دكتور ياسين .. نعم لا نريد أصناماً

الثلاثاء, 23 كانون1/ديسمبر 2014 18:34
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

برغم كل الحملات التي تعرض  لها المفكر السياسي المثقف والأديب الشاعر والروائي  الدكتور ياسين سعيد نعمان منذ انتخابه أميناً عاماً للحزب الإشتراكي اليمني في المؤتمر العام الخامس 2005 حتى انتخاب اللجنة المركزية للإشتراكي الخميس 18 ديسمبر 2014م د. عبد الرحمن عمر السقاف خلفاً له في أول اجتماع لها عقب نجاح المجلس الوطني الحزبي للإشتراكي .. برغم كل الحملات من الخصوم السياسيين  خارج الحزب ومحاولات الإغتيال المتعددة والتكفير التي استهدفت الرجل ظل ياسين طيب القلب واسع الصدر مستمعاً لهموم الناس وفي المقدمة أعضاء الإشتراكي قيادات وقواعد يتألم لما يعانون دون أن يقدر العمل لهم إلا ما تيسر نظراً لتعنت الحكام واستمرارهم حصار الحزب بعد فشل محاولة اجتثاثه بحرب 94م المشئومة  نتيجة لصمود قيادة الحزب ومنظماته واعضاءه.

وقد تحدث د. ياسين بوضوح حول المعاناة في مرات كثيرة ورددها في أكثر من مقابلة صحفية وتلفزيونية واجتماع حزبي  وقرأ وسمع ذلك الكثيرون ويحفظون للرجل الجميل والحب لكن ما باليد حيلة إذا لم ينصف الناس من  ظالميهم فالأمر يحتاج نضالاً بلا هوادة فليكن شعار الإشتراكيين " عاد المراحل طوال "

لكن المؤسف والمحزن أنه كانت تترافق حملات الخصوم  ضد ياسين من خارج الحزب مع حملات من بعض الرفاق في الحزب أو اليساريين المقربين من الإشتراكي  وتتذرع بالنقد تارة وبتوهيمات وتخريجات أن الأخرون لا يستحقون النقد أو لسنا معنيون بنقدهم وهناك من كان يحمل د. ياسين صراحة كل انتكاسات وارتكاسات العلمية السياسية وفشلها دون  أن يوجهون نقداً واحداً للمسبب الحقيقي لذلك .

فتشوا في خطاباته ومقابلاته وتصريحاته ومقالاته  وكلماته وكتبه واجتزأوا منها ما يشبع نهمهم في النيل من الرجل بعضهم اسبابه معروفة خصوصاَ خصوم الإشتراكي ومن حاربوه منذ التكوين حتى اليوم وبعضهم من يدعون اليسارية والحرص على الإشتراكي فلا زال كثيرون يتسألون ويجهلون الأسباب والدوافع لحملاتهم  الشرسة والقاسية على الرجل وعندما تسأل أحدهم  لماذا ياسين فقط ؟ يأتي الرد باهتاً غير مقنعاً إلا من افتراض المثالية والمطالبة بالمثال ولو وضعوا هم امام محك أو تجربة صغيرة تنهال التبريرات واختلاق المبررات .

 لقد وصلت تناولات وتعليقات البعض الى كيل التهم والتجريح في بعض الأحيان بل تعدت ذلك الى تحميل الرجل كل أوزار المرحلة وحتى قبيل انعقاد المجلس الحزبي للإشتراكي كان  هناك من يحاول تكييف تخريجات بأن المجلس الحزبي صناعة " ياسينية " للهروب إلا أن الرجل كقامة سياسية ومثقف من طراز رفيع ظل مترفعاً عن ما كان يراها بعض صغائر البعض أو حباً في المناكفة أو الظهور أو حالة من حالات مرض النخب والسياسيون وفي مقدمتها البحث عن دور ما أو إشباع غرور " حتى القامة ياسين انا انتقده ".

وكان  الكثير  مما ينشر أو يتم التعليق به في صفحات التواصل الإجتماعي لا علاقة له بالنقد الموضوعي  إلا ما ندر وبكل تأكيد  الدكتور ياسين كرجل سياسة وفكر وأمين عام حزب هو أنسان له اجتهاداته قد يصيب وقد يخطى وواجب هيئات الإشتراكي نقده وتقويم وقبول أو رفض ما يطرحه أو يتخذه إن كان أتخذ قرارات أو مواقف دون الرجوع الى الهيئات وعلى مسئوليته مع علمي الأكيد أن ذلك لم يحصل فهناك الأمانة العامة للحزب وهناك المكتب السياسي ولو بالتمرير والتشاور.

وبرغم كل ما قاله خصوم الدكتور ياسين من تشكيك  حتى في موقفه بترك الأمانة العامة للحزب للإنتخاب الحر والمباشر دون أن يرشح نفسه أو يسمح بترشيح غيره له برغم المطالبات والإستجداء والهتافات والمناشدات من الرفاق سواء في المجلس الحزبي أو من منظمات الحزب إلا ان ياسين  فعلها وأحدث أكبر عملية تغيير في بنية الحزب .

تدرون لماذا فعلها ياسين؟ الإجابة ببساطة لإنه دوماً صادقاً مع نفسه أولاَ ومتسقاً مع ما قاله ذات مرة في لقاء صحفي في ابريل 2006 مع صحيفة الراية القطرية عندما قال بتدوير المناصب القيادية في الحزب وقال بالفم المليان " لا نريد اصناماً" عندما اطلق دعوته الواضحة الى أحداث تغيير داخل بنية الحزب تتجاوز ما ألفته الأحزاب السياسية في اليمن من " تمسكها بالقيادة التاريخية لها حتي تحولت معظم قيادات تلك الأحزاب الي أصنام وديناصورات وما يشبه المقدسات التي لا يستطيع أحد أن يزحزحها من مكانها وهذا الوضع أثر علي اداء ودور الهيئات داخل الأحزاب"

وقال الدكتور ياسين في ذلك اللقاء الصحفي صراحة " الغاية هو أن نخرج الحزب الاشتراكي اليمني من أزمة بنيوية يرزح تحت وطأتها منذ عقود - وهذه الأزمة لا يعاني منها الحزب الاشتراكي فقط بل تعاني منها جميع الأحزاب اليمنية والعربية وخاصة تلك التي نشأت وقامت علي أسس أيديولوجية وعقائدية صرفة. ولذلك عندما طرحنا في قيادة الحزب مقترح تدوير المناصب القيادية داخل مختلف تكوينات الحزب كان الهدف الأساسي منه هو تجنب صناعة الأصنام" 

 وأضاف ياسين " بالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني نحن نريد ونسعي الي ان نتجنب صناعة الأصنام ونتجنب تقديس القيادات التاريخية- وذلك من خلال تعزيز مكانة الهيئات التنظيمية والحزبية داخل الحزب حتي تؤدي مهامها ودورها (... ) وفي تقديري الشخصي بأنه اذا أردنا لحزبنا الحزب الاشتراكي اليمني ان يتجدد وان يتجاوز كل الصعوبات التي تعترضه فإن علينا ان نعمل على تدوير نشاط وعمل القيادات فيه حتي نحدث حراكاً داخلياً في تكويناته وأطره"  

والحق أقول أن المناضل والمفكر السياسي والمثقف والشاعر والروائي الدكتور ياسين سعيد نعمان كان  وسيظل من أبرز وأصدق رجالات السياسة والفكر الطامحين للتغيير "والذين تجاوزت وطنيتهم قواعد ومربعات الآيدلوجيات المغلقة وعبرت وحدويتهم حدود الجغرافيا " بتعبير الكاتب توفيق الشنواح . فقد كان ياسين يدرك بحدسه وادواته التحليلية أنه كل ما حبا الله هذه البلاد بصادقين يصلون الى مواقع اتخاذ القرار وهم يحملون بقلوبهم وعقولهم وايديهم مشاعل التنوير والتغيير " المشروع الوطني الكبير " سرعان ما  تحاصرهم مكائد ومؤامرات ودسائس الغدر والتعطيل وهي أدوات قوى التخلف الرافضة للتغيير التي تتلون كالحرباء في مواقفها لأنها ببساطة  تحمل مشاريع صغيرة أو لا تحمل مشاريع في الأصل ..! لذلك ظل الدكتور ياسين يردد باستمرار هاتوا مشاريعكم فلا مجيب .

لقد خلف لنا الرجل الكثير من الكتابات والمقابلات الصحفية والتلفزيونية والكلمات والمواقف العملية من خلال السلوك السياسي وكلها تحمل  فكراً سياسياً صادقاً ورؤى ثاقبة وتحليلاً صائباً وقليلون يعرفون أن الدكتور ياسين شاعراً وروائياً متمكناً  يغترف من ينابيع بيئة زهد واشباع روحي رفيعة المقام ومن يريد معرفة الكثير حول هذا الجانب يقرأ روايته " جمعة ذات الخمسة الأسماء " سيجد فيها الكثير من التعبيرات والمصطلحات والسرد المعبر عن الزهد والتصوف والإشباع الروحي.  

وأخيراً: الأن و قد غادر الرجل موقع الأمين العام للإشتراكي لا اجد حرجاً في دعوة كل الذين هاجموا  ياسين متذرعين تارة بحقهم في نقد الرجل باعتباره يمارس العمل السياسي العام وتارة بالحرص الزائف على الإشتراكي والمثال الطوباوي الذي في تصوراتهم وخيالاتهم بعيداً عن الممارسة السياسية اليومية أن يراجعوا مواقفهم تلك فالدكتور ياسين انجز ما وعد به في 2006 وقاله لصحيفة الرأية القطرية وفي لحظة من لحظات الصدق مع أنفسهم سيعرفون جيداً انهم تحاملوا على الرجل فقد نفذ المجلس الحزبي  للإشتراكي أكبر عملية تجديد وتشبيب للحزب وأوفى ياسين بما وعد به " لا نريد أصناماً (...) والهدف الأساسي تجنب صناعة الإصنام "

قراءة 1916 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة