أزمة الحوثيين في اليمن.. تصاعد الإرهاب والقلق الدولي مميز

  • الاشتراكي نت / ترجمة - عبدالرحيم الكسادي

السبت, 06 نيسان/أبريل 2024 23:00
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

في يناير 2021، قامت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب بتصنيف ميليشيا الحوثيين كمنظمة إرهابية. كانت تلك الخطوة مصدر خيبة أمل مؤلمة للحوثيين، حيث أدت إلى تقليل قدراتهم وتقييد أنشطتهم الإرهابية. مع ذلك، أثارت تلك الخطوة موجة من الانتقادات حول العواقب المحتملة لجهود التهدئة الدولية، ومستقبل العملية السياسية في اليمن، وتوصيل المساعدات الإنسانية وسلاسل التوريد الغذائي إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

بعد شهر من تولي الرئيس جو بايدن منصبه في عام 2021، تم إلغاء ذلك التصنيف نظرًا لتلك المخاوف. ومع ذلك، لم تسفر هذه الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز مسار السلام في اليمن عن نتائج، وتفاقم الوضع السياسي والاقتصادي والإنساني بشكل غير مسبوق في الثلاث سنوات التي تلت هذا الإلغاء.

ونتيجة للهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون على الشحن الدولي وخطوط التجارة في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وخليج عدن، قامت إدارة بايدن بإعادة النظر في قرارها وأعادت تصنيف الحوثيين في 17 يناير. وتلاشت الأصوات المعارضة لهذا القرار بعد أن أصبح واضحًا أن الحوثيين يشكلون تهديدًا ليس فقط لليمن والمنطقة بل أيضًا للعالم. ويترتب على هذا التهديد عدة تداعيات.

أولاً، وجدت الولايات المتحدة أن إلغاء التصنيف قد أرسل إشارات خاطئة للحوثيين حيث اعتبروها إشارة خضراء لاستئناف التصعيد. في الوقت نفسه، لاحظت إيران ذلك على أنه إشارة لها لفرض المزيد من التأثير والسيطرة على المنطقة. وبعد ما يقرب من شهر من سحب الولايات المتحدة للتصنيف في عام 2021، قام الحوثيون بتصعيد الهجمات باستخدام صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار مصنوعة في إيران ضد منشآت الطاقة في عدة مدن سعودية.

وفوق كل هذا استمر الحوثيون في ارتكاب الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، وتمتد العمليات العدائية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. قامت الجماعة بمنع تمديد هدنة الأمم المتحدة في عام 2022، ودمرت جهود التهدئة والسلام بناءً على طلب من إيران. وانتهك الحوثيون أيضًا قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلقة بالأزمة اليمنية. كما استغل الحوثيون حماسة المجتمع الدولي لحل الوضع بشكل سلمي، حيث أعادوا تجميع صفوفهم وحشدوا جنودهم إلى جبهات القتال، وتجميع الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية المهربة من إيران.

في نوفمبر 2023، أقال الحوثيون الممثل المساعد للجنة حقوق الإنسان، صفير الدين السيد. ولم تكن تلك الإقالة غير مسبوقة، حيث جاءت بعد ثلاث  سنوات من رفض الحوثيين دخول ممثل اللجنة في عام 2019.

وقد قاموا أيضًا بسجن عدة موظفين من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بما في ذلك شركة بروديجي سيستمز Prodigy Systems ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، واخفائهم قسريًا لمنعهم من تنفيذ اعمالهم. في احد المرات، قاموا بتعذيب موظف من منظمة "إنقاذ الأطفال Save the Children" حتى الموت.

كما استمر الحوثيون في الاستيلاء على المساعدات النقدية والغذائية، وتحويل الأموال والإمدادات لأعضائهم، وبيع المواد الإغاثية، واستخدام الأموال لجذب وتحريك المقاتلين وتمويل حروبهم. وقد دفع هذا الأمر بعدة منظمات إلى تعليق عملياتها ونقل مقراتها إلى العاصمة المؤقتة عدن. وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في ديسمبر 2023 أنه سيتوقف عن العمل في المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين.

واستمر الحوثيون أيضًا في عرقلة جميع المساعي والحلول الحكومية، بما في ذلك آلية الأمم المتحدة لتخصيص عائدات ميناء الحديدة لتسوية رواتب الموظفين العاملين في المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين. واستمر الحوثيون في حصار تعز.

وقام الحوثيون أيضًا بشن حرب اقتصادية على الحكومة عن طريق حجب صادرات النفط وشحنات الغاز الطبيعي من محافظة مأرب. إضافة إلى ذلك، فقد فرضوا رسومًا على السلع القادمة من المناطق المحررة لتعطيل ميناء عدن، مما أثر على ميزانية الدولة، وأثر على قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها في المناطق المحررة، وشل قدرتها على دفع رواتب الموظفين العامين.

منذ بداية نوفمبر 2023، قامت ميليشيا الحوثي بتوجيه موجة من القرصنة البحرية والهجمات الإرهابية على السفن التجارية وناقلات النفط في ممرات الشحن البحري الدولية، للضغط على إسرائيل لرفع حظرها عن قطاع غزة.

لقد تجاهل الحوثيون الآثار الكارثية لهذه الهجمات على أسعار الشحن ورسوم التأمين على السفن التي تدخل موانئ اليمن، فضلاً عن آثارها على تكاليف الغذاء والسلع الاستهلاكية. إن أفعالهم تهدد بمضاعفة العبء على اليمنيين، الذين يعتمدون على الواردات لتلبية تسعين في المائة من احتياجاتهم.

قرار إدارة بايدن بسحب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية ساهم في تعقيد الأزمة اليمنية، مما أدى إلى تمديد الحرب وتفاقم معاناة الإنسان، ودفع السلام إلى ما بعد متناول اليمنيين. كان هذا هدية لإيران وساعد في تعزيز سياساتها الخبيثة والأنشطة الإرهابية في اليمن والمنطقة على حد سواء.

لتجنب تكرار نفس السيناريو، يجب اتباع نهج جديد لمواجهة الحوثيين.

لن يحل تشكيل تحالفات لحماية التجارة الدولية وشن ضربات محدودة ضد الحوثيين المشكلة. يجب على المجتمع الدولي أن يعيد النظر بشكل شامل في كيفية التعامل مع مشكلة اليمن لتجنب تكرار الأخطاء نفسها. ليس من الكافي معالجة الأعراض. يجب التحدث عن الأسباب الجذرية للمشكلة: الحوثيون.

من واجب المجتمع الدولي تنسيق استجابة لأعمال الحوثيين وفرض تخليهم عن تكتيكاتهم الإرهابية. بالإضافة إلى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، يجب على الحكومات تجفيف الموارد النقدية والسياسية والإعلامية. ويشمل ذلك تقييد التجارة وفرض عقوبات على قادة الحوثيين وتجميد أصولهم وتقييد سفرهم. لن تهدد هذه الإجراءات قنوات الحوار الضرورية لأي حل سلمي مستقبلي ولكنها ستضغط على الحوثيين.

يجب أيضًا على الشركاء الدوليين دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الذي يتزعمه الرئيس رشاد محمد العليمي. تطالب الحكومة اليمنية بالدعم السياسي والإنساني والعسكري لإصلاح البلاد. فشل التعامل مع الأسباب الجذرية للنزاع سيؤدي إلى تكرار الأخطاء التاريخية التي تم ارتكابها مرارًا وتكرارًا. يمكن أن يأتي هذا النهج المقترح بالأمان والاستقرار في جميع المناطق اليمنية ويوقف الأنشطة الإرهابية للحوثيين التي تهدد السلام الإقليمي والدولي.

قراءة 781 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة