إلى أربع ولايات، والجنوب كإقليم إلى ولايتين.. الآن كم معك ولايات؟.. ست ولايات.. هذه الولايات لكي تذهب إلى البرلمان الاتحادي تذهب مباشرة إلى البرلمان الاتحادي دون توسط الإقليم ودون المرور به، وهذا يعطيك حالة من الوحدة والتماسك، وجعلت أنت من الولايات هي الرقيب على الحكومة الاتحادية وهي الرقيب على الحكومات الأقاليم..

- هل استندتم إلى نماذج حية لمثل هذا التقسيم؟

* في التجارب العالمية لا يوجد فدرالية تشبه فيدرالية، والسبب أن كل فيدرالية جاءت لحل مشكلات محددة في المجتمعات هذي.. نحن مشكلاتنا مختلفة، نحن اجتهدنا.. قرأنا.. شفنا.. عملنا.. شفنا تاريخنا وعملنا مقترحات من يقول لك الآن إن الإقليمين عودة إلى الشطرين كذاب.. الشطران معناه دولتان، أما الإقليمان فهما كيانان إداريان في دولة واحدة، الشطران معناه جنسيتان، أما الإقليمان فهي جنسية يمنية واحدة للكل ومواطنة متساوية بين الجميع، الشطران معناه سيادتان بينما الإقليمان ليس لهما حق سيادي، السيادة للحكومة الاتحادية حصراً تمارسها، فهؤلاء يكذبون، يريدون أن يطابقوا بين شيء اسمه شطري وشيء اسمه إقليمي..

- هناك من يرى أن القرار السياسي يحاول تحجيم الحزب الاشتراكي باعتباره الرافعة الوطنية.. إلى أي مدى صحة هذا الكلام؟

* نحن موجودون في ظل وجود التعددية السياسية وهي وضع تنافسي، ووجودنا محكوم في الصراع السياسي بالدستور، بقانون الانتخابات، بقانون الأحزاب، هذا نوع من التنافس. البعض عنده خشية لكن هذا أمر وارد، في أحزاب تنافس بعضها البعض، لكن نحن نقول على التنافس السلمي، إذا أراد الآخر أن يستخدم ضد الحزب الاشتراكي وسائل قمعية أو وسائل خارج أطر القانون سيدفع ثمنها مائة في المائة. الحزب الاشتراكي يميل إليه الكثير من الشباب، لأن الأشياء التي ناضل من أجلها في الماضي هي نفسها صارت أهداف وطموحات هؤلاء الشباب للمستقبل، وبالتالي فالحزب الاشتراكي يمثل المستقبل ولا يمثل الماضي.. لهذا هناك من يغار من هذا، لأنهم يريدون أن يؤيدوا الحاضر أو الواقع كما هو وأن ينتجوا الماضي في الحاضر..

- هل تشعرون بهذه المحاولات ضدكم كحزب اشتراكي؟

* نعم نشعر.. ولكن نواجهها بعقلانية وبسلمية وبالقانون..

- نسمع مراراً شعاركم "لن يمروا" في كل عملية استهداف لكوادر الحزب الاشتراكي منذ استشهاد جار الله عمر.. من هم هؤلاء؟

* لن يمروا... الذين يقتلون، وبالنسبة للذين يقومون بعمليات القتل هذه منذ مقتل الشهيد جار الله عمر تمت محاكمة القاتل واتضح في سياق المحاكمة وفي أضابيرها من يقف وراء هؤلاء.. هؤلاء لن يمروا بالفعل.. وجاءت الثورة أيضاً لكي لا يمروا..

- كان يفترض بالحزب الاشتراكي الحامل الأول لمشروع الدولة المدنية أن يتحول لمركز تنوير من خلال إصدارات دورية.. صحفية وفكرية وثقافية.. هناك تراجع يشهده الحزب بصورة كبيرة.. هل يرجع هذا إلى نقص التمويل داخل الحزب.. أم تخاذل ويأس بعض مناضلي الحزب الاشتراكي؟

* الثلاثة الأسباب التي ذكرتها أو الافتراضات متمازجة مع بعضها البعض لكن بنسب مختلفة.. هذي كلها لعبت دور في هذا الوضع، لكن عندنا قصور.. والاعتراف بالتقصير مسألة واجبة، هذا أمر مهم، لأنه لا نريد تبريرات، نحن ظلمنا من بعد 94 ولا نريد أن تكون مظلمتنا مظلمة كربلائية.. أن تظل دائما مظلوما وتشكو باستمرار، فلا يأتي الزمن لتخرج من هذه المظلمة.. نحن سنعقد المجلس الوطني.. وهو نصف مؤتمر عام، وما يتم تداوله وتحضيره للمؤتمر هو مثل هذه الأفكار.. في كيفية إعادة دور الحزب الاشتراكي في هذه النواحي بشكل بكير لأنه شيء مهم.. وحتى مع الظروف الجديدة.. هذا الأمر إذا لم يعالجه الحزب الاشتراكي فسيكون جهل قاتل بالنسبة للحزب.. <

- هناك فرصة للحزب لتصدر المشهد السياسي الآن بعد ظهور فشل منظومة قوى النفوذ 7/7 في إدارة الحكومة.. هل تتطلعون لتصدر المشهد في حال خرجتم من الحكومة الحالية؟

* نحن في اليمن ككل أصحاب تجربة تقدر من قبل كثير من مراكز الدراسات والأبحاث في الخارج، ومن قبل عدد لأبأس به من المثقفين العرب.. كيف أن اليمنيين استطاعوا أن يقوموا بتحالفات سياسية بين أحزاب كانت بينها نقائض أيديولوجية ضد بعضها البعض.. وبالتالي ففي اليمن تحققت تجربة إزاحة البعد الأيديولوجي في القناعات، في العلاقة مع الآخر، وبناء العلاقة مع الآخر على أساس المسألة السياسية، والمسألة السياسية في كل مرحلة من المراحل تعبر عن نفسها بقضايا معينة وبأهداف محددة، فنحن طبعاً نجد في دورنا داخل اللقاء المشترك دورا إيجابيا كبيرا، وتعلمنا خلال هذه التجربة في اللقاء المشترك الكثير من أهمية اللقاء المشترك، وحتى دربنا أنفسنا أيضاً على القبول بالديمقراطية وممارسة الديمقراطية ولا نريد إن نخسر، والاستنتاج الأول والأكبر الذي خرجنا فيه هو أن هذا البلد لا يمكن- بتركيبته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية- أن يحكمه طرف واحد محدد بعينه.. عندما فكر المؤتمر أن يحكم هذا البلد لوحده لم يستطع، ولهذا فنحن نفضل بدرجة كبيرة أسلوب العمل التحالفي، ولكننا نسعى الآن لتوسيع أطر التحالف بشكل أوسع مما هو عليه، أو محكوم بأحزاب سياسية فقط، ولكن هناك في قوى مجتمعية مختلفة انخرطت اليوم في السياسة من بعد الثورة الشبابية، يمكن توسيع التحالفات معها في هذا الاتجاه.. ونحن نشعر أن مجرى التاريخ العام هو في اتجاه تقدم اليمين واليسار مع التقدم هذا، لكننا نرى أن جزءا من تقدم عملنا السياسي هو الحرص على التحالفات، ضمن هذا، نحن نرفض تماماً سياسة الاستقطابات التي تشتت العمل السياسي وتضع الواحد في مواجهة الآخر، التحالفات هو البحث عن المشترك، هذا هو ما نبحث عنه، ولو مشينا في المشترك هذا في البداية 25% نشتغل فيهلا مشكلة، نحن نؤكد على السياق العام لأي عمل تحالفي، يحتاج التعاون ويحتاج الاعتراف بالآخر وبوجوده.. وجوده السياسي ووجوده في المصلحة، وأيضاً في الوطنية، وفي المصلحة الطبقية، هذي كلها نريد أن نؤكدها في الممارسة. صحيح أنه برز لدى البعض من بعد تجربة اللقاء المشترك، من بعد تشكيل السلطة السياسية الجديدة.. هناك من يريدك أن تكون شريكا سياسيا ولا يكون لك أي حضور في المصلحة، وهذه مشكلة. لهذا نحن نراجع هذا الأمر من الجميع، ولكن اليوم المصلحة التي يعبر عنها الحزب الاشتراكي وجود فئات واسعة جداً حاملة لهذه المصلحة. الآن ممكن أن تحقق معها الائتلافات السياسية الواسعة..

- كيف تنظرون لوقوف حزب الإصلاح مع حزب المؤتمر واصطفافهما مع خيار الـ6 أقاليم، حيث وقف معكم الحوثيون فقط في اللقاء المشترك ومكون الشباب..في مشهد يذكر بتحالف قوى حرب 7/7..؟

* عندما نقول لهم: لماذا وقفتم مع الأقاليم الـ6 مع حزب المؤتمر؟ يقولون: لأنكم لم تقفوا معنا.. وهنا اختلفت رؤيتنا الإستراتيجية للمصلحة الوطنية، ولهذا نحن اخترنا الإقليمين، ونحن نعول في هذا أن الحياة ستؤكد وستثبت ما نقوله نحن، لأننا انطلقنا من أسباب موضوعية تراعي المصلحة الوطنية العامة، وسير التاريخ اليمني إلى الأمام بشكل مشترك بدلاً من أية مصلحة أخرى. ولهذا لا نستطيع مثلاً أن نقول لهم: لا تقفوا مع أولئك، هذا خيارهم.

- هل نفهم من كلامك هذا يا دكتور أن اصطفافهم- الإصلاح والمؤتمر- مع خيار الـ6 أقاليم هو حفاظاً على مصلحة حزبية معينة؟

* أقول أن هذه القوى قد تصارعت في فترة الثورة، في الحاضر لا يوجد بينهم مشترك، وفي المستقبل كذلك يبدوا لي لا يشتركون أيضاً لأن رؤيتيهما تختلفان، نحن عندما نرى الصحافة التابعة لكل منهما، نجد درجة الصراع وحجمه.. إذا هناك توحد في قضايا معينة هو فيما يتعلق بالماضي.. مقاطعا... لكن المصحلة أحيانا تتجاوز حالة الصراع.. المصلحة هنا التي جذورها في الماضي...

- في تصريح سابق لمحمد قحطان قال فيه: إن الرئيس السابق بالإمكان أن يكون رمزاً وطنياً حال تخليه عن السياسة.. وهو الذي دعا في فترة الثورة الشبابية الشعبية إلى غرفة نومه لإخراجه من الحكم حينها...؟

* مقاطعاً.. لا لا لا.. هو كلام مبطن، أنه لو تركت السياسة ومشيت يكون أفضل للبلاد، هو يقصد هذا المعنى، ولا يقصد المدح كما صورته الصحافة، هو يقصد معنى مختلفا، لأن علي ناصر محمد قال أيضاً أنه من الأفضل أن لا يضيف فصلا جديدا إلى مذكراته التي يكتبها.. معناه هو أن يخرج من السياسة..

- كيف تنظرون إلى مستقبل خارطة التحالفات السياسية مستقبلاً؟

* أنا أظن أن خارطة التحالفات المستقبلية ستتغير وفقاً للتغير.. مثلاً: اليوم جزء من الأزمة التي تعاش سياسياً، أن الواقع الجديد يفرض قواعد لعب سياسي جديد.. هم يريدون أن يلعبوا بنفس القواعد السابقة، وبالتالي سيؤدي هذا إلى الدخول في أزمة حقيقية.. وارد هذا، لأنه لو جئت أنت مثلاً، ورأيت مخرجات الحوار الوطني، فستجد في النهاية موقفا بارزا وجادا مختلفا حول وثيقة الضمانات، لكن لما القوى الجديدة في اليومين الأخيرين تماسكت وضغطت واستطاعت أن تعدل في هذه التركيبة، واستطاعت أن تدخل قاعدتين أو ثلاث من قواعد اللعب الجديدة.. على الرافضين أن يتكيفوا معها.. تقول أن هناك محاولات تسعى لخلق تحالف جديد..

- هل هناك مؤشرات لفك ارتباطكم بالمشترك قريباً؟

* أقصد أنا أن الحزب الاشتراكي حتى اللحظة ينطلق في توسيع التحالفات، لا تقليصها، وبالتالي فإن على اللقاء المشترك إعادة قراءاته لأنه.. هل هو بحاجة إلى رؤى إستراتيجية جديدة؟. ويضع برنامجا سياسيا جديدا، ماهي مرتكزات أو مكونات هذا البرنامج؟.. أم أن اللقاء المشترك استنفد أغراضه.. بالنسبة لنا دخولنا في اللقاء المشترك كان دخولا ذا أهداف إستراتيجية وليس تكتيكية مرحلية.. إذا كان البعض دخل اللقاء المشترك على أساس تكتيك مرحلي.. بالنسبة له يعتبر هذا الأمر قد انتهى، لكن بالنسبة لنا كانت أهدافنا مختلفة ونشعر الآن أنه مازال اللقاء المشترك قادر على العمل، لكنه بحاجة إلى تغيير رؤاه أو برنامجه، لأن الواقع السياسي قد تغير، قياساً على الواقع السياسي الذي اشتغلوا فيه بشكل مشترك..

- كيف تنظرون إلى علاقتكم مع أنصار الله (الحوثيين)؟

* أولاً نحن لا ننظر من منطلقات أيديولوجية إلى حركة أنصار الله، وبالتالي نشعر بهذه الحركة أنها حركة صاعدة، عندها حالة نهوض جماهيري، وفي الآونة الأخيرة انخرطت في العمل السياسي، شاركوا في كل لجان الحوار، كانوا موجودين في الهيئات المؤسسية للحوار الوطني الشامل، وهذا يعطي انطباعا قويا عن التطور لهذه الحركة في اتجاه سياسي، صحيح أن منطلقات قيامها في البداية كان شيئا آخر مختلف.. هو الدفاع عن النفس وعن الحقوق الثقافية، ولكنها تطورت هذه الحركة في هذه الاتجاهات.. في أدبياتها السياسية ننظر أن هذه الحركة تتحدث بمطالب بناء الدولة المدنية الحديثة، بحيادية مع ملاحظة ان هذا الحركة تستند على خلفية فكرية دينية مذهبية ولأنها حركة صاعدة.. إلى أي مدى ستكون حركة مستقبلية هذا مرهون بمدى انخراطها في العمل السياسي الذي يأخذ الأبعاد السلمية والتحالفية.. ونحن في هذا الاتجاه لدينا موقف مشترك في أي قضية تكون تحليلاتها ورؤانا متفقة بشأنها..

- معروف أن حزب الإصلاح متخوف كثيراً من هذه الحركة.. هل وجهة نظركم تجاه هذه الحركة تؤثر على علاقتكم بحزب الإصلاح؟

* لا تؤثر.. يجب أن تعرف أن هذه الحركة عندما كانت في بداياتها الأولى حتى قبل هذه التسمية "أنصار الله" كان الحزب الاشتراكي اليمني يتعامل مع هذه القضية بمواقف مبدئية أثرت حتى على حلفائه.. نحن موقفنا المبدئي كان قائما على عدم حل المشاكل باستخدام السلاح ولكن لابد من حل المشاكل الداخلية عبر الحوار.. هذه مسألة مبدئية لدينا.. النقطة الثانية: نرفض العنف لحل أية مشكلة ونميل إلى البعد السلمي في هذا الجانب، وبالتالي كان موقف الحزب الاشتراكي موقفا سياسيا متوازنا أثر على تحالفاته بشكل ايجابي، ولم يكن العكس..

 > فيما يتعلق بتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل إلى أي مدى انتم متفائلون بتطبيقها؟

> مخرجات الحوار الوطني هي مخرجات حتى اللحظة نظرية، لكن قيمتها السياسية تكمن في إن هذه المخرجات تمت على أساس توافقي وبطريقة سياسية غير تقليدية، بحيث ابتعدت عن ذلك النوع من الصفقات التي تتم بين أطراف سياسية، وفي الظلام كانت علنية واستوعبت ما يريده الناس وما كان يمثله الشباب والنساء والمرأة، قوى مجتمعية كثيرة اشتركت فيه من هذه الناحية، الحوار الوطني كان تجربة يمنية رائعة بصرف النظر عن عدم الاكتمال لأنها أولاً تجربة للمرة الأولى تمارس في بلدك، وهذه التجربة للحوار الوطني أثبتت إلى أي درجة يمتلك اليمنيون من القدرات الفكرية والسياسية والاختصاصية في مختلف المجالات، وكان كل هذا كم مهمل، ولكن تم تفعيله في الحوار الوطني.. وهذه تجربة مهمة. النقطة الثانية سيكون فيه التنفيذ كثير من الصعوبات، لكن الحوار الوطني كتجربة وضع أن الصراع يجب أن يكون سلميا بين القوى، وأن القوى الموجودة في اليمن سواء كانت القوى المجتمعية الجديدة أو الأحزاب السياسية أو القوى التقليدية من أصحاب المصالح، هذه القوى لا يمكن لأي منها أن يقضي على الآخر بالضربة القاضية، ولكن بالنقاط، صراع سلمي يتم بالنقاط وفي النقاط بقدر ما ستحقق من هذه النقاط خصمك الآخر يحقق نقاط، لكن حرصك يكون على أن تقدم نقاط اكبر. وبالتالي بعض القوى القديمة إذا رأت جهة تحقق تقدماً أو استفادة في مكان محدد تنزعج وكأنها هزمت.. لا، بالعكس نحن متفقين أن قواعد اللعبة تتم بالنقاط..

- هل يمكن أن توضح لنا عن هذه الصعوبات التي يمكن أن تكون عائقا أمام تنفيذ مخرجات الحوار؟

* أنا أعطيك مقالا لهذه الصعوبات.. القوى القديمة التي كانت قابضة على السلطة ومستفيدة من حرب 94 تريد أن تستمر بنفس نفوذها وبنفس مصالحها السابقة، وبالتالي هي حددت وثيقة الضمانات في المشروع الأول، عدلته بحيث أنها لا تريد مؤسسات جديدة، هذه المؤسسات الجديدة تضمن حضور القوى المجتمعية الجديدة صاحبة الرؤية، بحيث يكون عندها هذه القوى المجتمعية الجديدة داخل هذا الحضور، يكون عندها سلطات محددة دستورياً وقانونياً.. هم يريدون احتكار كل شيء، وأرادوا أيضاً الإبقاء على المؤسسات القديمة العاجزة.. مثلاً الإبقاء على مجلس النواب والشورى، وبالتالي أرادوا أن يخوضوا الانتخابات قبل إجراء سجل انتخابي جديد.. أرادوا ذلك بالسجل الانتخابي القديم. وكذلك أرادوا أن تستمر قواعد اللعب في مجلس الشورى والنواب بنفس طريقته القديمة بحيث يحققوا هم الأغلبية..

- ليحكموا بمنطق الغلبة.؟

* نعم ليحكموا بمنطق الغلبة.. لكن عندما أصرت في اليومين الأخيرين القوى المجتمعية الجديدة برفضها لهذه الوثيقة عدلت فيها.. لا يمكن أن يتم خوض الانتخابات إلا بسجل انتخابي جديد، ولا يمكن توسيع مجلس الشورى إلا بنفس النسب التي تم فيها وجودها في مؤتمر الحوار الوطني.. وبالتالي هذا سيغير من التركيبة بشكل كامل، إضافة إلى أنه في كل التركيبة يوجد مناصفة بين الشمال والجنوب، وهذا سيعدل من قواعد اللعب.. هذا تحقق بالمرة الأولى لما أرادوا وفرضوه، أرادوا أن ينتصروا بالنقاط، لكنهم استخدموا البعد السلطوي، لكنك عندما استخدمت البعد الجمالي ورفضت وأخذت حقك في النظام الداخلي للحوار الوطني، لأن الحوار الوطني كانت قيمته أنه كان مؤسسيا وليس قائما على صفقات- استطعت أنت أن تقلب المسألة وتحقق تقدم في النقاط، ليس في كلها ولكن بعضها.

- كلمة أخيرة لشباب الثورة.. الحالمين بيمن أفضل.؟

* أنا أقول لشباب الثورة.. للحالمين: يجب أن تنخرطوا في السياسة ولكن عبر تنظيم أنفسكم في تيار سياسي للمعارضة، لأنه اليوم واحدة من الأزمات والمشكلات القائمة أن قوى الثورة ليست حاكمة وليست معارضة، وبالتالي يجب أن تكون موجودة في المعارضة. لكن إمكانية قيام أو تشكيل تيار أو حزب سياسي ليست متوفرة؟ هذا إذا نسوا أن هذه مسؤوليتهم، يجب أن يبادروا تجاه بعضهم البعض ويؤسسوا لأنفسهم.. في قوانين تعطيهم الحق في أن يؤسسوا كيانات كما يريدونها، بدلاً من أن يوزعوا أنفسهم على الأحزاب أو على مصالح محددة وقتية وآنية..

- هم يرون أنهم واقعون تحت ظروف الحاجة؟

* لا.. يجب ان تستمر فيهم روح الثورة..!

- كلمة أخيرة يا دكتور؟

* هذه صحيفة جديدة (الخلاصة) طبعاً واضح في موادها نهج يميل إلى اصطفاف إقليمي معين، وبالتالي يعطينا مؤشرا إلى أن صدر السياسة اليمنية يتسع بحيث يقبل تنوعا جديدا ومضاف عليه، ويؤكد أيضاً على حرية الرأي والتعبير الموجودة.. في هذا الوقوف نجد _بصرف النظر عن الأيديولوجيات- كثيرا من نفس اليسار ومواقفه التي تكاد تكون موجودة، ويمكن هذا أن يعطي حالة من الانفتاح في الجانب الفكري والحواري والسياسي.. وبالتالي: أتمني لهذه الصحيفة النجاح..

 

 
قراءة 3339 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 04 شباط/فبراير 2014 20:55

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة