هرم الشعر الذي كان هنا "شعر"

الأربعاء, 02 أيلول/سبتمبر 2015 18:17 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كتبت هذه القصيدة في العام 2005م في الذكـــرى السادسة لرحيل المفكر  والفيلسوف الشاعر  الأستاذ المرحوم عبد الله البردوني

 

يا صدى الأيام يا صمت الليالي

 

 

 

كيف أشكو سوء حظِّي وانخذالي

 

كيف أشكو نائباتٍ عدنَني

 

 

 

يختطفنَ الضوءَ من برقِ السؤالِ

 

يقتلعنَ الوهجَ من أجوبتي

 

 

 

يجتثثنَ النبلَ من بين الخصالِ

 

يا ثواني كيف صرتِ جمرةً

 

 

 

يا جلال الرزء يا رزء الجلالِ

 

بين يومين استحالت حالتي

 

 

 

واعتراني ألمٌ فوق احتمالي

 

وغدا الناعي والمنعي سواء

 

 

 

وأنا أصبحت مبلياً وبالي

 

مثلما يغدو صباح عكسهُ
 

 

 

 

أو كما تزحف أكوام الرمالِ

 

دون وعدٍ زارنا الموت هنا

 

 

 

حاملاً في السرِّ غدر الاغتيالِ

 

ليته ما اغتال إلاَّ حزننا
 

 

 

 

من ليالينا وما اغتال الليالي

 

أو كما جاء وولَّى فجأةً

 

 

 

ليته ما اغتال طهر الانفعالِ

 

               *     *  

 *

 

رائد الحرف توارى بغتةًً

 

 

 

فتوالى الحزن فيضاً كالوبالِ
 

 

يا صديقي لا تقل لي صدفةً

 

 

 

طوَّحت بالحلم قبل الاكتمالِ

 

لا تقل لي كلّ نفسٍ حظُّها

 

 

 

أن تنال الموت من دون مطالِ

 

هرم الشعر الذي كان هنا

 

 

 

يزرع الإمكان في قلب المحالِ

 

ليس نفساً مثلنا، بل أنفساً

 

 

 

عدةً ملأى بألوان الجمالِ

 

كلُّ نفسٍ فيه تغدو أمةًً

 

 

 

فذةً حبلى بآلاف الرجالِ

 

كان حقلاً واسعاً ممتلئاً

 

 

 

بالرياحين وأصناف الغلالِ

 

كان صبحاً نجتني من نورهِ

 

 

 

قبس البشرى ولون الاخضلالِ

 

كان ميداناً لنا متسعا

 

 

 

للحوارات وأنواع السجالِِ

 

كان مشروع حنين حاملاً

 

 

 

عبق اللقيا وعطر الاتصالِ

 

كان كأساً جمعت في مائها

 

 

 

نكهة البن وطعم البرتقالِ

 

كان عطراً كان صوتًا رائعاً

 

 

 

كان طوداً شامخًا فوق الجبالِ

 

ليته أبقى لنا من بعضهِ

 

 

 

ما يواسينا سويعات النزالِ

 

ليظلّ الشعر في موكبهِ

 

 

جرساً يكسر قيد الانعزال
ِ

 

ليته ما مات بل مت أنا

 

 

 

علني ارتاح من جمر اتكالي

 

فإذا ما مت أبقى آمناً

 

 

 

انه ملء ميادين النضالِ

 

انه ما زال فينا خالداً

 

 

صوته يجتاح ساحات الجدالِ

 

خالداً في كل قلبٍ مثخنٍ

 

 

 

بالحصارات وفوضى الافتعال
ِ

 

               *       *

*

 

يا رفيق الضوء ماتت أحرفي

 

 

 

وطغى في علَّتي جمر اعتلالي

 

فالميادين كما غادرتها

 

 

 

لم تزل عطشى إلى ضوء الهلالِ

 

وكنوز الأرض صارت مغنماً

 

 

 

للفراعين وأصحاب المعالي

 

وحقول الكرم باتت ساحةً

 

 

 

للصراعات وحمى الاقتتالِِ

 

وكؤوس الشهد أضحت علقماً

 

 

 

والسياسات ضحايا الارتجال

 

و"ذوي التيجان"[1] ما زالوا على

 

 

 

كل شبرٍ قدوةً في الابتذالِ

 

يدّعون الطهرَ زوراً إنما

 

 

 

زمناً يمضون من دون اغتسالِ

 

يمنحون الشعب حبًّاً زائفًا

 

 

 

وله يهدون أسباب الزوالِ

 

يدّعون الرشد جهراً إنما

 

 

 

يسرعون الخطو في درب الضلالِ

 

وإذا ما أخطأوا واعتدلوا

 

 

 

إنما يمشون ضد الاعتدالِ

 

ويدينون اختلالاً قائماً

 

 

 

ويودّون دوام الاختلالِ

 

وحدويون وفي مسلكهم

 

 

 

كلُّ ما يذكي وباء الانفصالِ

 

               *         *

    *

 

يا رفيق الحرف إنّا ها هنا

 

 

 

لم نزل نرزح رهن الاعتقالِ

 

كلما جاء احتفال صاخباً

 

 

 

فاحت الأحزان قبل الاحتفالِ

 

فاقترب يا سيَّدي من جرحنا

 

 

 

عابراً فوق المسافات الطوالِ

 

وامتشق صوتك إنَّا لم نزل

 

 

 

ها هنا نرقبُ ساعات الوصالِ

 

                     
 

                                                                 

صنعاء -  سبتمبر 2006م

 


([1]إشارة إلى قصيدة البردوني "المقياس" في ديوانه "رواغ المصابيح" التي يقول في بعض أبيات مطلعها:

     يا ذوي التيجان يا أهل الرئاسة    

                الملايين بكم تفـــــــــــــنى حماسة

  كان  هذا ما روى إعلامــــــــكم     

                هل ترى هذا الجـــ ـماهير المداسة

  جربوا في الشعب شعــــــــبيتكم

                       واخرجـــوا يومـا بلا أقوى حراسة

إلى أن يقول       

 جربوا كي تستـــــــــــــبينوا مرّةً    

                    أين حكم الشعب من سوق النخاسة

       إلى آخر القصيدة.

 

قراءة 4134 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة