طربوش سيرة العطاء والتضحية

الخميس, 23 آذار/مارس 2017 20:59 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ما يزال جانبا مهما من تاريخ اليمن المعاصر مجهولا خاصة منه ما يتعلق بدور اليسار واليساريين واسهاماتهم في صنع التحولات الوطنية ولعل السبب الرئيسي في ذلك يكمن بحالة القصور والتحريف التي اعترت اعمال تدوين التاريخ.

وعزوف الكثير من مناضلي اليسار عن كتابة  مذكراتهم وعجز المبادرين منهم عن نشرها ورغم ذلك فإن ثمة اسماء لامعة لكوكبة من رجالاته ظلت ومازال تفرض حضورا قويا باعتبارها صاحبة بصمات هامة  في مسار التحولات التاريخية التي شهدتها اليمن.

 يأتي في المقدمة منها اسم الاستاذ العميد محمد طربوش الشرجبي كمناضل ذائع الصيت والذي يبرز حضوره التاريخي  من كونه احد أوائل المنخرطين  في  ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ١٩٦٢ في شمال الوطن  واحد المناضلين الذين تصدروا الدور البطولي في الدفاع عنها وإسهامه الكبيرة في تشكيل نواة الجيش الوطني في الدولة الناشئة عقب الثورة وتأسيس طلائع العمل الحركي والحزبي وسطع نجمه  كأحد اهم القيادات البعثية الى جانب رموز وطنية كبيرة من أمثال الاستاذ يحيى محمد الشامي والاستاذ انيس حسن يحيى والاستاذ حسن شكري واخرين لا يتسع المجال لذكرهم.

 و يسجل له الكثير من اقرانه ورفاقه كصاحب دور محوري في نشاط البعثيين خاصة خلال الأعوام 1973 و1974 حينها كان مسؤولا عن المنظمة الحزبية العسكرية والتي وجد منتسبيها أنفسهم عرضة لحملات ملاحقة واسعة واعتقالات متواصلة.

 فكان  الرفيق المناضل  محمد طربوش السند للمعتقلين والملاذ الامين للملاحقين واستطاع بخبرته وعلاقاته ودعمه المادي والمعنوي لعب دورا هاما في حماية التنظيم وسلامة اعضائه  .

وكان له ورفاقه المذكورين الدور الاهم في قيادة التحول الفكري والتحديث داخل تنظيمهم السياسي بالانفتاح والانتقال لانتهاج الاشتراكية العلمية والاسهام بشكل كبير في توحيد العديد من اهم الفصائل الاساسية لليسار اليمني في الشمال والتوحد في اطار حزب الوحدة الشعبية فرع الحزب الاشتراكي اليمني بالشمال حينذاك والذي لطالما خاض من خلاله  مشوارا نضاليا صعبا وتولى في إطاره  العديد من المواقع القيادية ووصوله لعضوية اللجنة المركزية للحزب وتعزز نشاطه كأحد  قادة العمل الكفاحي في المناطق الوسطى.

 وكان له من الدور الجسور  الى جانب رفاقه من مناضلي الجبهة الوطنية بإدارة تلك الاحداث وتعزيز التنظيم الجديد بالمزيد من رجالات العمل الوطني ورفع مستوى وعيهم الوطني وتقوية وتوسعة دورهم النضالي وترتيب إطرهم التنظيمية. 

ربما قد لا اكون موفقا في تناول طبيعة الدور النضالي لرجل يمتلك رصيد نضالي زاخر كالمناضل محمد طربوش لمعرفتي المحدودة به نظرا لحجم الفارق الزمني الكبير الذي يفصل بين جيلي والجيل الذي يمثله فقيدنا الكبير ما يعني عدم المعاصرة  لتلك الاحداث التي كان احد الفاعلين فيها  لكن الفرص الكثيرة التي وضعتني على مقربة كبيرة من رجالات عاصرت الفقيد وشاركته مشقة النضال وكان للبعض منهم فضل الأستاذية علي سواء  من كان  فيهم من اهلي الاقربين او من قيادتي الحزبية اضافة لمناضلين اخرين غيرهم ممن جمعني واياهم رابط الانتماء التنظيمي والعمل السياسي في الحزب الاشتراكي ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيد الخالد جارالله عمر وعبدالكريم عمر و صالح قايد الكهالي وزيد قايد الكهالي وعبدالواحد المرادي وحسن شكري و يحيى الشامي وعلي الصراري  واحمد السلامي والدكتور محمد قاسم الثور وَعَبَد الحميد حنيبر وعلي عُبَّاد الحصيني والمرحوم مسعد احمد الحدي والشهيد صالح العواضي وَعَبَد الولي المقداد وعبدربه الذيب العواضي والعميد محمد عبيد الصيادي ورشيد ماجد غانم وعبدالله محمد احمد والدكتور عبدالقادر علي عبده وعبده مرشد  والمحامي  طاهر منصور وعبدالله الصباري وناجي عمر العداشي ومانع الحاج  وطاهر مدار ومثنى السلامي وغيرهم الكثير من قياديي ومناضلي الحزب والذين لطالما خضت معهم الحديث عن تاريخ الجبهة الوطنية وطبيعة دور مناضليها الامر الذي يفرض علي بالضرورة المشاركة بقول شيء في هذا المقام على الأقل ولو من باب نقل الانطباعات التي سجلت لدي تجاه شخصية هذا الهامة الوطنية ومكانته وبما عُرف عنه من الصفات الشخصية الحميدة والمواقف التاريخية باعتباره من اخلص المناضلين الشجعان الذين تحلوا بثبات الموقف وصدق الراي وتجشمه المعاناة تكثير العناء  طيلة مشواره الكفاحي وتعرضه للملاحقة من قبل الأنظمة المتعاقبة واعتقاله اكثر من مرة وبما مثله من رمزية وطنية  كأحد افراد العمل الوطني  القلائل الذين نذروا انفسهم رخيصة وكان عندهم من الاستعداد الكبير لتقديم ارواحهم  ثمنا للقيم والمبادئ التي امنوا بها وفي سبيل حلم قيام الدولة اليمنية الواحدة  اضافة الى ما كان يتمتع به من قدرات قيادية كأحد المسؤولين الذي أوكل اليهم مهام قيادة  العمل العسكري والسياسي في الجبهة وتوليه المباشر  للجانب اللوجستي  وتمكنه من ادارته  بمستوى عال من الحنكة والاقتدار.

 ويُحفظ له عند الكثير من المناضلين فضل المساهمة في حماية رفاقه وضمان حقوقهم وكثيراً ما كان يشار اليه بأنه استطاع بحكم موقعه المسؤول  وطبيعته شخصية المنظمة من اعداد ارشيف مرتب جامع كمنت اهميته بما كان يحتويه من  اسماء ووثائق مثلت مرجعا دائم في العديد من القضايا والاشادة ببراعته  في احتواء العديد من الاشكالات وحلها.

 وكنت شخصيا قد التمست شيء من هذا حينما كلفت من قبل الامانة العامة للحزب ضمن فريق برئاسة الدكتور محمد المخلافي والذي كان يشغل حينها رئيس الدائرة القانونية لمتابعة قضايا المبعدين والمسرحين بسبب حرب٩٤ واصحاب الأرقام الجماهيرية حيث واجهتنا مشكلة الحصول على وثائق تحوي اسماء اعضاء  الحزب وارقامهم  المالية  بعد نهب ارشيف الحزب الاشتراكي اليمني خلال حرب صيف العام اربعه وتسعين ما اضطرنا للبحث عن بدائل من بينها تكليف عدد من الرفاق للتواصل بالمناضل محمد طربوش والذي وجدوا لديه ما يلزم من المعلومات ورغم التقلبات التي نجمت بسبب تلك الحرب المشؤمة  والظروف الناجمة عنها والتي دفعت بعدد من المناضلين للتنازل والتخلي عن اوضاعهم وزجت بهم للانحناء من اجل تجنب بعض محن الحياة وصعابها المفروضة عليهم قسرا جراء ممارسات اشكال الضغط و الاقصاء والتسريح من أعمالهم والمساس  بحقوقهم الاساسية من قبل المنتصرين بالحرب والتي لم يسلم منها مناضلنا الكبير محمد طربوش عضو اللجنة المركزية للحزب ومستشار وزير  الدفاع في دولة الوحدة لكنه استطاع المقاومة  وتحمل المعاناة وبقي صامدا على إيمانه بالقيم والمبادئ التي عاش وناضل في سبيلها الى وافته المنية رحم الله الفقيد الكبير واسكنه الجنة وانا لله وانا اليه راجعون.

قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet

 

قراءة 2010 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة