أموال اليمن المنهوبة بين الابتزاز الاماراتي وصفقات التصالح

الإثنين, 26 تشرين1/أكتوير 2015 19:04 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

ﻻ تعني عملية تجميد اﻷموال المنهوبة لرموز النظام السابق ضمانة عودة الاموال، إذ يتم التجميد فقط في حالة الاشتباه بهدف عدم تمكين المشتبه فيه من نقل الاموال الى حسابات أخرى لحين إجراء التحقيقات المطلوبة، وتقع بعد ذلك المسئولية على الدولة الراغبة في إستعادة الاموال، لتقديم أدله تثبت أن اﻷموال المجمدة من حقها الشرعي، وأنه تم تجميعها بصورة غير شرعية، وغالبا ما يشترط أن يكون قد صدر حكم قضائي يربط الاموال بالجريمة ويثبت أن مصدر الاموال غير شرعية.

هنالك تعقيدات جمه ستواجهها اليمن في عملية تجميد أموال رموز النظام السابق كما هو حال إعادة أموال اﻷنظمة الديكتاتورية بعد سقوطها، والتي تستغرق سنوات عديدة_مع الرغم انها عملية نادرة الحدوث الى حد ما_ وغياب قواعد معروفة وثابتة تحكمها، فيتم التعامل مع كل حاله على حدتها طبقا للمعطيات التاريخية والسياسية وعﻻقة الدول التي توجد فيها اﻷموال واﻷصول باﻷنظمة المخلوعة أو الساقطة. ومن هنا فأن طريقة تعامل الدولة التي تسعى الى استرداد اﻷموال يكون مصيريا ومحوريا في تحديد مدى نجاحها في مسعاها وحجم الأموال المستردة.

ومن المعلوم أن إقتناع الحكومات بتجميد أموال وأصول شخصيات سياسية وإعادتها لدولهم بإعتبارها منهوبة أو غير شرعية ليست باﻷمر السهل بطبيعة الحال، وأنها عادة ما تتطلب مجهودا فائقا من الدول الساعية ﻹستردادها كما تتطلب خبرات قانونية ومالية ودبلوماسية تعمل بإنسجام، واﻷهم من ذلك فإنها تتطلب إرادة سياسية قوية ﻹسترجاع تلك اﻷموال، دائما ما تأتي الثورات في ظل أوضاع إقتصادية وإجتماعية صعبة وتؤدي فترة عدم اﻹستقرار السياسي المصاحبة  للثورات في كثير من اﻷحيان الى المزيد من الصعوبات اﻹقتصادية، فتكون الحاجة الى إستعادة هذه اﻷموال واﻷصول ماسة _كما هو الحال في وضع اليمن_ التي يعاني إقتصادها من تناقص شديد في إحتياطي النقد الأجنبي، ومن هنا فإن غياب اﻹرادة السياسية في ظل الحاجة الى اﻷموال ﻻ يمكن تفسيرة إﻻ بإعادة إنتاج النظام القديم نفسه، أو بنجاحه في اﻹحتفاظ بشبكة مصالحه ونفوذه ومحاولة تعطيل عملية إسترداد اﻷموال، وهذا ما يعكسه واقع دولة اﻹمارات وعﻻقتها برئيس النظام اليمني السابق ورموز الحكم و السلطة، وهذة العﻻقة ستكون إحدى أكبر المعوقات التي ستعمل على تأثيرات البطء والتخبط في عملية إستقرار الوضع السياسي واﻹقتصادي والأمني في اليمن ﻷجل إعاقة عملية إستعادة اﻷموال التي بحوزتها والمقدرة ب20 مليار دوﻻر حسب معلومات تناقلتها وسائل اﻹعﻻم، مما يضع السلطة السياسية اليمنية رهن التهديد، وبما قد يؤدي الى عدم إسترجاع اﻷموال في حال أستمرت سياسات الدولة اليمنية في حالة غياب للإرادة السياسية وميل الحكومة الحالية الى التفاوض على اﻷموال مع رموز النظام السابق وعدم وضع قواعد للعدالة اﻹنتقالية ومحاكمة رموز النظام السابق وفقا للقوانين التي ستتيحها الحكومة كنوع من التسهيل ﻷجل الوصول الى مصالحة سياسية وشراكة وطنية، تحت مبررات عدة منها أنه ﻻ توجد معلومات دقيقة وموثقة عن تورط رموز نظام صالح في التربح من نشاط غير شرعي تقليدي، غير ما هو معروف للعامة عن طريق وسائل اﻹعﻻم، بل إن طريقة التربح الرئيسية كانت تتم عبر ما يمكن وصفه بالفساد المقنن، فسيطرة المؤتمر الشعبي العام _الحزب الحاكم_ على السلطة التشريعية أتاح ﻷركان النظام السابق فرصة صياغة تشريعات تنحاز الى النخبة الحاكمة بما يخدم مصالحها المباشرة وبما يسهل بشكل كبير عملية إستغلال النفوذ السياسي عن طريق قوانين صادرة عن برلمان تسيطر عليه في نهاية المطاف عن طريق التزوير الفج حفنه من رجال اﻷعمال المقربين من دوائر السلطة.

لذا فقد كان رجال اﻷعمال جزءا من النظام الديكتاتوري الحاكم فيما يشبه ما يعرف في أدبيات العلوم السياسية بالنظام البلوتوقراطي (حكم رجال اﻷعمال أو اﻷثرياء)، بما أن عمل هؤﻻء كان يتم بشكل قانوني من الناحية الفنية، فلم يكن هنالك دافع الى التهرب وإخفاء اﻷموال عن عين السلطة كجزء ﻻ يتجزأ منها، وكان العديد من هذه اﻷرباح تعلن بهيئة ميزانيات الشركات التي يمتلكونها، لذا يعتقد أن الدافع الرئيسي لخروج تلك اﻷموال هو حالة عدم اﻹستقرار السياسي واﻹقتصادي واﻹضطرابات واﻹجتماعية التي شهدتها اليمن قبل وبعد ثورة 11فبراير 2011م، وفي هذة الحالة يشخص الفساد أنه حالة إستغلال للنفوذ السياسي المستمد في تشريعات مشكوك في نزاهتها، وليست بالضرورة أن يكون الفساد بمعنى مخالفة القانون ومحاولة تفادي وإخفاء اﻷموال واﻷنشطة عن الدولة، لذلك فان فساد علي صالح والنخبة الحاكمة في اﻷساس مرتكن على أجهزة الدولة والقوانين ويعتمد عليهما إعتمادا كليا.

وكما ذكرت سلفا أن الدافع الرئيسي الى تهريب منافع هذا النوع من الفساد الذي يتم برعاية الدولة وقوانينها هو الخوف من عدم اﻹستقرار السياسي وإمكانية زوال الحماية التي تكفلها الدولة لمرتكبي الفساد يزول بزوال النظام السياسي وإستبدالة بأخر، ولهذا تزداد ظاهرة تهريب اﻷموال مع زيادة اﻹحتقان واﻹضطراب السياسي وهذا ما سيجعل اليمن في حالة اللاستقرار لفترة طويلة تتيح للنظام السابق إعادة إنتاج نفسه في أوجه مختلفة كما هو الحال في الحرب الدائرة كأحدى وسائل العودة للحكم بإستخدام كافة اﻷوراق السياسية والمناطقية والمذهبية، إﻻ أن ما يستوجب على الحكومة اليمنية أن تجعل ما هذه اﻷموال أحد العوامل الرئيسية لمراعاة المنافع المشتركة وخلق حالة من التعاون الجاد وفقا للمصالح المتبادلة مع تلك الدول التي بحوزتها اﻷموال المنهوبة لرموز النظام السابق لكي توقف التعامل مع نظام صالح ودعمه في الحرب على اليمنيين بغية عودتة الى الحكم وكسب موقف هذه الدول لصالح الحكومة اليمنية الشرعية، وعليها بإختصار إيقاف الابتزاز السياسي التي تمارسة الامارات على الحكومة اليمنية باعادة انتاج النظام السابق وعودته للحكم مستثمرة بحوزتها للاموال المنهوبة للنظام السابق كإحدى أوراق صفقات التصالح وبسطها أكثر على ثروة الجنوب اليمني وميناء عدن بالتحديد، هذا ما جعل الإرادة السياسية اليمنية رهن التهديد واﻹبتزاز والذي تسبب في إعاقة تحرير المدن اليمنية تأخير عودة السلطات الشرعية الى الداخل.

قراءة 3589 مرات آخر تعديل على الإثنين, 26 تشرين1/أكتوير 2015 19:08

من أحدث علاء توفيق

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة